في هجوم مُدمر يسلط الضوء على وحشية الصراع المستمر في السودان، ذبـ ـح مقاتـ ـلون من قوات الدعم السريع شبه العسكرية ما لا يقل عن 85 شخصًا، بينهم نساء وأطفال، في قرية جالجاني بوسط السودان. هذه الفظائع هي جزء من نمط أوسع من العنف الذي عصف بالبلاد على مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية.
بدأ هجوم قوات الدعم السريع على جالجاني، الواقعة في ولاية سنار السودانية، في أواخر يوليو.. ووفقاً لوزارة الخارجية السودانية، تصاعد العنف الأسبوع الماضي عندما أطلق مقاتلو قوات الدعم السريع النار بشكل عشوائي على سكان القرية العزل بعد أن واجهوا مقاومة أثناء محاولتهم اختطاف النساء والفتيات والاعتداء عليهن جنسياً. وأدى الهجوم إلى إصابة أكثر من 150 قرويًا وأحدث صدمة في المنطقة.
وفقا لأسوشيتد برس، ترسم روايات شهود العيان صورة مروعة للهجوم الذي استمر لساعات. وصف ثلاثة سكان كيف اقتحم مئات من مقاتلي قوات الدعم السريع القرية، ونهبوا المنازل، وأضرموا النار في الممتلكات، وقتلوا أي شخص في طريقهم. وجاء الهجوم بعد هجوم أولي فاشل شنته مجموعة أصغر من قوات الدعم السريع، لكن القرويين صدوه. وعادت القوة شبه العسكرية بأعداد أكبر وأسلحة ثقيلة لتطغى على دفاعات القرية.
أفاد عامل رعاية صحية محلي، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة، أنه بحلول يوم الجمعة، استقبل المركز الطبي في القرية ما لا يقل عن 80 جثة، بما في ذلك 24 امرأة وطفل. وتركت آثار المذبحة الشوارع مليئة بالجثث، حيث شعر السكان بالخوف الشديد من استعادة جثثهم.
إن قوات الدعم السريع، المستمدة في الأصل من ميليشيات الجنجويد سيئة السمعة المسؤولة عن الإبادة الجماعية وجرائم الحرب في دارفور قبل عقدين من الزمن، لديها تاريخ طويل من العنف وانتهاكات حقوق الإنسان. منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023 بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية، اتُهمت الجماعة مرارًا وتكرارًا بارتكاب مجازر واغتصاب وغيرها من الانتهاكات الجسيمة في جميع أنحاء البلاد.
ووصف محمد تاج أمين، وهو قروي من جلجاني، المشهد المروع للجثث الملقاة في الشوارع، والمتروكة بسبب الخوف من انتقام قوات الدعم السريع. وأضاف أن "الجنجويد موجودون في الشوارع والناس غير قادرين على انتشال قتلاهم ودفنهم"، مسلطا الضوء على مناخ الرعب الذي زرعته قوات الدعم السريع في المنطقة.
يأتي الهجوم على جالجاني في وقت تعثرت فيه الجهود الدولية للتوسط في السلام بين الفصائل المتحاربة في السودان. وقادت الولايات المتحدة الجهود الأخيرة لاستئناف محادثات السلام، حيث اجتمع دبلوماسيون من المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في جنيف. وبينما أرسلت قوات الدعم السريع وفداً إلى المحادثات، قاطع الجيش السوداني المناقشات، مما أدى إلى إضعاف الآمال في التوصل إلى حل.
أعرب المبعوث الأمريكي الخاص للسودان، توم بيرييلو، عن إحباطه إزاء المأزق، مشيرًا إلى أن قوات الدعم السريع "مستعدة لبدء المحادثات" لكن القوات المسلحة السودانية بحاجة إلى اتخاذ قرار بالمشاركة. وقد سمح عدم إحراز تقدم في مفاوضات السلام باستمرار الصراع بلا هوادة، مع ما يترتب على ذلك من عواقب مدمرة على السكان السودانيين.
أدت الحرب في السودان إلى واحدة من أخطر الأزمات الإنسانية في العالم، حيث أدى الصراع إلى نزوح أكثر من 10.7 مليون شخص، وفقا للمنظمة الدولية للهجرة. وقد فر أكثر من مليوني سوداني إلى البلدان المجاورة، في حين تأكدت المجاعة في مناطق مثل دارفور، حيث يعيش النازحون في ظروف مزرية.