كان الصراع في غزة قد بدأ للتو عندما واجه خالد جودة البالغ من العمر 9 سنوات مأساة لا يمكن تصورها.
في 22 أكتوبر، دمرت غارة جوية إسرائيلية منزله، ما أسفر عن مقتل والدته وأبيه وأخيه الأكبر وأخته الرضيعة وكان خالد وشقيقه الأصغر تامر، البالغ من العمر 7 سنوات، من بين الناجين القلائل، لكن تامر أصيب بجروح خطيرة، بما في ذلك كسر في الظهر والساق.
وفقا لنيويورك تايمز، رغم معاناته، حاول خالد أن يكون ركيزة قوة لتامر، وكثيرًا ما كان يواسيه بكلمات تتناقض مع عمره. كان يقول محاولاً مواساة أخيه: "ماما وبابا في الجنة". ولكن عندما حل الليل واستؤنفت الغارات الجوية الإسرائيلية، أصبح رعب خالد واضحا. كان يستيقظ وهو يرتجف ويصرخ ويركض إلى عمه.
مصير خالد وعائلته يرمز إلى الأثر المدمر الذي خلفته الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة على أطفال غزة. وبعد الهجوم الذي قادته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر، شنت إسرائيل قصفاً جوياً مكثفاً على غزة، بهدف تفكيك البنية التحتية لحماس. وكانت النتيجة كارثة إنسانية في واحدة من أكثر المناطق كثافة سكانية على وجه الأرض.
ومن بين عشرات الآلاف من الفلسطينيين الذين قتلوا في الصراع، يقدر مسؤولو الصحة في غزة أن ما لا يقل عن 15 ألف كانوا من الأطفال. وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى نزوح ما يقرب من مليون طفل، وتيتم أكثر من 19 ألف طفل. لقد حولت الحرب غزة إلى ما وصفه المتحدث باسم اليونيسف جوناثان كريكس بأنه "أخطر مكان في العالم بالنسبة للأطفال".
بالنسبة لأطفال غزة الباقين على قيد الحياة، أصبحت الحياة بمثابة صراع يومي من أجل البقاء. ويعيش العديد منهم في ملاجئ مكتظة أو خيام متداعية دون الحصول على الضروريات الأساسية مثل المياه الجارية والصرف الصحي. ويتفشى سوء التغذية، حيث يتعرض آلاف الأطفال لخطر الموت من الجوع.
إن الخسائر النفسية التي يتعرض لها هؤلاء الأطفال مروعة بنفس القدر. كثيرون، مثل خالد، أُجبروا على النمو بسرعة كبيرة، وتحملوا مسؤوليات تتجاوز سنواتهم بكثير. إنهم يساعدون أسرهم في جمع المياه والبحث عن الطعام ونقل ممتلكاتهم القليلة المتبقية عندما تضطر الأسرة إلى الفرار مرة أخرى. في مكان تم فيه استبدال الطفولة بالخوف والخسارة، حتى أفراح اللعب البسيطة أصبحت ذكرى بعيدة.
انتهت حياة خالد القصيرة في 9 يناير عندما ضربت غارة جوية إسرائيلية أخرى المنزل الذي كان يحتمي به هو وتامر وابنة عمهما ندى، البالغة من العمر عامين. وقُتل الأطفال الثلاثة مع جدهم واثنين من أعمامهم. ودُفنت جثثهم، مثل جثث العديد من الضحايا الآخرين، معًا في قبر غير مميز.
ولم يقدم الجيش الإسرائيلي أي تفسير للغارة الجوية التي أودت بحياة خالد. عندما سُئل عن الغارات التي استهدفت منازل عائلة جودة في أكتوبر ويناير، قال الجيش إنه لا يستطيع معالجة الحوادث المحددة دون معلومات أكثر تفصيلا.
إن قصة خالد جودة وعدد لا يحصى من الأطفال الآخرين في غزة تسلط الضوء على الخسائر الفادحة التي خلفتها هذه الحرب على الصغار والأكثر ضعفاً. بالنسبة لأقارب خالد الباقين على قيد الحياة، يتفاقم ألم الخسارة بسبب الشعور العميق بالظلم. وقال عم خالد، محمد فارس، متأسفاً: "لم يكن لهم أي علاقة بأي شيء".