أجاب الدكتور مختار مرزوق عبد الرحيم، العميد السابق لكلية أصول الدين جامعة الأزهر فرع أسيوط، على سؤال: “لماذا سمي يوم القيامة يوم التلاق في سورة غافر؟”.
فقد سمى الله تعالى يوم القيامة في سورة غافر بذلك الاسم المتقدم، قال- تعالى-: ﴿رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ . يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لَا يَخْفَىٰ عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾.
وفي سبب تسميته بذلك خمسة أقوال:
أحدها: أنه يلتقي فيه أهل السماء والأرض، رواه يوسف بن مهران عن ابن عباس.
والثاني: يلتقي فيه الأولون والآخرون، رُوي عن ابن عباس أيضًا.
والثالث: يلتقي فيه الخلق والخالق، قاله قتادة ومقاتل.
والرابع: يلتقي المظلوم والظالم، قاله ميمون بن مهران.
والخامس: يلتقي المرء بعمله، حكاه الثعلبي.
قوله تعالى: "يوم هم بارزون" أي: ظاهرون من قبورهم، لا يخفى على الله منهم شيء.
فإن قيل: فهل يخفى عليه منهم اليوم شيء؟ فالجواب: أن لا، غير أن معنى الكلام التهديد بالجزاء، وللمفسرين فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: لا يخفى عليه مما عملوا شيء، قاله ابن عباس.
والثاني: لا يستترون منه بجبل ولا مدر، قاله قتادة.
والثالث: أن المعنى: أبرزهم جميعًا، لأنه لا يخفى عليه منهم شيء، حكاه الماوردي.
هذا، وفي هاتين الآيتين تحذير شديد لكل ظالم أو آكل للمال الحرام.
تنبيهان: الأول: اعلموا أن حقوق العباد مؤجلة ليوم المعاد ما دامت لم تتب منها برد الحقوق أو استسماح أصحابها.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الظلم ثلاثة: فظلم لا يغفره الله، وظلم يغفره، وظلم لا يتركه.
فأما الظلم الذي لا يغفره الله فالشرك، قال الله: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾، وأما الظلم الذي يغفره فظلم العباد أنفسهم فيما بينهم وبين ربهم.
وأما الظلم الذي لا يتركه الله فظلم العباد بعضهم بعضًا حتى يقتص لبعضهم من بعض».
احذروا يومًا تلتقون فيه مع من ظلمتموهم أمام أحكم الحاكمين: "لمن الملك اليوم لله الواحد القهار".
ولا تعيشوا في الدنيا عيشة المغفلين الذين لم يستعدوا لهذا اليوم العظيم. اللهم بلغت، اللهم فاشهد.