أصبحت المنصات الرقمية إحدى الوسائل المستخدمة لنقل المعلومات المضللة وخطاب الكراهية ونظريات المؤامرة ذات التأثير الضار، خاصة على الأطفال، ولعل الجانب الأكثر إثارة للقلق هنا هو التهديد الذي يشكله الاستغلال والانتهاك الجنسيين عبر الإنترنت.
وأصبح الإنترنت وسيلة الاتصال بالضحايا المحتملة ومشاركة الصور وتشجيع الآخرين على ارتكاب الجرائم في متناول مرتكبي الجرائم الجنسية للأطفال اليوم أكثر من أي وقت مضى.
اتباع السلوكيات السليمة والآمنة
وفي هذا الصدد، أطلقت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" مجموعة نصائح للآباء والأمهات من أجل الحفاظ على أطفالهم وسلامتهم عبر الإنترنت الذى حقق مؤخرا وفقا للإحصائيات ارتفاعا كبيرا للغاية من قبل الأطفال.
وعلى رأس النصائح، اتباع السلوكيات السليمة والآمنة على الإنترنت، من خلال إشراك الطفل في وضع قواعد خاصة حول الاستخدام السليم والآمن للجهاز مثل تحديد الوقت والمكان والمدة المسموح بها مساعدة الأبناء وتوعيتهم بكيفية الحفاظ على خصوصية المعلومات الشخصية خاصةً من الغرباء، والتأكيد على أن ما يحدث عبر الإنترنت يبقى على الإنترنت ومن الصعب حذفه (الرسائل والصور ومقاطع الفيديو).
وتعليم الطفل احترام وتقدير خطورة نشر المعلومات الشخصية للأصدقاء والعائلة، وألا يشاركوا أي معلومات عن الآخرين قد تسبب لهم أي إحراج أو أذى.
إعداد أدوات الرقابة الأبوية
وأوصت يونيسيف بتقديم المشورة بشأن استخدام أدوات الرقابة الأبوية (يمكن تعديلها اعتمادًا على عمر الأطفال).
ونصحت الآباء بتفعيل "البحث الآمن" على المتصفح، إذ تحتوي معظم محركات بحث الويب على وظيفة "البحث الآمن" والتي تسمح للوالدين بتحديد المحتوى الذي يمكن لأطفالهم الوصول إليه أثناء اتصالهم بالإنترنت. توجد عادةً أيقونة "الإعدادات" على الصفحة الرئيسية لمتصفح الويب، كما شدد على ضرورة القيام بتغطية كاميرات الويب عند عدم استخدامها.
اقض وقتا مع طفلك على الإنترنت
ونصحت منظمة يونيسيف الآباء بمشاركة الأبناء الوقت الذى يقضونه على شاشات الإنترنت، واستكشاف مواقع الويب ووسائل التواصل الاجتماعي والألعاب والتطبيقات، فمن الممكن أن تجعل أطفالك يعرضون لك مواقعهم الإلكترونية وتطبيقاتهم المفضلة ونشاطاتهم عليها.
ولمساعدة أطفالك على تحديد مواقع الويب والمحتويات الرقمية الآمنة والموثوقة، يمكنك الرجوع إلى موقع "Common Sense Media"، حيث يوجد في الموقع نصائح مفيدة حول التطبيقات والألعاب والترفيه لمختلف الأعمار.
وشجّع أطفالك على مساعدة أصدقائهم إذا كانوا يتخذون خيارات سيئة أو يتعرضون للأذى والإبلاغ عن الحوادث للبالغين الموثوق بهم.
وتعليم الأطفال كيفية التفاعل بأمان مع الأشخاص "الذين يلتقون بهم" عبر الإنترنت، والحد من مشاركة المعلومات الشخصية مع الأصدقاء الجدد.
اصنع حوارا إيجابيا مع طفلك
ومن أبرز النصائح التحدث مع أطفالك باستخدام التواصل المفتوح والحوار الإيجابي الداعم، وتجنب إصدار أي أحكام عند إثارة الطفل لأي تساؤل، والتأكيد على أنك لن تلومهم أبدا على أي شيء قد يحدث عبر الإنترنت، والانتباه لعلامات الضيق عند طفلك مثل: الانسحاب أو الانزعاج أو الهوس الشديد بالأنشطة عبر الإنترنت، ومراعاة الفروق الفردية بين الأطفال عند التواصل معهم.
على سبيل المثال: تقديم المعلومات بطريقة بسيطة، ويجب على الآباء الاتفاق مع أطفالهم على كيفية التعامل المناسب في حال تعرضهم لأي موقف مزعج أو إساءة عبر الإنترنت، وذلك عن طريق حظر الشخص أو الإبلاغ لشخص موثوق به.
وفي هذا الإطار، قال الدكتور وليد هندي، استشاري الصحة النفسية، إن إدمان الإنترنت يعتبر أحد أعراض الإدمان السلوكي، يسمى علميا إضراب الانترنت، حيث إنه نوع من أنواع المخدرات، فالمخ يفرز بعض المواد التي لا يتم إفرازها إلا عند تناول المواد المخدرة، ولذلك يكون له آثار سلبية سواء جسمانية أو نفسية واجتماعية.
وأضاف هندي، في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن الإنترنت يساعد الأطفال على الانفصال عن الواقع وتوجهه للعنف والقتل وإيذاء الذات، ومن أخطر أعراض استخدام الإنترنت المفرط لدى الأطفال هو الانشغال العقلي للرغبة في اللعب، وبالتالي لا يركز الطفل إلا في اللعب وبالتالي يكون هناك تأخر في الدراسة، حتى أنه من الممكن أن يتسرب تعليميا أو تفوته الدروس التعليمية، وذلك من أجل السهر أمام هذه الألعاب.
وأشار إلى أن هؤلاء الأطفال يكون لديهم صفة الخوف الاجتماعي من التجمعات، سواء في المدرسة أو النوادي أو الرحلات، حيث إنه اعتاد العزلة والانفرادية، كما أن هذه الألعاب تؤدي إلى افتقاد سلوك الألسنة ونزع المشاعر، من خلال العنف الذين يمارسونه في هذه الألعاب والإنترنت.
وأكد أنه عند استخدام الأطفال لغة الإنترنت والبعد عن هويته ولغته، يحدث له اضطراب الهوية، مشيرا إلى أن لغة الدولة سواء كانت العامية أو الفصحى تساعد على وجود سهولة في التعامل والمعاملات التجارية عبر الإنترنت.
أما عن النصائح التي تحمي الطفل من مخاطر الإنترنت، اختتم هندي: “الأسرة لها مجهود كبير جدا في حماية أولادها من مخاطر الإنترنت، ويجب أن توفر لأبنائها جميع الأنشطة الرياضية المتاحة، أو محاولة دخول الطفل في تنمية هواية لديه، هنا يأخذ من طاقة الطفل ويبتعد عن الألعاب والإنترنت، وتكون أمامه شيئا مملا لا يرغبها تماما، وأيضا تناول وجبة الغداء مع الأطفال من صور التواصل”، موضحا أنها تعد وجبة نفسية، وهو ما كان يحدث قديما في الأسرة المصرية.