لاشك أن ما يطرح السؤال عن هل صوت الغراب يدل على الموت ؟ هو اعتقادات الناس المتشائمة عن الغراب ، والذين يعدونه نذير شؤم، وقد يكون كثرة تواجد هذا الطائر في بعض الجنائر هو ما يطرح السؤال عن هل صوت الغراب يدل على الموت ؟، وحيث إن الأمر يرتبط بهذا المصير الحتمي - الموت - من هنا تنبع أهمية الوقوف على حقيقة هل صوت الغراب يدل على الموت ؟ لعل مخاوفنا تهدأ ولو قليلاً.
هل صوت الغراب يدل على الموت
ورد عن حقيقة هل صوت الغراب يدل على الموت؟، أنه لا أصل له ، حيث إن نعيق الغراب لا يدل على موت شخص، كما ينبغي الانتباه إلى حرمة التطير، فجميع الأحداث الحاصلة في الكون حصلت بقضاء الله وقدره، قال الله تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ {القمر:49}، وقال تعالى: مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ {التغابن:11}، وفي الحديث: وتؤمن بالقدر خيره وشره. رواه مسلم، وفي الحديث: كل شيء بقدر حتى العجز والكيس. رواه مسلم.
ثم إنا لم نجد ذكرا لهذا الخبر عن سليمان عليه السلام، وقد ثبت أن سليمان عليه السلام كان يعلم لغة الطير، كما قال تعالى: وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ {النمل:16}، وذكر البغوي في التفسير عن كعب الأحبار: أن سليمان قال: والغراب يدعو على العشار، والحدأة تقول: كل شيء هالك إلا الله.
وقد ذكر ابن حجر في الفتح أن التشاؤم بالغراب والاستدلال بنعابه على الشر والخير من أعمال الجاهلية فأبطل الإسلام ذلك، قال: وكان أهل الجاهلية يتشاءمون به فكانوا إذا نعب مرتين قالوا آذن بشر وإذا نعب ثلاثا قالوا آذن بخير فأبطل الإسلام ذلك وكان ابن عباس إذا سمع الغراب قال: اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا إله غيرك ، وقال بعد كلام: ووقع في فتاوى قاضي خان الحنفي: من خرج لسفر فسمع صوت العقعق فرجع كفر. انتهى، والعقعق نوع من الغربان.
أسباب نعيق الغراب
ورد أن هنالك عدة أسباب لنعيق الغربان واختلفت الآراء حول ذلك، ولكن السبب الذي اجتمعت الآراء حوله هو تكوين الجنازات، تبدأ الغربان بإطلاق صوت نعيق جماعي، حتى تجتمع الغربان، وتقوم بتكوين جنازة لأمواتهم، ومن الممكن أن تكون هذه الأصوات تعبيرًا على حزنهم لفقدانهم لأقرانهم.
فيما تقول بعض الدراسات أن الغربان تطلق صوت النعيق كطريقة تواصل وتخاطب فيما بينهم، وينعق الغراب عند رؤية الإنسان بما أن الغراب له قدرة على تذكر وجوه الأشخاص، فعند رؤيته لوجه شخص حاول إيذاءه أو التعرض له، من الممكن أن يبدأ بالنعيق خوفًا وطلبًا للحماية من أقرانه، ويتميز النعيق بالصوت العالي جدًا، يجده بعض الناس مزعجًا ومخيفًا، وبسبب صوته ولونه الأسود القاتم يتشائم الكثير من الناس منه.
هل الغراب يأتي بالخراب
ورد أنه صح الخبر عن سيد البشر -صلى الله عليه وسلم- أنه لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا نوء ولا صفر، فلا العدوى تخلق الأدواء، ولا مع حركة الطير شر ولا خير، ولا الغراب يأتي بالخراب، ولا الأنواء والنجوم تنزل بسيب الغيوم، ولا حلول شهر صفر يحل مشؤوم الأثر.
وكذلك صحت الأخبار عن النبي المختار -صلى الله عليه وسلم- في اجتناب أسباب الأذى والهلاك، كمقاربة المجذوم، والورود على بلد الوباء، فالفرار من القدر بالقدر، والتوكل على الصمد البر، فمن انقبض عن شي أقبل عليه لحال شهده أو قال سمعه، فلا يصدنه، وليتوكل على مولاه، وعليه بلا حول ولا قوة إلا بالله فإنها رأس التوكل وكنز العبد في الجنة، وليقل اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا إله غيرك.