مشهد جنائزي مهيب ضم العشرات من أهالي قرية الحلف الغربي بمدينة أطفيح، أثناء تشييع جـ ـثامين أسرة المهندس أشرف حنضل، ضحايا حادث الغرق في نهر النيل بالقرية، حيث شيعت جنازتهم من المسجد إلى المقابر بالجبل الأعلى في القرية.
رحلة 23 ساعة مع أسرة أطفيح ضحايا النيل
هُنا قرية الحلف الغربي المتواجدة على حواف مدينة أطفيح التابعة لمحافظة الجيزة، والتي تبعد مسافة 37 كيلو مترا عن مدينة حلوان جنوب القاهرة، ولعل الطريق الصحراوي الشرقي كان شاهدا على تلك المسافة الممتلئة بالأحزان، فما إن وصلنا إلى القرية حتى وجدناها خاوية على عروشها، فالجميع متواجد على ضفاف النيل والمتبقى في الوحدة الصحية التابعة لمستشفى أطفيح.
الحكاية بدأت في الحادية عشرة مساء يوم الثلاثاء، بل بدأت قبل أيام قليلة حين عاد المهندس أشرف حنضل من الخارج لقضاء إجازة مع أسرته قبل عودته من جديد إلى عمله في إحدى الدول، حيث كان من المقرر عودته يوم الجمعة 16 أغسطس، إلا أن القدر كان له مفارقات أخرى في حياته، حيث سطر له نهاية مأساوية ومحزنة برفقة ابنائه الثلاثة في مياه نهر النيل.
أسرة أطفيح من الفسحة لـ ثلاجة المستشفى
مساء يوم الثلاثاء خرج المهندس أشرف برفقة زوجته وابنائه الثلاثة محمد ومروة وياسمين، متوجهين إلى ضفاف نهر النيل في قرية الحلف الغربي، حيث وقفوا على الشاطئ مستمتعين سويا بالمشهد الجمالي للمياه، إلا أن الدقائق لم تمهلهم الاستمتاع، فسرعان من انزلقت قدم محمد، الابن الأكبر، وسقط في المياه وهرع الأب خلفه في محاولة لإنقاذه لكنه فشل وحاولت الفتيات إنقاذ والدهن وشقيقهن إلا أنهم اختفوا جميعا في المياه.
انطلقت صرخات الزوجة التي أيقظت أهالي القرية الهادئة بأكملها، متوجهين إلى ضفاف النيل، وبعد مرور 3 ساعات على الحادث تمكنوا من انتشال محمد الابن الأكبر، وظلت جهود البحث طوال الليلة حتى صعدت الشمس إلى الأفق، حيث تم العثور على جثمان الأب المهندس أشرف، وما هي إلا ساعات قليلة حتى تم العثور على جثمان مروة الابنة الثانية، وظلت عمليات البحث طول اليوم في المياه.
مشهد مأساوي داخل إحدى قرى أطفيح
جلس الجد على ضفاف النيل لا يقوى على الحراك أو التحدث مع أحد وبالكاد يتلقى العزاء في ابنه وحفيديه المتواجدين في ثلاجة الوحدة الصحية، ينظر إلي المياه وخلفه كانت الجدة في حالة صمت تام، أما الزوجة فكانت «في دنيا غير الدنيا» لا تصدق ما حدث لها، فمنذ ساعات كانت برفقة زوجها وابنائها على ضفاف النيل، والآن تشاهد جـ ـثامينهم أمامها الواحد وراء الأخر.
بعد مرور قرابة 18 ساعة على الحادث وتحديدا مع دقات الساعة الخامسة عصر الأربعاء، انطلقت الصيحات على النيل بالعثور على الجثمان الرابع الخاص بـ ياسمين، الابنة الصغرى، على بعد قرابة 250 مترا من موقع الحادث، فقد جرفتها التيارات الشديدة في المياه إلى مكان آخر، وهرعت السيارة لمكان العثور عليها، حيث أحضرتها لانشات الإنقاذ لموقع الحادث وتم نقلها للثلاجة.
4 نعوش.. جنازة أسرة أطفيح بعد 21 ساعة من الحادث
ظلت الجثامين حتى صلاة المغرب داخل ثلاجة المستشفى، ومع رفع الأذان كانت المساجد تنادي في القرية وتعلن عن موعد الجنازة المقرر لها بعد صلاة العشاء، وفي تلك اللحظات خرج جثمان الأب محمولا على الأعناق صوب المسجد وخلفه ابنه محمد وظلت الجثامين متواجدة داخل المسجد حتى بعد انتهاء صلاة العشاء.
وفي التاسعة والنصف مساءً، حضرت جـ ـثامين الفتيات إلى المسجد وانطلقت صلاة الجنازة عليهم، وفي مشهد مهيب ومؤثر وقف خلاله أهالي القرية بالكامل والأسرة، خرجت النعوش الأربعة محمولة على الأكتاف واحدا خلف الثاني، وتم وضعها على 4 سيارات نقل كبيرة يحيطها الرجال، وانطلق الموكب الجنائزي صوب المقابر لتشبيع الضحايا إلى مثواهم الأخير.