كان الغزو الأوكراني الأخير لمنطقة كورسك الروسية بمثابة تحد كبير لمكانة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على المستويين المحلي والدولي. يستكشف تقرير سكاي نيوز البريطاني الآثار المترتبة على الغزو، بالاعتماد على تحليل كيرت فولكر، الممثل الدائم السابق للولايات المتحدة لدى الناتو، ويحلل كيفية تأثير هذا التطور على قيادة بوتين والاستراتيجية العسكرية الروسية.
وصف كيرت فولكر، الممثل الدائم السابق للولايات المتحدة لدى الناتو، غزو كورسك بأنه "مضر للغاية" لفلاديمير بوتين. ووفقاً لفولكر، فإن الغزو يقوض صورة بوتين التي نصبها بنفسه كزعيم حازم أقرب إلى شخصيات تاريخية مثل بطرس الأكبر. وبدلا من ذلك، فهو يصوره أكثر في ضوء نيكولاس الثاني، آخر قياصرة روسيا، الذي انتهى عهده بالثورة الروسية.
ويشير فولكر إلى أن الغزو يكشف عن ضعف خطير في قيادة بوتين واستراتيجيته. وأشار فولكر إلى أنه "لا أعتقد أنهم قد وضعوا أقدامهم بعد فيما يتعلق بالطريقة التي يريدون التعامل معها"، مشيراً إلى عدم وجود استجابة واضحة أو استراتيجية فعالة من قبل إدارة بوتين. يتحدى هذا الوضع رواية الزعيم الذي لا يقهر ويكشف نقاط الضعف في الموقف العسكري الروسي.
يمثل غزو كورسك تحولا كبيرا في ديناميكيات الصراع بين أوكرانيا وروسيا. ويسلط فولكر الضوء على أن قدرة بوتين على إدارة الهجوم في أوكرانيا والوضع الدفاعي في روسيا معرضة للخطر. وقال فولكر: "إنه غير قادر على مهاجمة أوكرانيا والدفاع عن روسيا في نفس الوقت"، مشيراً إلى أن موارد الجيش الروسي منهكة فوق طاقتها.
ويشير تحليل فولكر إلى قضية أوسع: وهي ادعاءات بوتين بشأن التصعيد المحتمل، والتي لم تتحقق. ولاحظ فولكر أنه "لو كان بإمكانه التصعيد لكان قد فعل ذلك بالفعل". ويشير هذا التصريح ضمناً إلى أن تهديدات بوتين بالتصعيد هي خطابة أكثر منها حقيقة، مما يعكس الفجوة بين نواياه المعلنة وقدراته الفعلية.
إن تأثير الغزو على الإدراك العام داخل روسيا كبير. ويساهم الفشل الواضح في الرد بشكل مناسب على الهجوم الأوكراني وما تلا ذلك من ردود الفعل العنيفة في الداخل في تزايد الشعور بعدم الرضا بين الروس. وهذا أمر ضار بشكل خاص للزعيم الذي زرع صورة القوة والمرونة.
والمقارنة مع نيكولاس الثاني لافتة للنظر بشكل خاص. أدى عدم قدرة نيكولاس الثاني على معالجة السخط الداخلي والضغوط الخارجية إلى انهيار الإمبراطورية الروسية. وعلى نحو مماثل، يسلط غزو كورسك والعواقب التي تلته الضوء على الصعوبات التي يواجهها بوتن في الحفاظ على سيطرته واستعراض قوته، وكلاهما ضروري لقيادته.
يشير الخبراء في الشؤون الروسية والاستراتيجية العسكرية إلى أن غزو كورسك يمكن أن يكون له تداعيات طويلة المدى على نظام بوتين. قد يؤدي عدم القدرة على مواجهة الغزو بشكل فعال إلى زيادة الانتقادات من المعارضين السياسيين وانخفاض الدعم الشعبي. علاوة على ذلك، فإنه يثير تساؤلات حول التماسك الاستراتيجي العام للعمليات العسكرية الروسية.