تحتفي الطرق الصوفية، برجبية الإمام علي زين العابدين بمسجده في القاهرة (مناسبة مهمة تسبق المولد بعدة أشهر) حيث حرص جموع الطرق الصوفية على الاحتفال، من خلال الإنشاد الديني، وتوزيع الطعام والشراب، فيما يُحيي عدد من المنشدين، حفلات، يوم الجمعة المقبل، ومن بينهم الشيخ صلاح العسكري، على أن يختتم هذا الاحتفاء، السبت 17 أغسطس 2024.
مولد الإمام علي زين العابدين
عرف زين العابدين بـ«الإمام السَّجَّاد»، وفي سر تسميته به، يقول الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء: «سيدنا علي زين العابدين كان يسمى بالسَّجَّاد، وذلك لأنه كان يكثر من السجود خارج الصلاة وهذا شيء لم يفعله الصحابة ولكنه وجد قلبه في هذا، وقد فهم سيدنا على زين العابدين معنى حديث سيدنا ﷺ : (فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ)».
والإمام زين العابدين علي ابن الحسين عليهما السلام، ولد في الخامس من شعبان عام 38 هـ، بالمدينة المنورة، و قيل الخامس عشر من جُمادى الآخرة.
وقد عايش الإمام السجاد عصور إمامة جده الإمام علي بن أبي طالب سنتين، وإمامة عمه الإمام الحسن 10 سنوات، و إمامة والده الإمام الحسين 11 سنة، وقد عاش بعد شهادة والده 34 سنة، وجاء في بعض المصادر القديمة يسمى الإمام زين العابدين «عَلِيّ الأكبر»، ولكن اسم علي زين العابدين هو الذي انتشر أكثر؛ لمنع الالتباس بينه وبين علي الأكبر ابن الإمام الحسين الذي استشهد في يوم عاشوراء.
سبب تسميته بـ زين العابدين
سمي بـ زين العابدين لكثرة عبادته كما قال عنه الامام مالك، وشهد له الإمام الشافعي بأنه أفقه أهل المدينة واشتهر بالورع والطاعة والتقوى والزهد، وقد حضر علي مع ابيه الحسين "كربلاء" لكنه لم يشارك غي القتال لأصابته بالحمى.
وروى الذهبي عن محمد بن إسحاق ما قاله عن زين العابدين وإحسانه : "كان ناس من أهل المدينة يعيشون، لا يدرون من أين كان معاشهم، فلما مات علي بن الحسين فقدوا ذلك الذي كانوا يؤتون بالليل"، فكان زين العابدين يخرج يوميًا في الليل يوزع الصدقات سرا على بيوت الأرامل والمساكين دون أن يكشف عن هويته.
توفى الإمام زين العابدين في محرم عام 95 هجريًا وقيل إن سبب الوفاة هو "السم" وقد دسه له الوليد بن عبد الملك بن مروان. وقد دفن بالبقيع بجوار عمه الحسن بن علي، أما الضريح الموجود بالمسجد، مدفون به رأس ابنه الإمام زيد بن علي الذي قتله هشام بن عبد الملك بعد ثورته عليه، وقد أرسل هشام رأس زيد إلى مصر لينصب على جامع عمرو بن العاص بسطا لنفوذه وتخويفا لرعاياه هناك ويروى أن عدد من المصريين أخذوا الرأس ودفنوه بموقعه الحالي.
وكان مما قاله الإمام زين العابدين علي بن سيدنا الحسين رضى الله تعالى عنهما : «مَنْ قَنِعَ بِمَا قَسَمَ اللهُ لَهُ فَهُوَ مِنْ أَغْنَى النَّاسِ».
وعنه قال الفرزدق الشاعر في مدح آل البيت في شخص سيدنا علي زين العابدين رضى الله تعالى عنه مبينا فضلهم :
من معشر حبهم فرض وبغضهم ** كفر وقربهم منجى ومعتصم
يستدفع السوء والبلوى بحبهم ** ويستزاد به الإحسان والنعم
مقدم بعد ذكر الله ذكرهم ** في كل بدء ومختوم به الكلم
إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم ** أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم
لا يستطيع جواد بعد غايتهم ** ولا يدانيهم قوم وإن كرموا
وصية زين العابدين لابنه
وجاء في وصية زين العابدين علي بن الحسين- رضى الله تعالى عنهما- لابنه: قال أبو جعفر محمد بن علي الباقر: "أوصاني أبي فقال: لا تصحبن خمسة، ولا تحادثهم ولا ترافقهم في طريق. قلت: جعلت فداك يا أبي، من هؤلاء الخمسة؟ قال: لا تصحبن فاسقا، فإنه بايعك بأكلة فما دونها، قلت: يا أبيوما دونها؟ قال: يطمع فيها ثم لا ينالها. قلت: يا أبيومن الثاني؟ قال: لا تصحبن البخيل؛ فإنه يقطع بك في ماله أحوج ما كنت إليه. قلت: يا أبيومن الثالث؟ قال: لا تصحبن كذابا فإنه بمنزلة السراب يبعد منك القريب ويقرب منك البعيد. قلت: يا أبي ومن الرابع؟ قال: لا تصحبن أحمق، فإنه يريد أن ينفعك فيضرك. قلت: يا أبي ومن الخامس؟ قال: لا تصحبن قاطع رحم؛ فإني وجدته ملعونا في كتاب الله تعالى في 3 مواضع". [حلية الأولياء وطبقات الأصفياء]