ما المقصود بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةً»؟ سؤال نجيب عنه من خلال السطور التالية.
ما المقصود بحديث النبي إِن لكل عمل شرة؟
ورد عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إِنَّ لِكُلِّ عملٍ شِرَّةً ، ولِكُلِّ شِرَّةٍ فترةٌ ، فمنْ كان فترتُهُ إلى سنتي فقدِ اهتدى ، ومَنْ كانَتْ إِلى غيرِ ذَلِكَ فقدْ هَلَكَ»
جاء في شرح حديث النبي إن لكل عمل شرة ولكل شرة فترة فمن كان فترته، أن مِن رَحمةِ اللهِ تعالى بالمسلمينَ أنْ جعَلَ لهم هذا الدِّينَ يُسْرًا، وقد حثَّنا نبيُّنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على الاقتصاد في العبادة، مع الإخلاص فيها والتَّسديدِ والمُقارَبةِ، ونهانَا عن التَّشدُّدِ والغُلوِّ، وعن الرِّياءِ والسُّمعةِ بالأعمالِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إنَّ لكلِّ شَيءٍ"، أي: جميعِ الأشياءِ والأمورِ؛ كالعمَلِ والعِبادةِ والاجتهادِ، والحبِّ والكُرْهِ، وغيرِ ذلك، له، "شِرَّةً"، أي: نشاطًا وشِدَّةً وحِرْصًا ورغبةً في أوَّلِه، "ولكلِّ شِرَّةٍ فَترةٌ"، أي: ضعفٌ وخمولٌ وسكونٌ في آخِرِه، فالعابدُ يُبالِغُ في العبادةِ أوَّلًا، ثمَّ تَسكُنُ شِرَّتُه وتَفتُرُ عَزيمتُه؛ لذا أمَرَ بهذا: "فمَن كان فَترتُه"، أي: فمَن كانت فَترةُ خُمولِه وضَعفِه، "إلى سُنَّتي فقد اهْتَدى"، وسُنَّةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هي الاقتصادُ والتَّوسُّطُ، مع المُداومةِ والإخلاصِ للهِ، وعدَمِ الرِّياءِ والسُّمعةِ، "ومَن كانت إلى غيرِ ذلك فقد هلَكَ"؛ لأنَّ مَن سلَكَ غيرَ هَدْيِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فهو مِن الهالكينَ.
وفي الحَديثِ: حثٌّ على لُزومِ السُّنَّةِ .
حديث : «لاَ تَكُونُوا إِمَّعَةً تَقُولُونَ إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا»
فيما قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، ان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما أخرجه الترمذى عن حذيفة رضي الله تعالى عنه قال ﷺ : « لاَ تَكُونُوا إِمَّعَةً تَقُولُونَ إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا وَإِنْ أَسَاءُوا فَلاَ تَظْلِمُوا ».
يرشدنا سيدنا رسول الله ﷺ أن المسلم مستقل عن الأهواء وعن فساد الزمان والمكان وشيوع الفساد فى الأرض وفى الناس، يصدع بالحق ولو كان وحده ، يقول صلى الله عليه وعليه وآله وسلم: (ويأتى النبى يوم القيامة وليس معه أحد)، يعلم المسلم أن يصدع بالحق وأن يتبع الحق مهما كان، ولا يكون من أولئك المنافقين الذين في قلوبهم مرض يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}.
ويبلغنا سيدنا رسول الله ﷺ ببلاغ الله عن أن هذا هو مراد الله سبحانه وتعالى فى كل ملةٍ وشريعة، قال تعالى {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى}.
فالإنسان مستقل لا يرتبط عمله بعمل غيره لا بأبيه ولا بجده ولا بخطيئة يرثها أو يورِّثُها، يقوم بنفسه فيحاسب عن نفسه ويأتى يوم القيامة فردا {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ }. أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن نوطن أنفسنا على الحسنى ؛وأن نستقل فى عقيدتنا وآرائنا وأفكارنا بالحق عن فساد الزمان وفساد الأشخاص وفساد المكان وفساد وتقلب الأحوال.
فالمؤمن يسير في هدى الله وعلى طريق الله لا يضرنا من ضل إذا اهتدينا ولا يكون أحدنا إمعة يتلون بتلون الزمان واختلاف المصالح والأهواء، بل إنه يسير في طريقه إلى الله بالله متوكلاً على الله سبحانه وتعالى لا يضره أحد من العالمين.