أجاب الدكتور محمد عبد السميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على سؤال حول الجوانب الشرعية للرسوم والعمولات المتعلقة بالجمعيات الإلكترونية والتطبيقات التي تتطلب رسومًا إدارية أو غرامات؟.
وقال أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال تصريح له، اليوم الثلاثاء: "في الوقت الحالي، باتت هناك جمعيات إلكترونية وتطبيقات تجمع الأموال وتطلب رسومًا إدارية معينة، هذه الرسوم يتم استخدامها لتغطية تكاليف الإدارة مثل المندوبين الذين يجمعون الأموال والتكاليف الأخرى المتعلقة بتشغيل النظام، من وجهة نظر شرعية، هذه الرسوم الإدارية لا مانع منها، لأنها تُعتبر تكلفة ضرورية لعمل الجمعية ولا تخل بتحقيق الغرض من الجمعية".
وأضاف: "تتطابق هذه الرسوم مع مفهوم 'الجعالة' في الشريعة الإسلامية، حيث يُعطى أجر لشخص معين على إنجاز مهمة معينة. على سبيل المثال، إذا قمنا بتعيين شخص لتنظيم الجمعية واستلم أجرًا مقابل ذلك، فهذا لا يتعارض مع الشريعة".
أما بخصوص الغرامات التي تُفرض على التأخير في السداد، أوضح: "توجد حالتان للغرامات، الأولى إذا كانت الغرامة تُفرض دون مبرر أو غرض، وتعتبر زيادة على المال بطريقة غير مشروعة، فهذا يعتبر ربا، وهو محرم شرعًا. الثانية، إذا كانت الغرامة تُعتبر تعويضًا عن خسارة المال نتيجة التأخير، وُفّقت بحيث تعكس تعويض الخسارة التي قد تحدث من تأخير السداد، فهذا لا يعتبر ربا، بل هو تعويض مشروع".
وأشار إلى أن: "الغرامة في هذه الحالة تُحسب بناءً على الفائدة التي كانت ستتحقق إذا كان المال قد استثمر بشكل صحيح، فإذا كان التأخير يؤثر على قيمة المال، وتُفرض غرامة تعويضًا لهذا التأثير، فهذا يكون مقبولًا، ولكن إذا كانت الغرامة مبالغًا فيها لدرجة أنها تشكل عبئًا إضافيًا غير مبرر، فهذا يُعد ربا محرم".
وأوضح الدكتور محمد عبد السميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن جمعيات التوفير، التي تعد ممارسة اجتماعية قديمة في مصر، لها جذور تاريخية في كتب الفقه، لافتا إلى أن فقهاء الشافعية في القرون السابقة كانوا يشجعون على ما يسمى بـ"جمعية النساء" التي كانت تقام أسبوعيًا أو شهريًا لتلبية احتياجات أفراد المجتمع.
وقال أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال تصريح له، اليوم الثلاثاء: "هذه الممارسات القديمة، التي تتضمن جمع الأموال لدعم الأفراد في أوقات الحاجة، مثل حالات الزواج أو تسديد الديون، تتماشى مع مبادئ التعاون على البر والتقوى كما ورد في القرآن الكريم: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان".
وأكد أن هذه الجمعيات تعتبر صورة من صور التعاون الاجتماعي الذي يسعى إلى تفريج كرب الناس وتلبية احتياجاتهم، موضحا أن الفقهاء الشافعية كانوا يرون في هذه الجمعيات عملاً مشروعًا ويشجعون على تنظيمها بنية الإحسان وتفريج الكروب.
وتطرق إلى القوانين الحالية المتعلقة بجمعيات التوفير، مشيرًا إلى أن الرسوم الإدارية التي تفرضها التطبيقات الإلكترونية أو الجمعيات تعتبر مشروعة شرعًا إذا كانت مبررة بتغطية التكاليف التشغيلية فقط، وهذه الرسوم لا تُعد ربا طالما أنها تُستخدم لتغطية المصاريف الإدارية وليس لتحقيق نفع إضافي.
وأضاف أنه من المهم التفريق بين "القرض الذي يجر نفعًا"، وهو محرم شرعًا، و"القرض الحسن" الذي يُعطى بنية دعم الآخرين دون تحقيق نفع شخصي، والذي يُعتبر مشروعًا ويثاب عليه.