عودة سرية سريعة للأساطير الفرعونية بعد فترة من الحديث والانسياق وراء الأساطير اليونانية حيث يمتلئ التراث الفرعوني بالعديد من الأساطير الرائعة التي تبعث لنا من وقت لآخر للحديث عنها والخوض في تفاصيل الأساطير الفرعونية التى لا تنتهي فالحضارة الفرعونية واحدة من أثرى الحضارات المكتظة بالأساطير على مر التاريخ، التي وصلت إلينا عبر النقوش والرسوم التي تملئ جدران المعابد وقبور الملوك ولفائف البردي القديمة، وهناك أساطير بعينها كانت استثناء لاهميتها لدى الفراعنة، مقارنةً بغيرها، إلى جانب نهايتها المحلمية ومن ضمن هذه الأساطير التي قد تحدثنا عنها في مقالات سابقة كأسطورة إيزيس وأزوريس ونفتيس وست حتي تحدثنا عن صراع حورس ونفتيس بعد ذلك ، وسجل الحضارة الفرعونية يكتظ بكثير من الأساطير الفرعونية القديمة ومنها قصص واقعية حقيقية ومنها قصص خيالية وغير منطقية ومنها قصص شعبية كعروس النيل وام الشعور وقد تحدثنا عنهم وهناك الكثير لم نتحدث عنه من الأساطير الشعبية . ومازالنا نتابع سرد هذه القصص إليّ أن وصل الأمر إليّ سرد أسطورة خلق الكون وخلق الارض وخلق البشر والقمر والتى لم نتحدث عنها من قبل .
و تعددت الأساطير المتعلقة بخلق الكون لدى المصريين القدماء، ومن أشهرها تلك التي تقول إنه قبل الخليقة في البدء "نوو أو الخواء كما يترجمه البعض، وهو كتلة لم تتشكل بعد وبداخله بذور الحياة الكامنة. تولد من الإله نون الشمس أي الإله رع بطريقة مجهولة، فيعلن الأخير نفسه حاكما للكون. لكن نون لا يتوقف دوره عند هذا الحد، بل يتوارى عند حدود العالم الحي مكونا طاقة سلبية هائلة تهدد باجتياح العالم. وتكون مقرأ دائما للنفوس الضالة المعذبة، والموتى الذين لم يحظوا بطقوس دينية مناسبة، أو الأطفال الذين ولدوا موتى.
و بعد أن تولي الإله رع الممثل بالشمس حكم الكون، يرسل أشعته الذهبية إلى الأرض. لتبدأ الأمواج التي تغطيها في الانحسار حيث كانت المياه تغطي الأرض بالكامل. وتنزل الأشعة على أول تل من الرمال " التل الأزلي " على سطح الأرض.
وذلك لتتخذ الأشعة أبعادا مادية مكونة حجر مرتفع عرف باسم بن بن في مدينة أون، أصبح بعد ذلك محل تبجيل في مصر كلها لأنها مهد الخليقة. كانت تلك الأشعة تحمل المادة الإلهية للإله رع التي اتحدت جنسيا مع نفسها لتنجب الجيل الثاني من الآلهة
ولم يكن هناك سوى بيضة ذهبية في هذا الفراغ المطلق.
عندما انفجرت هذه البيضة، خرج الإله أتوم إلى الوجود، وهو الذي كان يعتبر كبير آلهة عند قدماء المصريين. وعندما عطس أتوم خرج الإله تشو الذي يعتبر إله الهواء، ومن رزاز العطس، خرجت تفنوت إلهة الندى.
وقسّم الفراعنة الآلهة إلى 4 أجيال، الأول هو الإله أتوم أو رع، والجيل الثاني ضم تشو وتفنوت، والجيل الثالث ضم جب إله الأرض، ونوت إلهة السماء، وكلاهما ظهرا نتاج تزاوج تشو وتفنوت.
وتزوج جب من نوت، فأنجبا أربعة آلهة، يمثلون الجيل الرابع من الآلهة، وهم إيزيس وأوزوريس ونفتيس وست وقد تحدثنا عنهم من قبل .
وبعد إنجاب الأبناء الأربعة، تدخل الإله تشو، وفصل بين جب إله الأرض، ونوت إلهة السماء. بعد ذلك تكوّن ما يُسمّى بالتاسوع الإلهي، أو مجمع الآلهة التسعة في الـ4 أجيال. وكان أتوم (ويُسمّى رع) كبير هذا المجمع، وهذا المجمع هو الذي حكم الكون وفقاً للتصور الفرعوني.
وجميعنا نعلم ما هي أسطورة ايزيس وازوريس وما فعلته ايزيس من أجل ازورييس إلي أن أنجبت حوررس وماذا فعلت من أجل أن تحمي حورس من عمه ست .
إلي ان اتت أسطورة خلق البشر والقمر وذلك عندما فقد الإله رع إحدى عينيه، فأرسل ولديه شو وتفنوت للبحث عنها. ولما طال غيابهما اتخذ لنفسه عين أخرى، لكن العين الغائبة عادت لتجد رع قد اتخذ عين أخرى. ذرفت رموت الدموع من شدة الغيظ فينتج عنها البشر رمث، ولكن رع قام بترضيتها فسلمها إلى الإله تحوت (الإله الكاتب) ليرفعها للسماء لتضيء الليل، وهكذا ولد القمر، وعندما فقد حورس عينه اليسرى في حربه مع عمه ست منحه تحوت تلك العين.
وإلي أن جاء الفصل بين البشر والآلهة وقرر رع الانسحاب إلى السماء، فاستقر فوق بقرته السماوية التي يرفعها الإله شو، وسلم إدارة الأرض للإله تحوت والرموز الملكية إلى الإله جب، فتم الفصل نهائيا بين البشر والآلهة. وبدأ من هذا الوقت حكم الفراعنة الذين تختارهم الآلهة ممثلين عنها في الأرض وشركاء لهم في السماء.
وأخيراً وصلنا إلي البعث والحساب فكان البعث والحساب عند المصريين القدماء يمثل بميزان يوضع قلب الميت في كفة وتوضع ريشة من الإلهة ماعت في الكفة الأخرى، أما تتكون المحكمة من 42 قاضي بعدد أقاليم مصر. فإذا رجحت كفة قلبه يدخل الفردوس وذلك من وجهة نظرهم , وذا رجحت كفة الريشة يدخل الجحيم. وقد صوّر الجحيم على هيئة حيوان مفترس.