نظمت الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، في مقرّ مكتبة مصر العامة بعزبة البرج، أولى الندوات الثقافية لمعرض رأس البر للكتاب، المنعقد حاليا تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، وجاءت الندوة الأولى بعنوان: «السرد في دمياط – شهادات»، والتي شارك فيها كل من الكاتب محسن يونس، وإسلام العشري، ودعاء البطراوي، وأدارها هشام عبد الصمد.
قدّم عبد الصمد الكاتب محسن يونس قائلاً: إن محسن يونس يعد رائدًا كبيرًا من روّاد كتابة الواقعية السحرية في الأدب العربي، وهو أحد المؤسسين الجدد لهذا الفن الساحر، وأوضح أن مصطلح المؤسسين الجدد يشير إلى أن الواقعية السحرية قديمة في الأدب العربي منذ أكثر من ألفي عام، فمن منا لم يقرأ "ألف ليلة وليلة"، والتي تُعرف لدى أدباء أمريكا اللاتينية باسم "الليالي العربية"، وكاتبنا يعيد بعث هذا الفن مرة أخرى، وهو حكّاء شفاهي ماهر في الوقت الذي نحن بحاجة فيه إلى إعادة الاعتبار للحكاية.
وبدأ الكاتب محسن يونس كلامه متحدثا عن الشعر والسرد، قائلا: لا يصح ابتداء أن نعقد هذه المقارنة بين الشعر والسرد أيهما أقدم وأيهما أحدث؟ لكن ثمة مقولة للدكتور عز الدين إسماعيل: "أن ظهور قصاص في القبيلة العربية كان يعادل ظهور نبي" بعكس ما يقوله الشعراء، وأن القصاصين كانوا موجودين، وكانت لهم سيطرة لأن الحياه كانت بسيطة جدا وتعتمد على الكلام، أما الشعر فهو التدرج الأعلى للغة، فلا يستطيع أي إنسان أن يقول الشعر، بينما يستطيع أن يكون ساردًا.
فالمرأة مثلا في بيتها تسرد لزوجها أحداث اليوم، ونحن في الحياة اليومية نسرد حكاياتنا، وأنا لا أحاول تمجيد السرد، ولكنني أعتقد أنه سابق على الشعر بمراحل لماذا؟ لأنه حين انتهى الإنسان من سرد اللغة التي يعبر بها عن أمور حياته في الحياة العادية، احتاج إلى درجة أخرى وهي كيف يقص على أبناء قبيلته رحلاته للصيد، وما يقابله هناك من مصاعب ومفاجآت وصراعات وإخفاقات، فالسرد اعتمد على تلك المناطق الحميمية الموجودة في اللغة، والقاص والمستمع مشاركان في السرد بما يوجد فيه من لغة الإيماء.
واستعرض محسن يونس رحلته في كتابة القصة قائلا: إنه بدأ حياته محاولًا كتابة الشعر الموزون المقفى في باكورة حياته، وهو طالب صغير، وأنه ظل عاكفا على محاولة إخراج قافية شعرية فلم يستطع، فقرر بعدها كتابة السرد، ولم يكن يعلم بوجود شكل (فن القصة القصيرة).
وأضاف: كتبت حوالي أربع قصص، وأنا معتقد أنني الأول في العالم الذي يكتب هذا الشكل الفني، ثم رأيت عنوانًا لمسابقة يحمل مسابقة للشعر والمسرح والقصص القصيرة، فأدركت أن ثمة لونا فنيا يسمى قصة قصيرة. وعرضتها على الأستاذ طاهر السقا، وعرضها على الكاتب يسري الجندي، وأبو العلا السلاموني فأجازاها.
وحينما كنت أدعى إلى جلسات الشعراء والمثقفين لم يكن يهمني كلامهم بقدر ما كان يهمني الحركات والسكنات والإيماءات التي يقومون بها، لذلك فالمشهدية عندي لها حيز كبير من إبداعاتي وكتاباتي، ويبدو أنني لا أستطيع الكتابة إلا بهذا الشكل، فلقد وجدت في السرد ضالتي، وليس الشعر مع الاعتذار للشعراء. فلقد تمنيت أن أكون شاعرا، خاصة عندما وقعت في الحب أول مرة، ولكنني اتجهت للتعبير عن الحب من خلال قصصي، وأصبح السرد هو ما يلبي في داخلي الحاجة إلى القول والبوح.
وأوضح أن السرد بأشكاله هو ما يعبر أيضا عن الجماعة والمطلق الإنساني وليس الشخصي الذاتي.
وقدم عبد الصمد الكاتبة دعاء البطراوي قائلا: هي كاتبة لديها عضويات متعددة منها نادي أدب دمياط- مختبر سرديات دمياط- وهي عضو عامل في اتحاد كتاب مصر.
ثم بدأت الكاتبة في شهادتها قائلة: إنها تعودت منذ صغرها أن تكتب من حجرتها الصغيرة التي ربما لا تخرج منها طوال الوقت، وأنها تخلق الشخوص والحيوات وتصنع الملامح التي تناسب شخصيتها هي، وأنها تختار الانطلاق من الخيال فقط، ولا تعتمد في كتاباتها من وصف للواقع أو استخدامه.
وبدأت رحلتها في الكتابة منذ الطفولة عندما اكتشفت سحر القلم، وكيف يرسم الخطوط أولًا، وكيف يترك بصمة على الصفحة البيضاء.
وبدأت في وصف رحلتها الفعلية مع الكتابة بأنها لا تتذكر في طفولتها معايشة حقيقية للموروثات الشعبية والطقوس الخرافية المشهورة، إلا العروسة الورق التي لطالما أحرقتها النساء درءا للعين والحسد، ولكنها قرأت عنها في الكبر، وتناولتها بالعرض في قصتها " شبشب مقلوب" في المجموعة القصصية "أشتاتا أشتوت".
والقصة تتناول صراعا ثقافيا ما بين جيلين، وقد كان ذلك تحديا كبيرا خشيت ألا يصل إلى القارئ، ولكنه نجح وشاء القدر أن تفوز القصة بجائزة وتنال استحسان الجمهور.
وعن الكاتب إسلام عشري الذي قدمه الأستاذ عبد الصمد قائلًا: بأنه كاتب شابّ له عدة كتابات من عدة أشكال فنية فقد كتب قصيدة النثر، والقصة والرواية، كما أن له ترجمات فمن الصعب أن يحصر إسلام عشري في قالب كتابي واحد.
وقال العشري: أرى أن الأستاذ محسن يونس يستحق ندوة كاملة لشهادته عن السرد، وعن مفهومي للسرد أرى أن الإنسان ينبغي أن يتحرر من الاشكال الفنية القديمة، فثمة ما يعرف الآن بالسرد الإلكتروني أو الرواية الرقمية، وهي الرواية التي تتداخل فيها الفنون المختلفة مثل: الموسيقى والرسومات المتحركة.
وأضاف حول موضوع التخصص إن كثيرا من الكتاب في الأصل ليسوا متخصصين، وهو ما حدث معي بعد أن دخلت كلية الهندسة، ثم تركتها واتجهت للكتابة حالما بكتابة جديدة، تعتمد على التكنولوجيا الحديثة.