استضافت مكتبة الاسكندرية مؤخرا المعرض الدولي للكتاب، والذي يأتي ضمن عدة معارض تقام في مصر للكتاب، ورغم الأقبال الكبير من جميع الأعمار خاصة الشباب علي إرتياد تلك المعارض،التي تأتي لتبرهن علي حجم الزخم الثقافي، لكنه في نفس الوقت لا يعكس الواقع المعرفي ، فمانراه هو أبعد مايكون في مجتمع ما زال يعاني أمية ثقافية.
لا أحد يستطيع أن ينكر وجود أزمة قراءة في الوطن العربي ،فالشعوب العربية أقل شعوب العالم كتابة وقراءة معا ،فما ينتجه العرب من كتب حتى الآن على اختلافها وتنوعها لا يزال ضئيلاً جداً بالقياس إلى ما تنتجه الدول المتقدمة.
وهو ما انعكس علي حركة دورالنشر في الوطن العربي التي لاتطبع إصداراتها بأعدادا كبيرة، نظرا لضعف الحركة الشرائية عكس الحال في الدول الأوروبية والولايات المتحدة ،رغم أن هذه الدول بدأت تتحول رقميا لكنها مازالت تنتج وتتدوال الكتاب الورقي بأرقام فلكية مقارنة بالمشهد العربي.
فالعالم يتسابق في كافة مجالات العالم والمعرفة ونحن مشغولون بالقشور التي لا تؤسس لتقدم حقيقي ولا تشكل وعيا أصيلا ، بعد ما أصبحنا في غيبة علمية ومعرفية إلا من رحم ربي، فالمواطن العربي لم تعد القراءة في قائمة أولوياته، على الرغم من وجود كم من الكتب بين يديه ورغم تزايد عدد المؤسسات والفعاليات التي تحتفي بالكتاب، و تهتم بتهيئة المناح المشجع علي نشر ثقافة القراءة، إدراكا لقيمة العلم باعتباره الحصن الحصين لأي تقدم مجتمعي.
و رغم التدفق المعرفي والتكنولوجي الذي يعيشه عصرنا الرقمي الذي جاء لنشر وتيسير الحصول علي القيم العلمية والمعرفية ، لكن تأثيره جاء عكس المتوقع فأصبح أهتمامنا الموجه لتنمية الوعي والتزود بالمعارف منصبا فقط علي التواصل الأجتماعي مهدرا الكثير من الوقت والقيم الأجتماعية وتحول إلى تواصل رقمي له مشاكله رغم مزاياه التي ضللنا الطريق إليها.
ورغم المواسم الثقافية والأقبال عليها إلا أن الوعي المجتمعي بأهمية القراءة ما زال منخفضا، ولو وجد فان نوعية الكتب التي يقرأها القارئ العربي ليست منتجة للمعرفة، فلا يوجد لدينا قارئ من النوعية الموسوعية الذي يقرا في جميع المجالات والتخصصات وتلك أشكالية اخري.
وتاتي التنشئة الأجتماعية في محيط الأسرة والمدرسة لتضيف عامل أخربحيث أصبحت لا تهيئ بيئة مناسبة للقراءة ، ففي ترتيب الأولويات داخل الأسرة تأتي الدروس الخصوصية للأولاد والطعام والشراب والدواء مطلب أساسي، ولا ينظر للقراءة باعتبارها ضرورة من ضرورات الحياة.
ويأتي أسلوب التعليم داخل المدرسة الذي يعتمِـد على الحـفظ والتلقين لحصد أعلي الدرجات بغض النظر عن مستوى الإستيعاب ليساهم في تراجع قيمة الأطلاع لدي الشباب والصغار.
نحن في حاجة إلى أن ننقل الكتاب من خانة التباهي إلي خانة الجمال والمتعة ،فالقراءة تخلق افاق بلا حدود وحتي نصل إلى هذا المستوى من الأرتباط بالكتاب نحتاج إلى تغيير ثقافتنا التربوية، وممارساتنا اليومية بحيث يأتي الكتاب صديقا لا يغيب ويجد مساحة في وقتنا الذي نمنحه لوسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.
الكتاب هو أحد أهم معايير التطور هو مقياس الإنسانية ،ولا يجب أن يكون الأهتمام بالقراءة آنيا في مواسم بعينها ثم يخفت ويتلاشى وسط ضوضاء الحياة ومتطلباتها الكثيرة ، فالقراءة ركيزة الحياة والحضارة ومن دونها يظل كل شيء في مهب الريح.