في خطوة علمية مهمة، نجح فريق من الباحثين في استخراج أعمق عينة صخرية من وشاح الأرض، حيث بلغ عمق الحفر 0.7 ميل في سلسلة جبال منتصف المحيط الأطلسي، وهي منطقة تشهد تباعدًا تدريجيًا في قاع البحر.
حفرة تصل للب الأرض
يعتبر هذا الإنجاز تطورًا فريدًا في دراسة الوشاح الأرضي، حيث أن هذه المنطقة الغنية بالفتحات الحرارية المائية تُعد بيئة حيوية لتفاعلات كيميائية مهمة للحياة.
تحدث جوردون ساوثام، عالم الأحياء الدقيقة عن أهمية هذا الاكتشاف. وقال إن الجهود السابقة لحفر صخور الوشاح في أعماق البحار لم تتجاوز 201 مترًا، وهو عمق غير كافٍ للبحث عن كائنات حية مثل البكتيريا المحبة للحرارة التي قد تعيش في تلك الأعماق.
وأوضح ساوثام أن الهدف النهائي من هذا البحث هو تحسين فهمنا لأصول الحياة على الأرض وتحديد إمكانية وجود حياة خارج كوكبنا.
وأشار يوهان ليسنبرج، عالم الكيمياء الجيولوجية إلى أن العينة الأساسية من الوشاح التي تم استخراجها يمكن أن تساعد في الإجابة على أسئلة جوهرية حول حركة الوشاح الأرضي.
حفر بشكل عمودي
وبحسب مجلة “لايف ساينس” العلمية، أوضح أن الوشاح يحتوي على تركيبات صخرية مختلفة ناتجة عن إعادة تدوير الصفائح التكتونية داخل الأرض، ومن خلال دراسة هذه العينة، يمكن للباحثين فهم كيفية ذوبان أجزاء الوشاح المختلفة وكيفية هجرة تلك المصهورات نحو السطح.
كشف الفريق عن أن المصهورات لا تتحرك بشكل عمودي كما كان يُعتقد سابقًا، بل تتحرك بشكل غير مباشر في مسار قطري مائل نحو السطح. هذا الاكتشاف يفتح آفاقًا جديدة لفهم ديناميات حركة الوشاح وأثرها على النشاط البركاني وتشكيل القشرة الأرضية.
المدينة المفقودة
تم حفر هذه العينة بواسطة برنامج اكتشاف المحيطات الدولي (IODP) في عام 2023، باستخدام سفينة الأبحاث JOIDES Resolution. وقد تم الحفر في منطقة كتلة المحيط الأطلسي، بالقرب من "المدينة المفقودة"، وهو حقل حراري مائي يتميز بهياكل على شكل خلية نحل تطلق الميثان والهيدروجين في المحيط. تعيش العديد من الكائنات الحية الدقيقة على هذه الجزيئات، مما يدعم مجتمعات اللافقاريات الصغيرة مثل القواقع والديدان الأنبوبية.
رغم التحديات التي واجهها الفريق في حفر الصخور الهشة للوشاح، إلا أنهم تمكنوا من استخراج أجزاء سليمة من العينة، بلغ طول بعضها 5 أمتار. وفي المجمل، استطاع الفريق استعادة سجل مستمر لأكثر من 70% من اللب الذي تم حفره.
و قال ويليام برازلتون ، أحد المشاركين في الدراسة وعالم الأحياء الدقيقة بجامعة يوتا: "لقد جمعنا عينات أكثر بكثير مما كنا نتوقعه، لدرجة أننا استهلكنا بالفعل العديد من إمدادات جمع العينات لدينا بحلول منتصف الرحلة الاستكشافية". وأضاف أن فريق علم الأحياء الدقيقة كان يحطم الصخور لمدة 24 ساعة تقريبًا في اليوم لمشروع الحفر الذي استمر شهرين.