تعتبر كليات القمة في مصر من أبرز المعايير التي يقيس بها الطلاب وأولياء الأمور نجاحاتهم الأكاديمية ومكانتهم الاجتماعية تاريخياً.
كانت كليات مثل الطب والهندسة والصيدلة من بين الأكثر طلباً وتقديراً، ولكن مع التغيرات السريعة في سوق العمل، وتطور التكنولوجيا، أصبح من الضروري إعادة تقييم مدى أهمية هذه الكليات في السياق الحديث.
كليات القمة في مصر
في هذا السياق، تبدأ المرحلة الأولى من تنسيق الجامعات 2024، فور تسليم نتيجة الثانوية العامة لمكتب التنسيق، وعقب ذلك تجتمع اللجنة العليا للتنسيق لوضع الحد الأدنى للقبول بكليات المجموعة الطبية والهندسة للشعب العلمية، وبعض كليات المجموعة الأدبية.
وعن توقعات تنسيق الجامعات، تقاربات الآراء حول توجه واحد وهو انخفاض تنسيق الجامعات لكليات القمة عن سنوات العام الماضي 2023، حيث إن الحد الأدنى للقبول بالكليات الطبية والهندسية فى المرحلة الأولى من تنسيق الجامعات 2023 بلغ بكليات الطب البشرى 91.34%، وطب الأسنان: 90.97%، طب علاج طبيعي 90.12%، وصيدلة: 89.51%، الهندسة: 85%، التخطيط العمراني: 83,41%.
وأكد خبراء التعليم أن المجتمع يحتاج لكل التخصصات وجميع المهن وليست هناك كلية أو مهنة فى القمة وأخرى في القاع ولا يعني دخول الطالب كلية معينة بلوغه القمة حتى لو فشل فيها ..فربما يلتحق بكلية مجموعها منخفض وينبغ فيها حتى يلامس نبوغه السحاب .
من جانبه، قال الدكتور ماجد أبو العينين، عميد كلية التربية السابق في جامعة عين شمس، إن شهادة الثانوية العامة ليست نهاية العالم بل هي مجرد مرحلة في رحلة تعليمية طويلة.
وأضاف "أبو العينين" في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن عدم الحصول على نتيجة مرضية لا يعني نهاية الطريق، بل قد تكون بداية لفرص جديدة قد تضع الشخص على المسار الصحيح.
وأشار أبو العينين إلى أن مشكلة المجتمع تكمن في التصورات القديمة المتعلقة بالركض نحو كليات الطب والهندسة، والتي يُنظر إليها على أنها الوجهة الوحيدة للمتميزين، موضحا أن هذه الكليات تُعتبر مجالًا محدودًا لا يلتحق بها سوى القليل من الطلاب المتفوقين، مما يعزز من فكرة أن النجاح الأكاديمي يرتبط فقط بالتحاق هذه الكليات.
وأكد أن الموروث الثقافي حول الثانوية العامة يخلق لدى الأسر المصرية قلقًا وخوفًا مفرطًا، حيث تُعتبر خطوة حاسمة نحو المستقبل، ومع التطورات الحالية في مختلف المجالات، أصبح من الضروري النظر إلى تخصصات جديدة مثل الطاقة والمياه وتكنولوجيا المعلومات، حيث توفر فرصًا كبيرة في سوق العمل، وأكد أن اللغات أصبحت أداة حيوية للتواصل العالمي.
ومع استحداث تخصصات جديدة ومهارات حديثة، ظهرت العديد من الكليات التي تخدم تلك التخصصات وأصبحت بلغة اليوم كليات قمة أيضا حيث تحقق لطلابها تميز وظيفي بتخصص حديث أو نادر.
وأنشأت وزارة التعليم العالي العديد من الكليات التي تخدم التخصصات الحديثة، منها كليات الذكاء الاصطناعي وعلوم الملاحة وتكنولوجيا الفضاء، لطلاب الشعبة العلمية والأدبية، ولم يعد الإقبال قاصرًا فقط على كليتي الطب والهندسة.
وأنشأت وزارة التعليم العالي كليات ذكاء اصطناعي في 13 جامعة مصرية هي: سوهاج، الأقصر، القاهرة، و طنطا، وكفر الشيخ، وحلوان، و دمهنور، و الزقازيق، والمنوفية، و بنها، ومطروح، وجنوب الوادي، والسادات»، و3 جامعات خاصة هي الدلتا للعلوم والتكنولوجيا، و فاروس، والتكنولوجيا الحديثة لطلاب الشعبة العلمية علوم والعلمية رياضة.
فضلا عن إعلان التعليم العالي إضافة عدة كليات جديدة هذا العام منها:
- كلية الدراسات العليا للنانو تكنولوجي بجامعة القاهرة
- الكلية المصرية الكورية لتكنولوجيا الصناعة والطاقة المتجددة بجامعة بني سويف التكنولوجية
- كلية تكنولوجيا الصناعة والطاقة بجامعة القاهرة الجديدة التكنولوجية.
- كلية تكنولوجيا صناعة السكر والصناعات التكاملية بجامعة أسيوط.
في الوقت الحاضر نشهد تغيرات ملحوظة في الاحتياجات الأكاديمية وسوق العمل، مما أثر بشكل كبير على نظرة المجتمع لهذه الكليات منها:
1-التغيرات في سوق العمل
التكنولوجيا الرقمية: مع تقدم التكنولوجيا، أصبحت مهارات مثل البرمجة وتحليل البيانات وإدارة الشبكات أكثر طلباً مما أدى إلى ظهور تخصصات جديدة تركز على التكنولوجيا والابتكار.
الاقتصاد الرقمي: تزايد الاعتماد على الإنترنت والتجارة الإلكترونية، مما رفع من أهمية تخصصات مثل التسويق الرقمي وإدارة الأعمال الرقمية.
2-التغيرات في الطلب على التخصصات
الطب: على الرغم من استمرار الطلب المرتفع على الأطباء، إلا أن التخصصات الطبية الجديدة مثل الطب الرقمي والذكاء الاصطناعي في الطب بدأت تكتسب أهمية.
الهندسة: كانت تخصصات مثل الهندسة المدنية والميكانيكية تتصدر القائمة، ولكن الآن هناك اهتمام متزايد بالهندسة البيئية، والهندسة الإلكترونية، والهندسة البرمجية.
لصيدلة: لا يزال طلب الصيادلة مرتفعاً، ولكن هناك توجه نحو الصيدلة الحيوية والبحث الدوائي.
ومع تغيرات السوق، تظهر مجموعة من التخصصات التي أصبحت أكثر طلباً:
البرمجة وتطوير البرمجيات:
مع تزايد الطلب على المبرمجين والمطورين يواكب الازدهار التكنولوجي. اللغات البرمجية مثل Python وJavaScript تحظى بشعبية كبيرة.
تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي:
ويعتبر تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي من المجالات الناشئة ذات الطلب المتزايد. الشركات تبحث عن متخصصين يمكنهم تحويل البيانات إلى رؤى استراتيجية.
الأمن السيبراني:
مع تزايد التهديدات الأمنية الرقمية، يتطلب الأمر خبراء في الأمن السيبراني لحماية المعلومات والأنظمة.
إدارة الأعمال والتسويق الرقمي:
تخصصات مثل إدارة الأعمال مع التركيز على التسويق الرقمي، تحليل السوق، وإدارة العلامات التجارية، أصبحت أساسية في عالم التجارة الإلكترونية.
الاستدامة والبيئة:
ومن التخصصات المتعلقة بالاستدامة وحماية البيئة، مثل الهندسة البيئية وإدارة الموارد الطبيعية، تزداد أهميتها في ظل الاهتمام المتزايد بقضايا البيئة.
ومع استمرار تطور سوق العمل، من الضروري لكليات القمة في مصر أن تتكيف مع هذه التغيرات. يجب على الجامعات والمعاهد التعليمية تقديم برامج تتماشى مع احتياجات السوق الحالية. على سبيل المثال:
-تطوير المناهج الدراسية.
-تحديث المناهج لتشمل أحدث التخصصات والمهارات المطلوبة.
-الشراكات مع الصناعة.
-بناء شراكات مع الشركات والمؤسسات لتوفير تدريب عملي ومهارات محددة.
-تشجيع الابتكار.
في هذا السياق، أكدت الدكتورة سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع، على أهمية تخلي الطالب عن فكرة التميز فقط من خلال الالتحاق بكليات القمة إذا كانت هذه الكليات لا تتناسب مع موهبته، مشددة على أن الحصول على درجات تؤهل للالتحاق بكليات مرموقة ليس مقياسًا لنجاح الطالب، خاصة إذا لم تكن هذه الكليات ملائمة لقدراته الشخصية.
وأضافت لـ “صدى البلد”، أن العديد من المشاهير الذين التحقوا بكليات الطب والهندسة لم يحققوا النجاح الأكاديمي ولكنهم أصبحوا أكثر شهرة بفضل استغلالهم لمواهبهم في المجالات الفنية أو الرياضية.
وأشارت إلى أن العديد من أوائل الثانوية العامة التحقوا بكليات القمة استجابة لضغوط الأسرة، لكنهم عانوا من صعوبة التكيف مع هذه الكليات والأعباء النفسية التي لاحقتهم طوال حياتهم.