قال الشيخ عويضة عثمان، مدير الفتوى الشفوية وأمين الفتوى بدار الإفتاء، إن دفع الزكاة للوالدين وللأولاد لا يجزئ عند جمهور أهل العلم.
وأكد «عويضة» في تصريحات له أنه لا يجوز لصاحب المال أن يدفع زكاة ماله إلى من تلزمه نفقته من أولاده أو غيرهم، لأنهم أغنياء بنفقتهم الواجبة عليه، ولأنه بدفعها إليهم يسقط نفقتهم التي هي في ذمته فكأنه دفعها إلى نفسه.
واستدل على ذلك بما نقله ابن قدامة المقدسي عن ابن المنذر قوله: «أجمع أهل العلم على أن الزكاة لا يجوز دفعها إلى الوالدين في الحال التي يجبر الدافع إليهم على النفقة، ولأن دفع زكاته إليهم تغنيهم عن نفقته، وتسقطها عنه، ويعود نفعها إليه، فكأنه دفعها إلى نفسه، فلم تجز، كما لو قضى بها دينه».
وأشار إلى أنه توجد رواية للإمام أحمد بن حنبل بجواز دفع الزكاة إلى الوالدين إذا كان المنفق عاجزا عن النفقة، فقد أجاز بعض أهل العلم له أن يدفع زكاة ماله إلى والديه أو أولاده ممن لزمته نفقتهم وعجز عنها، وقال ابن قاسم في حاشية الروض: إنه يجوز دفع الزكاة إلى الوالدين والولد، إذا كانوا فقراء وهو عاجز عن الإنفاق عليهم، وهو أحد القولين في مذهب أحمد».
مصارف الزكاة في القرآن
ورد في القرآن الكريم ذكرمصارف الزكاة الثمانيةوسنوضحها بالتفصيل:
الفقراء:والمفرد: فقير، وهو المحتاج في اللغة، والفقر ضد الغنى، أما الفقير في الاصطلاح الشرعي؛ فهو من لا يجد ما يكفيه، أو يجد بالكسب، أو غيره، بعض ما يكفيه، مما يقل عن نصف حاجته.
المساكين:والمفرد: مسكين، ويرجع إلى الجذر اللغوي سكن، وسكن الشيء؛ أي ذهبت حركته، ومنه: المسكين؛ لسكونه إلى الناس، والمسكنة تأتي بمعنى: الخضوع والقهر، أما المساكين في الاصطلاح الشرعي؛ فهم الذين يجدون أكثر كفايتهم، أو نصفها، من كسب، أو غير ذلك، إلا أنهم لا يجدون كفايتهم، وكفاية من تلزمه نفقتهم كلها.
واختلف العلماء في الفرق بين المسكين والفقير في أيهما أحوج؛ فذهب الإمام مالك إلى أن المسكين أشد حاجة من الفقير، لأن المسكين هو الساكن عن الحركة، أي الذي لا يقدر على العمل والكسب، أما الفقير فقادر على العمل والكسب، وذهب الشافعية والحنابلة إلى أن الفقير أشد حاجة من المسكين؛ مستدلين بقول الله -تعالى- في سورة الكهف: «أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر».
فقد ذكرت الآية الكريمة أن المساكين يعملون في البحر، وهو عمل يحتاج قوة، فكيف يكونون غير قادرين على الكسب، وقالوا إن السفينة للمساكين؛ فلا يكونون بذلك أقل حالا من الفقراء، ورد الحنفية والمالكية على ذلك بقولهم إن المقصود من الآية الكريمة أن المساكين يعملون في السفينة مقابل أجر، أو أنهم من ركابها، لا أنهم مالكوها.
العاملون عليها:وهم القائمون بالأعمال المتعلقة بالزكاة، من جمعها، أو حفظها، أو الكتابة لموجوداتها، فيعطون من الزكاة مقابل عملهم عليها.
المؤلفة قلوبهم:وهم السادة المطاعون في أقوامهم ممن يرجى إسلامهم، أو إسلام أقوامهم بإسلامهم؛ فيعطون ترغيبا لهم، أو ممن يخشى شره؛ فيعطون لما في إعطائهم من مصلحة ومنفعة للإسلام والمسلمين.
الرقاب:وهم العبيد الذين كانوا يدفعون لأسيادهم ثمنا؛ لقاء حريتهم، ويطلق عليهم: المكاتبين، فيجوز دفع الزكاة لهم، أو الرقاب المسلمة التي تقع في الحبس، فيدفع من الزكاة؛ لفكها وتحريرها.
الغارمون:وهم المدينون الذين تحملوا دينا؛ إما لدفعهم مالا في سبيل إصلاح بين متخاصمين؛ لإنهاء الخصومة بينهم، فيعطون من الزكاة؛ حتى يتقووا، ويزيد عزمهم على الإصلاح بين المتخاصمين، وقد يكون الغارم هو المدين الذي أعسر، ولا يملك المال لسداد دينه؛ فيجوز إعطاؤه من الزكاة؛ ليسد دينه.
في سبيل الله:فيعطى المقاتلون في سبيل الله من أموال الزكاة ما يعينهم في القتال، من السلاح والعتاد، أو النفقة له ولعائلته؛ ليتقوى على القتال ويتفرغ له، مع العلم أن الجهاد لا يكون إلا تحت راية دولة وبأمر من حاكمها وليس بيد فئة تبغي كما يفعل داعش والإرهابيون، ومن العلماء من قال إن المتفرغ لطلب العلم داخل في هذا المصرف من مصارف الزكاة -في سبيل الله-، وهناك من أدخل في هذا المصرف الفقير الذي لا يملك مالا لأداء الحج، فيعطى من الزكاة ما يكفيه ليؤدي الحج.
ابن السبيل:وهو الغريب المسافر الذي انقطعت به الطريق في غير بلده، ولا مال له، فيعطى قدرا من مال الزكاة يوصله إلى بلده.