قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

د. عصام محمد عبد القادر يكتب: صناعة البحث العلمي

×

يُعد البحث العلمي ركيزةً رئيسةً للتنمية بمجالاتها المختلفة؛ فيصعب بحال حدوث استثمارٍ ممنهجٍ بعيدًا على إفرازات ومخرجات ونتاجٍ بحثيٍ رصينٍ وعقول مبتكرة تتسم بالمثابرة والقدرة على التحمل والضبط، ومن ثم أضحى الاهتمام بآليات دعم وصناعة المعرفة وتعضيد القدرات الإبداعية والتحفيز على الابتكار ونشر ثقافته ودعم تنوعات مناهج البحث العلمي وربطه بالتعليم والتنمية بصورة وظيفية من مقومات النهضة، وما يرتبط بها من تقدمٍ وازدهارٍ بما يلبي الاحتياجات والتطلعات ويحقق جودة الحياة المنشودة.

صناعة البحث العلمي تقوم على ماهية الابتكار باعتباره واحدة من القدرات البشرية التي أسهمت وما زالت تُسهم في عمارة الأرض، وخلق مقومات الرفاهية للإنسان، فمن خلاله نتمكن من إنتاج الجديد وغير المألوف، وفي سياقه نفكر بطرائقٍ متباينةٍ عما كان بالماضي؛ حيث إن تتابع وتوالي تدفق المتغيرات صار أمرًا محفزًا على الابتكار وما ينسدل منه من تفرعات منها المرونة، والأصالة، والجدة، والتفاصيل، وقابلية التعميم، وإثارة دهشة الآخرين.

وتسهم صناعة البحث العلمي في تعظيم ما يمتلكه الفرد من قدرات؛ ليستطيع من خلالها أن ينتج المزيد من الأفكار أو يقدم منتجًا يوصف بالمستحدث وفق تفرده في خصائصه ووظائفه، ومن ثم يحقق التنافسية وتلكما ميزة تسعى إليها مؤسسات كبرى؛ لذا الاهتمام بصناعة البحث العلمي أضحى ذا جدوى؛ حيث ارتهان الحصول على كل ما هو جديد من خلال توظيف المواد الخام، وفق فكرٍ يوسم بالجدة، بما يساعد في تلبية الأسواق، وقد يتطور الأمر فتفتح أسواقًا جديدةً.

تنمية صناعة البحث العلمي تتطلب منا العمل على إيجاد مناخٍ يساعد في تحفيز الفرد على خلق مزيدٍ من الأفكار التي نصفها بالجدة، ولا بأس من استلهامها عبر منفذ الخبرات المنصرمة؛ فهذا يسمى بالربط الوظيفي بين الجديد وما سبق التوصل إليه، وهذا ما نعهده في العديد من المناشط العلمية، كما تحتاج التنمية المشار إليها إلى تبني فلسفة التفكير التوليدي التي قد تبدأ بالخيال والفرضيات الهائمة القائمة على التجريب؛ لنصل عبر سحائبها إلى نتائجٍ نتلمسها ومن ثم تتحول وفق مساراتٍ علميةٍ منهجيةٍ إلى واقع نعيش مكنونه.

وهناك تناقضات قد لا يتقبلها منطق العقل بنظرته السطحية؛ لكن صناعة البحث العلمي تستغل هذا المفهوم لتصل من خلاله وفق آليات توافقية إلى رؤى وفرضيات تشكل في طيف نظريات علمية نتثبت من فروضها العلمية ومبادئها بمزيدٍ من التجربة المحكمة، وهو ما يؤدي إلى حدوث نقلات نوعية لم نكن نتصورها في أزمنة قصيرة؛ فنرى إنجازاتٍ علميةً مبهرةً في خصائصها ووظيفتها.

إننا نتوق دومًا لمطالعة كل جديد؛ فتلكما طبيعة الإنسان في عصر الفضاء المفتوح، ولا سبيل لذلك إلا بصناعات البحث العلمي الذي تتدفق من خلاله مسارات الابتكار الموسومة بأنها عمليةٌ فكريةٌ منظمةٌ، تسعى إلى تقصي الحقائق، وتناول القضايا، والمشكلات المتجددة بمنهجية وعلمية؛ لتضيف جديد المعلومات، ومن ثم تعمل على إثراء المعرفة والوصول إلى حلول للمشكلات، بما يفتح مسار الابتكارات، وبناءًا على ذلك يتحول البحث إلى منتجٍ عمليٍ، لا يقف عند التنظير؛ فيساعد على إيجاد المزيد من المنتجات النهائية التي تؤكد في النهاية أن البحث العلمي يسير في طريق التطور والازدهار، وعليه يُعد صناعة البحث العلمي بمثابة المقوم الرئيس في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، على الصعيدين الوطني والدولي.

إن حرصنا على تعضيد صناعة البحث العلمي يؤدي إلى تنمية الإنتاجية بتنوعاتها المختلفة، وخاصة بالمعرفية والفكرية منها، إذ تسهم في تنمية الموارد البشرية؛ باعتبارها الداعم الرئيس للتنمية بمجالاتها المختلفة، وبصورةٍ مباشرةٍ نؤكد على أمر جلل ومهم يتمثل في العمل على إحداث شراكات حقيقية بين المؤسسات البحثية والمؤسسات الانتاجية؛ لنضمن استدامة تدفق المنتجات الاقتصادية التي تسد الاحتياج، بل وتحقق استثماراتٍ طائلةً تصب في مصلحة الاقتصاد الوطني.

ونهمس برفقٍ لنؤكد على أمر يساعد في صقل صناعات البحث العلمي؛ حيث ضرورة توفير ما نطلق عليه نظم المعلومات والبيانات الداعمة؛ فنمد المؤسسات البحثية بقواعدٍ معلوماتية متخصصة ودقيقة تساعد في تطوير مجالاتها البحثية، والمشهود للدولة في الوقت الراهن سعيها المستمر تجاه تطوير البنية الأساسية للبحث العلمي؛ فبات الاهتمام بالجانب التقني واقعًا نعيشه ونتنعم بمفرداته في مناط الحياة العلمية والعملية والحياتية.