قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

هل يجوز للرجل تغسيل زوجته المتوفاة في وجود نساء من محارمها؟.. انتبه

غسل الرجل لزوجته
غسل الرجل لزوجته

لعل السؤال عن هل يجوز للرجل تغسيل زوجته المتوفية ؟ يعد من الأمور التي قد لا يعرفها كثير من الأزواج ، فيما أن الشرع الحنيف قد حدد حقوق كل الزوجين في حال حياتهما ومماتهما ، وحيث إن تغسيل الميت هو من حقوقه ، وحيث إن الزواج ميثاق غليظ وعلاقة خاصة ، من هنا تنبع أهمية معرفة هل يجوز للرجل تغسيل زوجته المتوفية ؟.

هل يجوز للرجل تغسيل زوجته

قالت الدكتورة زينب السعيد، أمينة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إنه يجوز للرجل تغسيل زوجته المتوفية ، منوهة بأن المسألة هنا تتعلق بخصوصية المرأة.

وأوضحت “ السعيد” في إجابتها عن سؤال : هل يجوز للرجل تغسيل زوجته المتوفية؟ وما حكم تغسيل الزوج لزوجته المتوفاة؟، أن المسألة هنا تتعلق بخصوصية المرأة، ويجوز تغسيل الزوج لزوجته وقد استدل الفقهاء على ذلك بحديث سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، في إحدى المواقف الطريفة.

وتابع: عندما عاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيته ووجد السيدة عائشة تشكو من ألم في رأسها، قال لها ممازحاً: (ما ضرك لو مت قبلي فقمت فغسلتك وكفنتك وصليت عليك ودعوت الله لك)، منوهًا بأن هذا الحديث يعكس الطابع الإنساني واللطيف في التعامل.

وأضافت أن الفقهاء استندوا إلى هذا الحديث للإشارة إلى إمكانية تغسيل الرجل لزوجته، وقد دعموا هذا الرأي أيضاً بما فعله سيدنا علي بن أبي طالب، حيث أوصت السيدة فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم بأن يقوم بتغسيلها بعد وفاتها.

حكم غسل الرجل لزوجته المتوفاة

وأشارت دار الإفتاء المصرية، إلى أنه يجوز للزوج أن يُغسل زوجته المتوفاة على الإطلاق؛ سواء وُجِدَتْ النساء اللاتي يُغَسِّلْنَها من محارمها أو الأجنبيات عنها أم لم يُوجَدْنَ؛ أخذًا بمذهب جمهور العلماء في ذلك.

وأفادت " الإفتاء "، بأنه يجوز له أيضًا في حالة الضرورة -كالموت بسبب فيروس كورونا- الاكتفاءُ بأن يُـيَـمِّمَها فقط؛ أخذًا بمذهب السادة الحنفية، والأمر في ذلك واسع، مع التنبيه الأكيد على وجوب أخذ القائم بالغُسل للتدابير الوقائية اللازمة والإجراءات الاحترازية؛ تحرزًا من عدوى الوباء؛ حفاظًا على صحته وحياته.

الحكمة من مشروعية غُسل الميت

ونبهت إلى أنه شرع الله تعالى الغسل تنظيفًا لجسد المتوفى، وتكريمًا له، وغُسل الميت فرض كفاية بالإجماع؛ فإذا قام به البعض سقط الإثم عن الباقين، وإن لم يقم به أحد من المسلمين مع علمهم به أثموا جميعًا، فكان تمام الغسل من جانب البعض مسقطًا للإثم في حق الباقين؛ وذلك لتمام المقصود، ووجوبُ غسل المسلم كوجوب الصلاة عليه؛ لأن غسل الميت والصلاة عليه متلازمان؛ شأنهما في ذلك شأن تكفين الميت وإدخاله القبر.

من له الحق في غُسل المتوفى

وأكدت أن الأصل في غُسل المرأة أن تغسلها النساء، وفي غسل الرجل أن يغسله الرجال، وذلك لأن النظر إلى العورة منهي عنه شرعًا، لقول الله تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارهمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجهمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُم﴾ [النور: 30]، فقال الإمام النووي في "روضة الطالبين" (2/ 103، ط. المكتب الإسلامي): [الأصل أن يُغسل الرجالُ الرجالَ، والنساءُ النساءَ، وأوْلى الرجال بالرجل أولاهم بالصلاة عليه.. والنساء أولى بغسل المرأة بكل حال. وليس للرجل غسل المرأة إلا لأحد أسباب ثلاثة: أحدها: الزوجية. الثاني: المحرمية. الثالث: ملك اليمين] اهــ.

تغسيل الزوج زوجته المتوفاة

ونوهت بأن جمهور الفقهاء يجيزون للزوج تغسيل زوجته المتوفاة، خلافًا للحنفية؛ حيث انقطع عقد النكاح عندهم بالموت، فأصبح الزوج أجنبيًّا عنها، فلم يجز له النظر إليها ولا مسُّها، فإذا ماتت الزوجة بين رجال وكان بينهم زوجُها يمَّمها زوجُها؛ تنزيلًا للتيمم منزلة الغسل للضرورة.

واستطردت: جاء في "حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح" (1/ 572، ط. دار الكتب العلمية): [الرجل لا يغسل زوجته؛ لانقطاع النكاح، وإذا لم توجد امرأة لتغسيلها يـُيَـمِّمُها، وليس عليه غض بصره عن ذراعيها، بخلاف الأجنبي] اهـ. وأما الجمهور فيستدلون على الجواز بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم للسيدة عائشة رضي الله عنها: «مَا ضَرَّكِ لَوْ مِتِّ قَبْلِي، فَقُمْتُ عَلَيْكِ، فَغَسَّلْتُكِ، وَكَفَّنْتُكِ، وَصَلَّيْتُ عَلَيْكِ، وَدَفَنْتُكِ» رواه الإمام أحمد في "مسنده" وابن ماجه في "السنن"، وصححه ابن حبان.

واستشهدت بما ورد عن أسماءَ بنتِ عُمَيْسٍ رضي الله عنها أنَّ فاطمةَ رضي لله عنها «أَوْصَتْ أَنْ يُغَسِّلَهَا زَوْجُهَا عَلِيٌّ وَأَسْمَاءُ فَغَسَّلَاهَا» رواه الإمام الشافعي في "مسنده"، وابن شبة في "تاريخ المدينة" والدارقطني في "سننه" وقال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير": ورواه البيهقي من وجه آخر عن أسماء بنت عميس، وإسناده حسن.

ولفتت إلى أنه عند المالكية: يغسل الرجل زوجته حتى مع وجود النساء، ويقدم الزوج عندهم في تغسيل زوجته، وتُقدم الزوجة في تغسيل زوجها وإن أوصى كل واحد منهما بخلاف ذلك. وجاء في "المدونة" (1/ 260، ط. دار الكتب): [قال: وسأَلْتُهُ عَنْ الرَّجُلِ يُغَسِّلُ امْرَأَتَهُ فِي الْحَضَرِ وعِنْدَهُ نِسَاءٌ يَغْسِلْنَهَا؟ فقال: نعم] اهـ. وقال العلامة الدسوقي المالكي في "حاشية على الشرح الكبير" (1/ 408، ط. دار الفكر): [وَقُدِّمَ عَلَى الْعَصَبَةِ الزَّوْجَانِ؛ أَي: الْحَيُّ مِنْهُمَا فِي تَغْسِيلِ الْمَيِّتِ مِنْهُمَا وَلَوْ أَوْصَى بِخِلَافِه] اهـ.

وبينت أنه عند الشافعية: يجوز للزوج تغسيل زوجته المتوفاة على العموم دونما قيد حتى مع وجود النساء؛ لأن حقوق النكاح لا تنتهي بالموت؛ بدليل وجود الميراث، وهو أثر ترتب على النكاح، ولذلك كانت حقوق الزوجية مستمرة. وقال الإمام الشافعي في "الأم" (1/ 322، ط. دار المعرفة): [تغسل المرأة زوجها، والرجل امرأته] اهـ. وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (1/ 302، ط. دار الكتاب الإسلامي): [لِلرَّجُلِ غَسْلُ زَوْجَتِهِ وَلَوْ كِتَابِيَّةً وَإِنْ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا أَوْ أَرْبَعًا سِوَاهَا؛ لِأَنَّ حُقُوقَ النِّكَاحِ لَا تَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ، بِدَلِيلِ التَّوَارُثِ] اهـ.

وواصلت: وعند الحنابلة: يغسل الزوج زوجته والزوجة تغسل زوجها. جاء في "مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود السجستاني" (ص: 212، ط. مكتبة ابن تيمية): [سمعت أحمد بن محمد بن حنبل، سئل عن الرجل يغسل امرأته؟ قال: "بلى، ما اختلفوا فيه، لا بأس به، والمرأة وتغسل زوجها أيضًا"] اهـ. وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (2/ 390، ط. مكتبة القاهرة): [قال: "وإن دعت الضرورة إلى أن يغسل الرجل زوجته، فلا بأس": المشهور عن أحمد: أن للزوج غسل امرأته. وهو قول علقمة، وعبد الرحمن بن يزيد بن الأسود، وجابر بن زيد، وسليمان بن يسار، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، وقتادة، وحماد، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق.

واستندت لما جاء عن أحمد رواية ثانية: ليس للزوج غسلها. وهو قول أبي حنيفة، والثوري؛ لأن الموت فرقة تبيح أختها، وأربعًا سواها، فحرمت النظر واللمس، كالطلاق.
ولنا: ما روى ابن المنذر أن عليًّا رضي الله عنه غسَّل فاطمة رضي الله عنها، واشتهر ذلك في الصحابة فلم ينكروه، فكان إجماعًا. ولأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لعائشة رضي الله عنها: «لَوْ مِتّ قَبْلِي لَغَسَّلْتُكِ وَكَفَّنْتُكِ» رواه ابن ماجه، والأصل في إضافة الفعل إلى الشخص أن يكون للمباشرة، وحمله على الأمر يبطل فائدة التخصيص.

وأكملت: ولأنه أحد الزوجين، فأبيح له غسل صاحبه كالآخر؛ والمعنى فيه: أن كل واحد من الزوجين يسهل عليه اطلاع الآخر على عورته دون غيره، لما كان بينهما في الحياة، ويأتي بالغسل على أكمل ما يمكنه، لما بينهما من المودة والرحمة.
وما قاسوا عليه لا يصح؛ لأنه يمنع الزوجة من النظر، وهذا بخلافه، ولأنه لا فرق بين الزوجين إلا بقاء العدة، ولا أثر لها، بدليل ما لو مات المطلق ثلاثًا، فإنه لا يجوز لها غسله مع العدة، ولأن المرأة لو وضعت حملها عقب موته كان لها غسله، ولا عدة عليها.

ودللت بقول الخرقي "وإن دعت الضرورة إلى أن يغسل الرجل زوجته فلا بأس" يعني به: أنه يكره له غسلها مع وجود من يغسلها سواه؛ لما فيه من الخلاف والشبهة، ولم يُرِدْ أنه محرم؛ فإن غُسْلَها لو كان محرَّمًا لم تبحه الضرورة، كغسل ذوات محارمه والأجنبيات] اهـ. وهذا الخلاف بين الفقهاء في جواز غسل الرجل لزوجته المتوفاة إنما هو في الحالة المعتادة، أما حالة الوباء فهي حالة ضرورة يؤخَذ فيها بالمتاح من غير جناح؛ لأنه إذا ضاق الأمر اتسع.