ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (أقوم ببيع الآلات الموسيقية بكل أنواعها، فهل ما أقوم به جائزٌ شرعًا أم لا؟).
وقالت دار الإفتاء، إن ما يقوم به السائل من بيع الآلات الموسيقية بكل أنواعها يعد أمرًا جائزًا شرعًا، وهذا ما عليه الفتوى عملًا بما ذهب إليه الإمام أبو حنيفة ومَن وافقه، وكذا مَن أجاز السماع مِن الفقهاء، ومَن رأوا أنَّ هذه الآلات لها استعمالان أحدهما مباح، وكذلك ما ذهب إليه فقهاء الشافعية من جواز بيع ما كان لِمُكوِّناته قيمةٌ في ذاتها.
اختَلَف الفقهاء في حكم بيع الآلات الموسيقية؛ فيرى جمهور الفقهاء المالكية والشافعية والحنابلة -وهو ما عليه الفتوى عند الحنفية- حرمة بيع الآلات الموسيقية المحرَّمة، والتقييد بالمحرَّمة؛ لإخراج ما يَحِل كطَبْل الغُزَاة ونحوه.
مسألةُ بيع الآلات الموسيقية مسألة خلافية مبناها على الخلاف الفقهي في سماع الآلات الموسيقية؛ فمن لم يُجِزِ السماع لم يُجِز البيع، ومن أجاز السماع أجاز البيع، ومن المقرر أنه: "إنما يُنكَر المُتفَقُ عليه، ولا يُنكَر المُختلَفُ فيه".
وأجاز سماع غير الفاحش وما لا يُلهي عن ذكر الله منها كثيرٌ من الفقهاء؛ وهو مذهب أهل المدينة، ومَروِيٌّ عن جماعةٍ مِن الصحابة: كعبدِ الله بن عُمر، وعبدِ الله بنِ جعفر، وعبدِ الله بنِ الزُّبَير، وحسَّان بنِ ثابتٍ، ومُعاوِيَة، وعَمرو بنِ العاص، رضي الله عنهم.
على القول بحرمة السماع فإن الحرمة ليست في السماع بعينه، وإنما هي في الهيئة المشتملة على السماع، وهو ما ذهب إليه كثيرٌ مِن المُحقِّقين مِن أهل العلم مِن الصحابة فمَن بَعدَهم، فيرون أنَّ المقصود هو النهي عن اللهو، وليس تخصيص المَعازف، وأنَّ الضرب بالمَعازف والآلات ما هو إلَّا صوتٌ لا يكون له حكم في ذاته، وإنما حَسَنُه حَسَنٌ، وقبيحُه قبيحٌ، وأنَّ الآيات القرآنية ليس فيها نهيٌ صريحٌ عن المَعازف والآلات المشهورة، وأن النهي في حديث البخاري الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ» أخرجه في "صحيحه"، إنما هو عن المجموع لا عن الجميع؛ أي أن المنهي عنه هو: أن تَجتمعَ هذه المُفرداتُ المذكورة في الحديث في صورةٍ واحدة، وهذا كله على ما تقرَّر في الأصول أنَّ "الاقتِرانَ ليس بحُجَّةٍ"؛ فعَطفُ المَعازف على الزنا ليس بحُجَّةٍ في تحريم المَعازف. والحِرُ اسمٌ لفرج المرأة والمقصود به الزنا، والحرير إنما هو مُحرَّمٌ على الرجال دون النساء.