في خضم الأزمة الإنسانية المستمرة في غزة، تقف منطقة المواصي لتكون بمثابة شهادة صارخة على الظروف القاسية التي يواجهها سكانها، بعد ان أصبح هذا الملجأ المؤقت، الذي كان المقصود منه أن يكون ملاذاً من الصراع، موقعاً للمصاعب والمعاناة الهائلة، وفقا لتقرير سكاي نيوز البريطانية.
وأشارت الشبكة البريطانية إلى أنه مع تضخم عدد السكان، تكشف المنطقة عن قصور حاد في الظروف المعيشية الأساسية والكرامة الإنسانية.
ملجأ مزدحم وغير صالح للسكن
المواصي، وهو شريط ساحلي يتميز بالحقول والكثبان الرملية والمباني المهجورة، يأوي حوالي 1.9 مليون نازح، وفقًا للجيش الإسرائيلي. وقد صنفت إسرائيل هذه المنطقة على أنها "منطقة إنسانية" لتوفير الراحة للمدنيين من القتال.
ومع ذلك، ترى منظمات الإغاثة الدولية أن المواصي لا يفي بالمعايير الإنسانية ويشكل انتهاكًا كبيرًا للقانون الدولي.
العيش وسط الموتى
وأشارت الشبكة إلى أن أحد الجوانب الأكثر إثارة للدهشة والمأساوية في المواصي هو وجود ملاجئ مؤقتة داخل مقبرة عاملة. وتعيش العائلات التي أُجبرت على العيش في هذه المساحة بين قبور أحبائها. "أين سنذهب؟" وأعرب أحد السكان عن أسفه، مسلطاً الضوء على الوضع اليائس الذي يواجهه النازحون.
المقبرة التي تفوح منها رائحة الجثث المتحللة، أصبحت واقعا مريرا للباحثين عن ملجأ. ويكافح الأطفال من أجل النوم وسط الرائحة الكريهة والبيئة المزعجة.
انهيار البنية التحتية
وأضافت الشبكة أن غياب البنية التحتية في المواصي يفاقم معاناة سكانها. ومع قلة الطرق وعدم كفاية المياه العذبة، أصبحت المنطقة غارقة في القمامة ومياه الصرف الصحي غير المعالجة.
وقد أدى هذا التدهور إلى مخاوف صحية خطيرة. وقال إبراهيم، أحد السكان المحليين: "إنهم يصابون بكل هذه الأمراض، والطفح الجلدي، ولدغات الحشرات، ولا نعرف حتى ما هي الحشرات".
وقد عززت الظروف بيئة تتكاثر فيها الأمراض، مع وجود آثار لشلل الأطفال في المياه وارتفاع خطر تفشي الكوليرا.
استجابة الأمم المتحدة وانتقاداتها
ووصف سكوت أندرسون، رئيس بعثة الأمم المتحدة في غزة (الأونروا)، وضع المواصي بأنه "أشبه بفيلم خيال علمي"، مشددًا على خطورة الأزمة.
ويوضح وصفه للمنطقة - المليئة بالأنقاض والقمامة ومياه الصرف الصحي - الظروف شبه المروعة التي يواجهها سكانها. وتعمل الأمم المتحدة على التخفيف من بعض هذه القضايا، لكن الجهود لم تكن كافية نظراً لحجم الأزمة.
وتواجه الأسر في المواصي، مثل مصطفى أبو لولي وأطفاله، مشاكل صحية حادة بسبب الظروف غير الصحية. ويعاني أطفال أبو لولي من طفح جلدي منتشر على نطاق واسع، وهو يأسف لنقص المساعدة الطبية وإزالة النفايات.
ويعكس إحباطه الفشل الأوسع للاستجابات المحلية والدولية على حد سواء في تلبية احتياجات أولئك الذين يعيشون في مثل هذه الظروف الأليمة بشكل مناسب.
وقد أطلع الأمين العام للأمم المتحدة في غزة المسؤولين البريطانيين، بمن فيهم وزير الخارجية ديفيد لامي، على الوضع الكارثي في المواصي. ونأمل أن تؤدي هذه المعلومات إلى زيادة الدعوة والعمل.
ومع ذلك، كما أوضح أندرسون، فإن الحل الوحيد الذي يمكن أن يوفر الإغاثة الفورية هو وقف إطلاق النار. وبدونها يظل الوضع في المواصي لا يطاق، وتستمر معاناة سكانها بلا هوادة.