أعلنت حركة حماس، أمس الأول الأربعاء، اغتيال رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية بغارة إسرائيلية على مقر إقامته في طهران، بعد مشاركته في مراسم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان.
قنبلة داخل غرفته
وفقا لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، التي توصّل صحفيوها إلى أن اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، تم بعبوة ناسفة هُرّبت سراً إلى دار الضيافة التابع للحرس الثوري الإيراني في طهران منذ نحو شهرين.
وقالت الصحيفة الأمريكية إنها استندت إلى سبعة مسؤولين من الشرق الأوسط، منهم إيرانيان، بالإضافة إلى مسؤول أمريكي.
وأكد خمسة منهم أن القنبلة فُجّرت عن بُعد، بعد التأكد من وجود هنية داخل غرفته.
وقال المسؤولون من الشرق الأوسط، إن هنية أقام في دار الضيافة عدة مرات أثناء زيارته طهران، وإن إسرائيل رغم عدم اعترافها بمسؤوليتها عن اغتياله، إلا أن استخباراتها أطلعت الولايات المتحدة والحكومات الغربية الأخرى على تفاصيل العملية في أعقابها مباشرة، وفقا للتقرير.
وكانت التكهنات السابقة تركز على احتمال أن تكون إسرائيل قد قتلت هنية بضربة صاروخية من طائرة أو مُسيرة، على غرار الصاروخ الذي أطلق باتجاه قاعدة عسكرية في أصفهان في أبريل، ما أثار الجدل وقتها بشأن ثغرة في الدفاعات الجوية الإيرانية.
وتقول الصحيفة في مقالها - الذي كتبه ثلاثة من صحفييها - إن العملية هذه المرة استغلت ثغرة أمنية مختلفة في مُجمّع سكني يُفترض أنه يحظى بحراسة مُحكمة، إلا أنه سمح بزراعة قنبلة وإخفائها لأسابيع عدة قبل تفجيرها.
ولم تتوصل الصحيفة الأمريكية إلى كيفية إخفاء القنبلة في دار الضيافة، لكن مسؤولي الشرق الأوسط الذين تحدثت إليهم نيويورك تايمز قالوا إن التخطيط للاغتيال استغرق شهوراً وتطلب مراقبة مكثفة للمجمع.
وقال المسؤولان الإيرانيان إنهما لا يعرفان كيفية أو توقيت زرع المتفجرات في الغرفة.
ونقلت نيويورك تايمز عن مسؤولي الشرق الأوسط الذين تحدثت إليهم، أن الانفجار وقع في الساعة الثانية صباحاً بالتوقيت المحلي، وأن طاقم المبنى ركض للعثور على مصدر الضوضاء الهائلة، حتى وصلوا إلى غرفة هنية.
وهرع الفريق الطبي بالمبنى إلى الغرفة فور الانفجار، وأعلنوا أن هنية توفي على الفور، كما حاولوا إنعاش الحارس الشخصي، لكنه توفي أيضاً.
وقال المسؤولان الإيرانيان إن زعيم حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، زياد النخالة، كان يقيم في الجوار، لكن لم تتضرر غرفته بشدة، ما يشير إلى تخطيط دقيق في استهداف هنية بالتحديد، وفقا للمقال.
وقالت الصحيفة الأمريكية أيضا، نقلاً عن المسؤولين الإيرانيين، إن دقة الهجوم وتعقيده، تماثل تكتيك سلاح الروبوت الذكي الذي يُجرى التحكم فيه عن بعد، والذي استخدمته إسرائيل لاغتيال كبير العلماء النوويين في إيران محسن فخري زاده في عام 2020.
ونقلت وكالات خبرية إيرانية تقريرا تطرق لتفاصيل اغتيال رئيس المكتب السياسي في حركة حماس إسماعيل هنية فی طهران، مشيرًا إلى أن المراكز الأمنية الإيرانية كانت تعلم جيدا أن هنية مطلوب ومهدد من قبل إسرائيل، لذلك خضع فور دخوله طهران، لمرافقة أمنية مشددة وإلى بروتوكول أمني استثنائي بالإضافة إلى وحدة الشرطة الخاصة بالحماية، كما تواجدت في مرافقته قوات أمنية من أنصار المهدي (الأمن الرئاسي) واستخبارات الحرس الثوري الإيراني، وكانت مرافقته أكبر من المسؤولين الآخرين.
وبعد حضور إسماعيل هنية في البرلمان الإيراني للمشاركة في مراسم اداء اليمين الدستوري للرئيس الإيراني مسعود بزشكيان توجه إسماعيل هنية لزيارة أحد المعارض في محوطة برج ميلاد لمدة 4 ساعات ونشرت وسائل الإعلام صورا من زيارته للمعرض، ثم بعد ذلك تم نقل هنية إلى مقر إقامته حوالي الساعة 9:00 مساءً.
محل إقامته المخصص حسب ما ذكر التقرير هو “بيت ضيافة إيثار” الواقع في مجمع تابع للحرس الثوري الإيراني في زعفرانية، شارع نياز زاده، شارع تنابنده في محيط قصر سعد آباد، وكان بيت الضيافة تحت حماية أمنية مشددة.
بحسب التقریر، في الساعة 1:45 صباحًا، أطلقت طائرة صغيرة بدون طيار النار مباشرة على غرفة هنية، مما أدى إلى مقتله وحارسه الشخصي. کما يُقال أن عملية الاغتيال هذه نفذت من خلال تحديد الموقع الدقيق عبر برنامج واتساب لخطه القطري.
وذكر التقرير أن “سبوتنيك” نقلت عن الصحفي اللبناني إيليا مانير، أن إسرائيل قامت بتثبيت برنامج تجسس على هاتف هنية من خلال رسالة واتساب.
وقد مكّن برنامج التجسس هذا من تحديد الموقع الدقيق للمنزل الذي يتواجد فيه زعيم حماس وشن هجوم صاروخي عليه عبر طائرة بدون طيار.
تنظيم الملالي المسئول
في هذا الصدد قال المحامي والمحلل السياسي زيد الايوبي إنه من الممكن ان يكون تنظيم الملالي مخترق من قبل الموساد الإسرائيلي ، كما أن هناك بعض العناصر من حركة حماس يعملون مع الاحتلال الإسرائيلي، مشيرا إلى أن اسماعيل هنية كان مطلوب بشدة وهذا ما اعلنه صراحة بنيامين نتنياهو، فبالتالي هناك أسئلة كثيرة يجب أن تطرح ويأتي على رأسهم كيف يمكن له الذهاب من بلد إلى بلد بشكل طبيعي فضلاً عن قيام الحرس الثوري الإيراني بأخذه لمكان معزول حيث إن المبنى الذي وضع فيه اسماعيل هنية ليلة اغتياله كان مبنى معزول وبعيد تماما عن كل الاحتياطات الأمنية " مبنى المحاربين القدامى".
واضاف خلال تصريحات خاصة لـ"صدى البلد " في اعتقادي أن تنظيم الملالي كان يريد الخلاص من اسماعيل هنية ، وسهل كثيرا على الموساد الوصول لغرفة نوم اسماعيل هنية، وقد يكون ذلك في إطار صفقة عقدتها إيران مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل غير معلومة الأهداف حتى الآن لكن بالتأكيد سيتم الكشف عنها مع الوقت ، وإذا لم يقوم تنظيم الملالي بشكل مباشر في اغتيال هنية فإنه بالتأكيد سهّل الأمر لاغتياله حيث إنه المكلف بحمايته باعتباره ضيفاً ومن هنا تأتي مسئولية تنظيم الملالي، وبالتالي إسرائيل مسئولة من جهة وتنظيم الملالي مسئول من جهة.
ماهو نظام الملالي؟
نظام الملالي أو نظام ولاية الفقيه هوالنظام الذي استلم السلطة في إيران بعد الثورة الإسلامية التي أطاحت بالشاه محمد رضا بهلوي عام 1979م، بقيادة آية الله الخميني والذي حوَّل إيران من الحكم الملكي إلى جمهورية إسلامية.
وفرض نظام ولاية الفقيه على الشعب، وأعاد صياغة الدستور، ليكون برئاسة “الولي الفقيه”، أو المرشد الأعلى”.
كما جعل المادة الثانية من الدستور الإيراني تنص على ما يلي “الدين الرسمي لإيران هو الإسلام، والمذهب الجعفري الاثنا عشري، وهذه المادة تبقى للأبد غير قابلةٍ للتغيير”.
إلَّا أن التوجه الفكري والسياسي لنظام الملالي جاء مخالفًا للشعارات التي نادى بها خلال الثورة الإسلامية، إذ تمَّ تسخير إمكانيات إيران الاقتصادية والعسكرية والسياسية والاجتماعية والبشرية والإعلامية لخدمة هذا النظام.
جثمان إسماعيل هنية
شُيع جثمان رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في قطر، اليوم الجمعة، عقب اغتياله في طهران بضربة نُسبت إلى إسرائيل، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي من جانبه أن "الضربة الوحيدة التي نُفذت في تلك الليلة في الشرق الأوسط هي التي استهدفت فؤاد شكر في ضاحية بيروت الجنوبية.
وعصر الخميس وصل إلى الدوحة نعش هنية الذي اغتيل مع مرافقه الشخصي في مكان إقامته في العاصمة الإيرانية طهران.
وقبيل ذلك، شاركت حشود ضخمة في مراسم شعبية لتشييعه صباح الخميس في العاصمة الإيرانية، حيث أمّ المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله علي خامنئي المصلّين في جنازة هنية في جامعة طهران، وحمل المشيّعون صور رئيس المكتب السياسي لحماس وأعلاماً فلسطينية.
وبعد الصلاة، بحضور الرجل الثاني في الحركة خليل الحيّة، حُمل النعش الملفوف بالعلم الفلسطيني على الأكتاف قبل نقله إلى مقبرة لوسيل ليوارى الثرى في قطر التي كانت مقرّ إقامته مع أعضاء آخرين في المكتب السياسي لحماس.
وجاء اغتيال زعيم حماس بعد ساعات فقط من قيام إسرائيل باغتيال القيادي العسكري البارز في حزب الله اللبناني فؤاد شكر، في ضربة زادت المخاوف من توسع النزاع الدائر منذ نحو عشرة أشهر في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس.