أن يكون دافعك حلما ما، حلما طاهرا أصيلا، حلما أن تمنح هذا العالم الجديد، الجديد حبا، أو الجديد عملا، أو الجديد إكتشافا، فتتبعه بشغف، تمنح نفسك للإنجاز، و يبدو الأمر كما لو كنت ستنجح، ثم تكتشف أنك كنت تجري وراء سراب.
قد ينال منك الإحباط، فتدفعك طاقة اليأس الثائرة و الحرمان الهادرة الي إنغماس في شهوات ضمن البؤساء و الخانعين، لا ترضاها شخصيتك و لا مبادئك و ارادتك، فتستجمع قواك، تحاول من جديد، بخبرة أكبر ، بدروس أعمق، و نوعية أفضل، هذه المرة الرهان لا يقبل الهزيمة، و الاندفاع لا يعرف حدا، و الجهد لا يستبقي شيئا، لكن الهزيمة اكبر، و الاحباط أتعس.
تعود الي نفسك، تتساءل عما وراء إيمانك،و عما وراء النتيجة المحققة، ربما لا تعرف، لكنك تدرك ان هناك نمطا متكررا و متعاظما، يواجه كل جديد، و كل جرئ و أصيل، نمطا لا نراه، فنتصور اننا حقا نعيش حياتنا بأحلام ممكنة، ثم تصدمنا الحقيقة الأبقي، أن هذا النمط هو الساري، و هو الحاكم، و هو القادر، و أن كنا لا ندرك عمق قوته و سر حاكميته.
النمط لا يريد نقاءك، و لا يهمه أصالتك، و لا يحب مثاليتك؛ فالنمط رمادي، لا يريد استيعاب ما يغير من لون طبيعته، يري حريتك تهديدا لبقائه، و يعتقد أنك وقعت صك حياة دون ان تقرأ شروطه، النمط رمادي دنيوي، و انت تريده أبيض، فعليه إخضاعك، و إن تظاهر بمجاراتك، و عليه إحباطك، إن تجرأت علي التحدي، فشروطه غير قابلة للمراجعة و لا المناقشة، بل يتوقع أن تفهمها وحدك كما فهمها من قبلك، و أن تستوعب دروس جرأتك، و تدرك حدود إمكانياتك ، و أن تلتزم كما التزم الجميع، و تقبل بالمتاح لك، و إلا فتستمر تحارب طواحين الهواء، أو تستصرخ دونما مجيب، أو تجترع مرارة إخفاقك و أسي وحدتك؛ فالنمط باق، و أنت قطرة في محيط الزمان، و مصيرك النسيان.