تكشف نسرين مالك، في مقال لها بالجارديان، تجارب عالم آثار في غزة والتأثير العميق للصراع على التراث الثقافي والحياة الشخصية، وتستعرض في مقالها، تاثير تدمير المواقع الأثرية والمباني التاريخية الهامة، إلى جانب صراعات النزوح اليومية، والعواقب الأوسع للحرب على التراث الثقافي والتاريخي للمنطقة.
أمضى فاضل العطل، عالم الآثار والمتخصص في الترميم البالغ من العمر 43 عامًا، أكثر من ثلاثة عقود في العمل على اكتشاف التراث الثقافي الغني في غزة والحفاظ عليه. وقد تعطلت حياته المهنية، التي تميزت بالاكتشافات الأثرية الهامة والتعاون الدولي، بشكل كبير بسبب الصراع المستمر.
واجه عمل فاضل العطل، عالم الآثار في غزة، بما في ذلك المشاريع الهامة مثل حفر مقبرة تعود إلى العصر الروماني، نكسات مدمرة. وقد أدت الحرب الأخيرة إلى تدمير المواقع الأثرية الهامة. وتم تجهيز المقبرة الرومانية، التي كانت تحتوي على توابيت من الرصاص من القرن الأول الميلادي ومزينة بورق العنب، لرسم خرائط فوتوغرافية ثلاثية الأبعاد قبل تدميرها. ويمتد الدمار إلى مواقع أخرى ذات أهمية تاريخية، مثل المسجد العمري الكبير وقصر الباشا، والتي تم استهدافها عمدًا في الغارات الجوية.
لا يقتصر الدمار على المواقع الأثرية. كما تم ضرب المباني الشهيرة مثل الكنيسة البيزنطية في جباليا، والتي تمت حمايتها من خلال جهود الترميم بالتعاون مع المجلس الثقافي البريطاني. ويعرب العطل عن حزنه العميق لفقدان هذه المعالم الثقافية، مسلطًا الضوء على التأثير الأوسع للصراع على الهوية التاريخية والثقافية لغزة.
أدى اندلاع الحرب إلى إجبار فاضل العطل، عالم الآثار وفريقه على ترك عملهم والبحث عن ملجأ. في البداية، لجأوا إلى مدرسة تابعة للأونروا في النصيرات، ثم انتقلوا بعد ذلك إلى رفح ودير البلح. لقد أدى العنف المستمر والافتقار إلى المساحات الآمنة إلى جعل الحياة اليومية صعبة.
يصف فاضل العطل، عالم الآثار الظروف القاسية في الملاجئ المؤقتة، بما في ذلك الحرارة الشديدة وعدم كفاية الوصول إلى الأساسيات مثل الماء والكهرباء. وارتفعت معدلات التضخم إلى 400-500%، مما أدى إلى تفاقم الصعوبات التي تواجهها الأسر النازحة.
كان للتهديد المستمر بالعنف والدمار أثراً نفسياً شديداً على العطل. وهو يروي الرعب الناتج عن العيش في خيمة بأقل الموارد والضغوط الناجمة عن مواجهة مخاطر الصراع. ويتفاقم الوضع بسبب الخوف من الغارات الجوية والتفجيرات، التي أصبحت جزءًا منتظمًا من حياة سكان غزة.
على الرغم من تهجيره، لا يزال العطل ملتزمًا بتوثيق تدمير التراث الثقافي في غزة. ويقدم فريقه، الذي لا يزال في غزة، تحديثات وصورًا للأضرار كلما أمكن ذلك. إن تفاني العطل في الحفاظ على السجلات التاريخية وسط الفوضى يؤكد التزامه بمهنته ووطنه.