جسم صغير يتواجد في دماغ ثلث البشر، دون معرفتهم، هذا الجسم أو الطفيلي يعرف باسم “توكسوبلازما جوندي” يتواجد داخل أدمغة وأعضاء حوالي ثلث سكان العالم. وعلى الرغم من تأثيره الصامت في معظم الحالات، فقد تمكن العلماء من استغلاله بطريقة قد تحدث ثورة في عالم الطب. حتى الآن، لم يتم اختبار هذه التقنية على البشر، ولكن النتائج الأولية واعدة.

حاجز الدم في المخ

يعرف حاجز الدم في المخ بأنه أحد أكثر الدفاعات حماية للأعضاء البشرية. هذا الحاجز لا يسمح سوى لمواد محددة بالدخول من مجرى الدم إلى أنسجة المخ، مما يجعل من الصعب جدًا توصيل العديد من الأدوية، خاصة الجزيئات الكبيرة الجاذبة للماء والبروتينات، إلى المخ لعلاج أمراضه المختلفة.

جامعة الجلالة تستضيف ورشة عمل حول "التطورات الجديدة في جراحة المخ والأعصاب"

حدث ليلا | بكاء وانهيار الفنانين في جنازة المنتجين الثلاثة بالغربية.. وفاة المنتج تامر فتحي الناجي الوحيد من حادث الضبعة .. قفزة في أسعار الذهب وتحذير خطير من الأرصاد

وفقا لمجلة “لايف ساينس” على النقيض من ذلك، يتمتع الطفيلي “T. gondii” بقدرة فريدة على تجاوز أمن الدماغ بسهولة. في تجارب سابقة، لوحظ أن هذا الطفيلي يمكنه دخول أدمغة الفئران وتغيير سلوكها، مما يجعلها تنسى خوفها الفطري من القطط.

و عادة ما يصاب البشر بالطفيلي عن طريق ابتلاعه من مصادر ملوثة، ثم ينتقل إلى الدماغ بشكل طبيعي أو بمساعدة الخلايا المناعية. وعلى الرغم من أن الغالبية العظمى من الناس لا تظهر عليهم أعراض، فإن أقلية صغيرة قد تصاب بأمراض نتيجة لذلك.

استغلال الطفيلي لنقل الأدوية

في دراسة حديثة نشرت، تمكن الباحثون من هندسة الطفيلي ليكون ناقلاً للأدوية. تم تعديل “T. gondii” ليحمل شحنات من البروتينات الكبيرة وحزم البروتينات المتعددة، ثم يطلق هذه الشحنات داخل خلايا المخ. وقد تم اختبار هذا النهج في أنابيب الاختبار، فئران المختبر، ونماذج صغيرة من الدماغ البشري تُعرف بالأعضاء الدماغية.

مستقبل العلاج الطبي

إذا نجحت هذه التقنية على البشر، فإنها قد تفتح آفاقًا جديدة في علاج العديد من الأمراض العصبية والدماغية التي كانت حتى الآن صعبة العلاج بسبب حاجز الدم في المخ. يمكن لهذه التقنية أن تمثل نقلة نوعية في الطب، خاصة في مجالات علاج أمراض مثل السرطان، الزهايمر، والأمراض العصبية الأخرى.

كتب فريق التحرير في مجلة Nature Microbiology في إحاطة بحثية حول الدراسة: "إن هذا قد يكون له آثار كبيرة على العلاجات التي تحتاج إلى عبور حاجز الدم في المخ". والعديد من مؤلفي الدراسة يعملون الآن كمستشارين علميين أو موظفين في شركة Epeius Pharma، التي تطور هذه التكنولوجيا للاستخدام المستقبلي في المرضى البشريين.

بدأت فكرة استخدام طفيلي التوكسوبلازما كنظام لتوصيل الأدوية في ذهن فريق البحث في عام 2013. وفي إحاطة بحثية، كتب المؤلف الرئيسي شاهر براشا، وهو باحث ما بعد الدكتوراه في معهد ماكجفرن لأبحاث الدماغ التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: "في ذلك الوقت، بدت الفكرة بعيدة المنال - لكن هذا الطفيلي كان يفعل كل ما نحتاجه لحل مشكلة توصيل العناصر إلى الدماغ".

تحويل الطفيلي إلى نظام توصيل أدوية استغرق سنوات من العمل الجاد. خلال هذه الفترة، حصل براشا على درجة الدكتوراه من جامعة تل أبيب وتعاون بشكل وثيق مع ليلاش شينر، أستاذة علم الطفيليات في جامعة جلاسكو.