قبل فترة، اختتمت الجلسة الثالثة الكاملة للجنة المركزية الـ20 للحزب الشيوعي الصيني في بكين بنجاح. إنه اجتماع مهم عُقد في اللحظة المهمة التي تعمل الصين فيها على بناء دولة قوية وتحقيق نهضة الأمة عن طريق التحديث الصيني النمط. وتبنت الجلسة "قرار اللجنة المركزية بشأن تعميق الإصلاح على نحو شامل ودفع التحديث الصيني النمط"، ووضعت الخطة العريضة لجهود تعميق الإصلاح على نحو شامل، مما شكل نافذة مهمة للمجتمع الدولي لمراقبة الصين اليوم.
أرسلت هذه الجلسة رسالتين واضحتين، مفادهما: أولا، إن التنمية في الصين تضخ عناصر الاستقرار والطاقة الإيجابية الكبيرة للعالم في عصر تسوده الاضطرابات والتغيرات. منذ المؤتمر الوطني الـ18 للحزب الشيوعي الصيني، قادت اللجنة المركزية للحزب ونواتها الأمين العام شي جين بينغ الشعب الصيني البالغ عدده 1.4 مليار نسمة لتجاوز الصعوبات وتطبيق الإصلاحات بعزم، وعملت على دفع التحديث الصيني النمط بكامل قوتها، وتعززت القوة الاقتصادية والتكنولوجية والقوة الوطنية الشاملة والتأثير الدولي للصين باستمرار، وتجاوزت مساهمتها في النمو الاقتصادي العالمي 30% سنويا. لماذا تقدم الصين على الإصلاح؟ ولماذا نجح الإصلاح في الصين؟ يكمن المفتاح في الحزب الشيوعي الصيني، وفي تعزيز القيادة للحزب الشيوعي الصيني، وخاصة القيادة الموحدة للجنة المركزية للحزب. في النصف الأول لهذا العام، تجاوز الناتج المحلي الإجمالي للصين 60 تريليون يوان صيني، بزيادة 5% على أساس سنوي، ولم يتغير الوضع الاقتصادي للصين المتمثل في الحفاظ على الاستقرار والتوجه نحو الأفضل على المدى الطويل. وطرحت هذه الجلسة أكثر من 300 مهمة الإصلاح، وستُنجز بحلول عام 2029، الذي يصادف الذكرى السنوية الـ40 لتأسيس جمهورية الصين الشعبية. وتتقدم قضية الإصلاح في الصين بخطوات حثيثة ومستقرة، وتتفق دول العالم على أن الصين مقبلة على مستقبل واعد في مجال التنمية.
ثانيا، إن الانفتاح كعلامة واضحة للتحديث الصيني النمط، سيمكّن المجتمع الدولي من الاستفادة من التنمية الصينية. طرحت الجلسة ضرورة الالتزام بالانفتاح على الخارج كالسياسة الوطنية الأساسية، ووضعت التوجيهات الخاصة بشأن استكمال آلية الانفتاح على الخارج عالي المستوى؛ ضرورة انتهاج السياسة الخارجية المستقلة بثبات، والدفع ببناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، وتطبيق مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي ومبادرة الحضارة العالمية، والدعوة إلى بناء التعددية العالمية القائمة على المساواة والانتظام والعولمة الاقتصادية القائمة على الشمول والمنفعة للجميع. ويبعث هذا القرار المهم رسالة من أعلى المستوى مفادها أن الصين ستوسع الانفتاح على الخارج عالي المستوى، ويعكس عزيمة الصين الثابتة للتعاون مع العالم لتحقيق الكسب المشترك في العصر الجديد. يعد الإصلاح والانفتاح التطلعات المشتركة للصين والعالم، لم تساهم هذه الجلسة في وضع التخطيط للتنمية الصينية فحسب، بل تضخ قوة دافعة قوية للتنمية المشتركة للصين والعالم.
اليوم، تمر العلاقات الصينية المصرية بأفضل مراحلها في التاريخ. في نهاية مايو، أجرى الرئيس شي جين بينغ محادثات معمقة مع الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي قام بزيارة الدولة للصين، مما حدد الاتجاه لـ"العقد الباهر" المقبل للعلاقات الثنائية، وأصدر الجانبان البيان المشترك، وأعلنا هذا العام "عام الشراكة الصينية المصرية"، وأكدا على رفع مستوى العلاقات الثنائية نحو هدف إقامة مجتمع المستقبل المشترك في العصر الجديد. تحرص الصين على العمل سويا مع مصر، لتنفيذ التوجيهات المهمة الصادرة عن الجلسة الكاملة للجنة المركزية بشأن الانفتاح على الخارج، وحسن تطبيق مخرجات المحادثات بين الرئيسين، بما يدفع علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين لتتطور بشكل عميق ومستمر.
ضرورة تعميق التعاون في إطار بناء "الحزام والطريق" بجودة عالية. طرحت الجلسة ضرورة استكمال آلية بناء "الحزام والطريق" بجودة عالية، ودفع المشاريع النموذجية المهمة والمشاريع المعيشية الصغيرة بخطوات منسقة، الأمر الذي يتفق مع خصائص التعاون العملي بين الصين ومصر. في أواسط يوليو، حضر الدكتور مصطفى مدبولي رئيس وزراء المصري منتدى العمل العالمي من أجل التنمية المشتركة وألقى كلمة فيه، حيث أكد على استعداد مصر للتعاون وتبادل الخبرات مع الصين في مجالات الحد من الفقر والتنمية الخضراء والتصنيع والاقتصاد الرقمي والطيران المدني ومكافحة التصحر وإلخ، الأمر الذي يعكس الرغبة الشديدة لمصر في التعاون مع الصين. وستعمل الصين مع مصر على تنفيذ البيان المشترك والبرنامج التنفيذي بشأن الشراكة الاستراتيجية الشاملة، ودفع توطين الصناعات ونقل التكنولوجيا، وجعل ذلك الاتجاه ذي الأولوية في التعاون الثنائي في السنوات المقبلة؛ العمل على زيادة استثمار الصين في الصناعات المصرية، بما فيه صناعة السيارات الكهربائية والمعدات الإلكترونية واللوحات الشمسية والصناعة الكيماوية ومواد البناء وتكنولوجيا الزراعة الحديثة وإلخ، بما يساعد مصر على تحقيق هدف "بناء مستقبل مستدام". في الوقت نفسه، تحرص الصين على زيادة توثيق التنسيق والتعاون مع مصر في الأمم المتحدة وغيرها من المنصات متعددة الأطراف، لمواجهة القضايا الساخنة والجوهرية التي تهدد الأمن والاستقرار في العالم، وتحقيق الانتعاش الاقتصادي وحل القضايا مثل الأمن الغذائي وشح الموارد المائية وتغير المناخ.
يجب حسن استخدام الفوائد الناجمة عن جهود الصين المستمرة في توسيع الانفتاح المؤسسي. طرحت الجلسة ضرورة المواءمة مع القواعد التجارية الدولية عالية المعايير، وتوسيع الانفتاح أحادي الجانب على الدول أقل نموا، وتوسيع الانفتاح لأسواق البضائع والخدمات والرأسمال والعمالة بخطوات منتظمة، ومواصلة استكمال الأنظمة التي تسهل حياة الأجانب في الصين في مجالات الإقامة والرعاية الصحية والدفع. وتعني هذه الإصلاحات انخفاض التكلفة المؤسسية باستمرار، الأمر الذي سيزيد التعاون والتواصل بين البلدين حرية وسهولة. سنعمل على جعل التجارة الثنائية أكثر توازنا، ونرحب بالمزيد من المنتجات المصرية الممتازة لدخول السوق الصينية، وسنقدم التسهيلات لدخول عناصر الإنتاج الصينية إلى مصر لإنتاج المنتجات النهائية، ونعمل على استكشاف إجراءات تسهل تبادل الأفراد بين الجانبين، بما يدفع المزيد من الأصدقاء المصريين لزيارة الصين لأغراض تجارية وسياحية ودراسية، وخاصة التواصل بين الشباب، ورفع مستوى التعاون في مجالات الإعلام والثقافة والعلوم والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والبحوث العلمية.
تعكس العلاقات الصينية المصرية مدى وعمق العلاقات الصينية العربية، وتحرص الصين على مشاركة نتائج الانفتاح وفرص التنمية مع جميع الدول العربية. في مايو الماضي، حضر الرئيس شي جين بينغ والقادة العرب الجلسة الافتتاحية للاجتماع الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني العربي، وطرح "المعادلات الخمس" للتعاون الصيني العربي، وأعلن استضافة الصين القمة الصينية العربية الثانية في عام 2026. سيعمل الجانبان الصيني والعربي باسترشاد التوافقات المهمة بين قادة الجانبين، وينتهزان فرصة الانفتاح عالي المستوى الناجمة عن هذه الجلسة الكاملة، لتعزيز المواءمة بين "الحزام والطريق" و"الرؤية العربية 2045"، وتعميق التواصل والتعاون في كافة المجالات، وتسريع الخطوات لبناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك.
على خلفية تسارع التغيرات غير المسبوقة منذ مائة عام في العالم، تكتسب الجلسة الكاملة الثالثة للجنة المركزية الـ20 للحزب الشيوعي الصيني أهمية عالمية كبيرة. عند نقطة الانطلاق الجديدة، نتطلع إلى العمل سويا مع مصر والعالم العربي يدا بيد وبروح فريق واحد، ونتقدم سويا في المسيرة الجديدة نحو التحديث، بما يفتح آفاقا واعدا للعلاقات الصينية المصرية والعلاقات الصينية العربية.