يواجه الرياضيين في فرنسا واحدة من أكبر التحديات أثناء المنافسة في فعاليات السباحة ضمن دورة الألعاب الأولمبية لعام 2024، إذ تعد مياه نهر السبن المقرر المشاركة بالسباحة فيه ملوثة ببراز البشر والحيوانات.

تلوث بكتيري في نهر السين

على الرغم من الانتهاء من بناء خزان ضخم تحت الأرض، إلا أن الأمطار الغزيرة في باريس لا تزال تسبب زيادة ملحوظة في مستويات البكتيريا البرازية في نهر السين. هذه الأمطار غالبًا ما تأتي مصحوبة بارتفاع في بكتيريا الإشريكية القولونية، الموجودة في براز الإنسان والحيوان، مما يشكل تحديًا كبيرًا للمنظمين والرياضيين.

ارتفاع كبير بأسعار التذاكر في كل الألعاب التي تشارك بأولمبياد باريس.. تفاصيل

ترتيب مجموعة مصر لكرة اليد بعد التعادل مع فرنسا بأولمبياد باريس

في يوم 26 يوليو، تسببت الأمطار الغزيرة في إحداث حالة من الفوضى في حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية في باريس 2024، حيث طالت الرياضيين والمتفرجين وراقصي الكان كان ومغنيي الأوبرا.

ومع استمرار هطول الأمطار خلال عطلة نهاية الأسبوع، ارتفعت مستويات البكتيريا المسببة للأمراض في نهر السين، مما أدى إلى تداعيات كبيرة على فعاليات السباحة.

إلغاء وتأجيل فعاليات الترياتلون بسبب تلوث المياه

أدى التدهور السريع في جودة المياه إلى إلغاء جزء السباحة من جلسة تدريبية لفعاليات الترياتلون، وتم تأجيل سباق الرجال الذي كان مقررًا في 30 يوليو. ومع ذلك، في 31 يوليو، تمت إعادة سباقات الترياتلون للسيدات والرجال إلى جدول الأعمال، حيث غامر الرياضيون بالسباحة لمسافة 1.5 كيلومتر في مياه نهر السين.

رغم التحديات، تمكنت فرنسا من حصد الميدالية الذهبية في سباق السيدات، بينما حصلت بريطانيا على الميدالية الذهبية في سباق الرجال. ومع استمرار إقامة سباقات السباحة النهرية، من المقرر أن تُعقد سباقات التتابع والماراثون في الأسبوع المقبل، مما يزيد من القلق بشأن جودة المياه.

تحسين جودة المياه

استثمرت باريس حوالي 1.5 مليار دولار أميركي لجعل نهر السين صالحًا للسباحة قبل الألعاب الأولمبية. شملت التحسينات ربط آلاف المساكن بنظام الصرف الصحي البلدي وإنشاء خزان ضخم تحت الأرض يهدف إلى منع تدفق مياه الصرف الصحي غير المعالجة إلى النهر.

ويحتوي هذا الخزان على ما يعادل عشرين حمام سباحة أولمبي، ويساعد في تخزين المياه الزائدة وإطلاقها ببطء لتتم معالجتها بشكل صحيح.

تأثير هطول الأمطار الغزيرة

تمتلك باريس شبكة صرف صحي مشتركة تجمع بين مياه الأمطار ومياه الصرف الصحي، وتحولها إلى محطات المعالجة. لكن في أوقات هطول الأمطار الغزيرة، يتم تحويل بعض المياه غير المعالجة إلى نهر السين لمنع تراكمات كارثية.

ويساعد الخزان الجديد تحت باريس في الحد من هذه التدفقات عن طريق التقاط المياه الزائدة وإطلاقها ببطء بعد معالجة متأنية.

تأثير الأمطار على جودة المياه

قالت سارة لوري، الدكتورة في الهندسة البيئية بجامعة ستانفورد، لمجلة لايف ساينس: "من المتوقع أن ترتفع مستويات الإشريكية القولونية بعد هطول الأمطار". وأوضحت لوري أن هذه البكتيريا تعد مؤشرًا على التلوث البرازي، مما يعني أن وجودها يشير إلى احتمال تواجد مسببات الأمراض الأخرى التي تنتقل عن طريق البراز، مثل نوروفيروس والسالمونيلا.

بالإضافة إلى التلوث الناجم عن مياه الصرف الصحي البشرية، تسهم فضلات الحيوانات التي تُغسل في النهر في زيادة مستوى هذه الملوثات.

تداعيات على الرياضيين

شهدت مسابقة الترياتلون للرجال في دورة الألعاب الأولمبية سباحة الرياضيين عبر مياه نهر السين الملوثة. وبعد التدفق الهائل للبراز، يمكن توقع انخفاض مسببات الأمراض بسبب التعرض لأشعة الشمس وتقلب درجات الحرارة في الماء.

لكن المدة اللازمة لتطهير المياه قد تستغرق أيامًا وليس أسابيع، كما أوضح باتريك جوريان، أستاذ ورئيس برنامج الهندسة البيئية في جامعة دريكسل.

وعندما ترتفع مستويات بكتيريا الإشريكية القولونية في المسطحات المائية الطبيعية المتحركة بسبب جريان مياه الأمطار، يبدأ هذا الارتفاع في الانخفاض مع توقف المطر.

العوامل المؤثرة في انخفاض مستويات التلوث

وأضافت ماتيولي في تصريح لموقع لايف ساينس أن الوقت اللازم لانخفاض مستويات الإشريكية القولونية يعتمد على عدة عوامل، منها الجريان السطحي، واستخدام الأراضي المحيطة، وأنظمة الصرف.

وأشارت إلى أن عوامل إضافية مثل تعكر المسطحات المائية يمكن أن تؤثر أيضًا على سرعة موت الجراثيم. وأضافت قائلة: "من الصعب تحديد الزمن بدقة دون معرفة تفاصيل الموقع، لكن عادة ما يستغرق الأمر من يوم إلى يومين".