كشف الدكتور مختار مرزوق عبد الرحيم أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين جامعة الأزهر فرع أسيوط، عن علاج الإصابة بالعين قبل وقوعها، وذلك في معرض حديثه عن التحصين النبوي من الحسد عن طريق العين.
علاج الإصابة بالعين قبل وقوعها
وقال «مرزوق» من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، على المسلم أن يدعوبالبركة عند النظر إلى ما يعجبه، حيث روى الإمام مالك فى الموطأ عن محمد بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنه سمع أباه يقول : اغتسل أبي سهل بن حنيف بالخرار - موضع قرب الجحفة - فنزع جبة كانت عليه وعامر بن ربيعة ينظر .
قال : وكان سهل رجلا أبيض حسن الجلد . قال فقال له عامر بن ربيعة : ما رأيت كاليوم ولا جلد عذراء . قال فوعك سهل مكانه واشتد وعكه . فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره سهل بالذي كان من شأن عامر . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (علام يقتل أحدكم أخاه أﻻ بركت - أي دعوت بالبركة - إن العين حق توضأ له ) فتوضأ له عامر فراح سهل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس به بأس . انظر الموطأ كتاب الجامع ( الوضوء من العين ) ج 2 ص 938 .
وفي رواية ثانية في الموطأ أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عامر بن ربيعة أن يغتسل له. فغسل عامر وجهه ويديه ومرفقيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح ثم صب عليه فراح سهل مع الناس ليس به بأس . انظر الموطأ ج 2 ص 939 .
وأوضح أن في الحديث الشريف ما يدل على حقية الإصابة بالعين، وقد ورد في رواية الحاكم أن عامر بن ربيعة قال ( فأصبته بعيني ) مما يدل على أنه بمجرد أن نظر إليه بإعجاب ولم يبرك أصيب سهل بالعين في الحال لدرجة أنه لم يستطع أن يخرج من الماء . وحين حضر النبي صلى الله عليه وسلم غضب وقال : علام يقنل أحدكم أخاه ؟ وهذا يفيد حقية الإصابة بالعين التي ينكرها بعض من يدعون العلم .
وأكمل: دل القرآن الكريم على حقية الإصابة بالعين في سورة يوسف : حيث حكى القرآن قول يعقوب لبنيه ( وقال يابني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة وما أعني عنكم من الله من شيء إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فلتوكل المتوكلون )
قال ابن كثير قال ابن عباس وغيره : خشي عليهم العين وذلك أنهم كانوا ذوي جمال وهيئة حسنة ومنظر وبهاء فخشي عليهم أن يصيبهم الناس بعيونهم فإن العين حق تستنزل الفارس عن فرسه . انظر تفسير ابن كثير ج 2 ص 484
ودلت السنة الصحيحة على حقيقة الإصابة بالعين في كثير من الأحاديث ومن ذلك ما يلي:
1- عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (العين حق ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين وإذا استغسلتم فاغسلوا). صحيح مسلم كتاب السلام باب الطب والمرضى والرقى ج 5 ص 32 .
2- عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن العين لتولع بالرجل حتى يصعد حالقا ثم يتردى منه) رواه أحمد والبزار ورجال أحمد ثقات انطر مجمع الزوائد ج 5 ص 109 وانظر الفتح الرباني ج 17 ص 189 . ومعنى الحديث : أن العين تعلق وتغري بالرجل وتتمكن منه حتى يصعد حالقا وهو الجبل العالي ثم يسقط منه ...
وأضاف: على يؤخذ من الحديث السابق أنه إذا عرف العائن -أي الذي نظر إلى الطفل - وطلب منه الوضوء أو الإغتسال لكي يصب الماء على المعيون - الطفل المصاب بالعين - فإنه يتعين عليه أن يصنع ذلك. كما يؤخذ هذا من الحديث السابق ومن قوله صلى الله عليه وسلم ( العين حق ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين وإذا استغسلتم فاغسلوا). رواه مسلم في كتاب السلام باب الطب والمرض والرقى ج 5 ص 32 .
وشدد: لا يستهينن أحد بهذا العلاج النبوي للإصابة بالعين ، فإن كثيرا من الأطفال يبكون دون سبب ظاهر ويكون المرض من العين كما ورد في الأحاديث السابقة، كما يدل على ذلك ما يلي:
1- عن حميد بن قيس المكي أنه قال : دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بابني جعفر بن أبي طالب ، فقال لحاضنتهما : مالي أراهما ضارعين ؟
فقالت حاضنتهما : يا رسول الله إنه تسرع إليهم العين ، ولم يمنعنا أن نسترقي لهما إلا أنا لا ندري ما يوافقك من ذلك .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : استرقوا لهما فإنه لو سبق شيء القدر لسبقته العين ).
انظر الموطأ كتاب الجامع باب الوضوء من العين ج 2 ص 940- 939 .
2- عن عائشة رضى الله عنها قالت : دخل النبي صلى الله عليه وسلم فسمع صوت صبي يبكي ، فقال : ما لصبيكم هذا يبكي ، فهلا استرقيتم له من العين ) .
أخرجه الإمام أحمد في المسند وأخرج نحوه الطبراني في الكبير بسند جيد عن أم سلمة انظر بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني ج 17 ص 192- 191 .
واختتم: كل ما تقدم من أحاديث يدل دلالة صريحة على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحض أصحابه الكرام على أن يحصنوا أطفالهم من العين وكذلك علمهم أن يرقوا أطفالهم الذين أصابتهم العين .