من منا لا يعيش تحت ضغوط الحياة اليومية؟ تتفاوت الضغوط بين النفسية والمادية، وقد تتشابه أسبابها أحياناً وتختلف في أحيان أخرى، لكن في النهاية، جميعها تقودنا إلى طريق واحد: الاكتئاب.
الاكتئاب ليس مجرد شعور عابر بالحزن أو الضيق، بل هو مرض نفسي خطير يتسم بشعور مستمر بالحزن وفقدان الاهتمام والمتعة في الحياة اليومية. يمكن أن يؤثر الاكتئاب بشكل كبير على كيفية شعور الشخص وتفكيره وسلوكه، مما يؤدي إلى مجموعة متنوعة من المشكلات العاطفية والجسدية، ويعوق قدرة الفرد على القيام بالأنشطة اليومية، مما يؤثر سلباً على جودة حياته.
يمثل الاكتئاب خطراً كبيراً على حياة الإنسان، إذ يمكن أن يتسبب في مجموعة من الأعراض الجسدية مثل الأرق أو فرط النوم، وفقدان أو زيادة الوزن، بالإضافة إلى الشعور بالتعب والإرهاق وآلام غير مبررة. يمكن أيضاً أن يزيد من خطر الإصابة بأمراض مزمنة مثل أمراض القلب، والسكري، وارتفاع ضغط الدم. إلى جانب ذلك، يمكن أن يسبب مشاكل في التركيز والذاكرة، ويشعر الإنسان باليأس وفقدان الأمل، مما يزيد من خطر التفكير في الانتحار.
لا تقتصر تأثيرات الاكتئاب على الشخص ذاته فقط، بل تمتد لتشمل علاقاته الاجتماعية أيضاً. يشعر المريض بالعزلة والرغبة في الهروب من التعامل مع الناس، مما ينعكس سلباً على العلاقات الأسرية والاجتماعية. وتعتبر هذه الحالة نتيجة تراكمات من مشاعر الحزن والإحباط المستمر نتيجة الظروف النفسية القاسية والخلافات الزوجية أو العاطفية، أو مشاكل العمل.
هناك بعض الأسباب الوراثية التي قد تسهم في الإصابة بالاكتئاب، لكن الظروف النفسية القاسية تلعب دوراً كبيراً في تفاقم الحالة. الخلافات الزوجية والعاطفية، ومشاكل العمل، والشعور بالإحباط نتيجة عدم تحقيق الأهداف، كلها عوامل تسهم في تعزيز الشعور بالاكتئاب. وفي النهاية، يطارد الاكتئاب الإنسان، والقليل فقط من ينجو منه.
من أكثر الأمور التي تدمر المشاعر وتسبب الاكتئاب هو فقدان الثقة بالأشخاص المقربين. حين يفقد الشخص ثقته بمن حوله، تتغير حياته تماماً، وتصبح بلا قيمة، وتنهار القلوب ويتملك الحزن منها، مما يصيب المرء بالإحباط الدائم. يكمن الخطر الأكبر في عدم القدرة على النسيان وعدم القدرة على الغفران.
يعيش البعض حياتهم بأنانية مفرطة، غير مدركين تأثير أفعالهم على الآخرين. قد يدمرون من حولهم بلا رحمة، ولا يدركون ما فعلوا إلا بعد فوات الأوان. يبقى الألم دفيناً في القلوب، لا شفاء له، فمن الصعب تجاوز بعض الجروح والسير قدماً في الحياة. الحل بسيط لتجنب الوصول إلى هذه الحالة، وهو التفكير في الآخرين قبل اتخاذ أي قرار قد يدمر الجميع، لمجرد إشباع رغبات زائفة.