بمجرد أن تطأ قدمك عتبة الإيموبيليا، تشعر وكأنك انتقلت من زمن إلى آخر، فتصميمها يشد الأنظار ويأسر الخيال ويقف شامخًا في وجه المباني التقليدية المتراصة حولها.
ولأني أعرف تاريخها أبحث عن أسماء النجوم الذين عاشوا بها على اللافتة لأفاجأ بأنها اختفت وأن هناك مزاعم أن الأشباح أخذتها.
وتسلل الأمل إلى قلبى عندما شاهدت يافطة مكتوبا عليها عاش هنا نجيب الريحاني الذي كان من أوائل الفنانين الذين عاشوا في تلك العمارة التي صاحبتها الأساطير والروايات المرعبة.
خالد الحجر وأشباح ليلى مراد
وما يجعل شعور الخوف يساورني ما أكده المخرج خالد الحجر، إنه يعاني من رؤية أشباح وكيانات غامضة في شقته بعمارة "الإيموبيليا" ويبدأ ظهور تلك الأشباح من وقت المغرب حتى بعد الفجر، وأنهم منتشرون حوله في كل مكان، بالأخص في الممر الخاص بالشقة، وفي بعض الأحيان بالحمام وغرفة نومه.
ونوه خالد الحجر خلال عدة لقاءات تلفزيونية أن تلك الشقة كانت تعيش فيها الراحلة ليلى مراد التي توفيت عام 1995، وقد اشتراها بعد ذلك، وغير أثاث الشقة بالكامل، فيما عدا غرفة نوم ليلى مراد، حيث قرر الاحتفاظ بها.
ولفت الحجر إلى أنه مقتنع أنهم غير مؤذيين ولا يخاف منهم ، ويقول إنه في إحدى المرات ركب الأسانسير لينزل ويشتري سجائر، فأخذ الأسانسير في الصعود والهبوط بالدور الرابع والخامس أكثر من ستة مرات، وحينما حدثهم قائلا: "بعد إذنكم عايز أنزل أشتري سجاير"، تحرك الأسانسير حتى وصل للأسفل .
وقرر خالد الحجر أن يقوم بعمل فيلم يحمل اسم جريمة الإيموبيليا يجسد فيه ما شاهده من أصوات غريبة وحركات مريبة، أطياف تتحرك ورعب كبير يملأ الأجواء.
مواجهة المخرج بحقيقة أشباح ليلى مراد
وعن ذلك قال العميد أيمن يحيى مدير الأمن والخدمات بشركة الشمس أن خالد الحجر لا يسكن في شقة ليلى مراد لأن ليلى مراد كانت تسكن في الجناح البحري وخالد الحجر يسكن في الجناح القبلي.
وأضاف لـ “صدى البلد” أنه لا يعلم ما يراه داخل شقته لكنها لا تمت لشقة ليلى مراد بصلة ، وأن العمارة تحتاج تطوير لأنه كان بها اتحاد شاغرين لا يقوم بالإنفاق بشكل جيد .
وأكد أن شركة الشمس تقوم حاليا بدراسة تطوير العمارة وبدأت بالفعل في العديد من الإجراءات وأن الحي أخذ اللافتة الشهيرة التي كان بها أسماء النجوم لترميمها وسيعيدها لمكانها.
بداية ظهور الأشباح
ويرجع بداية ظهور الأشباح للجريمة الأبشع التي حدثت داخل "عمارةالإيموبيليا" جريمة قتل وقعت في الطابق الخامس من العقار عندما تلقت مباحث العاصمة بلاغابالعثور على جثتى سمسار وربة منزل مقتولين داخل الشقة رقم 58 ومن خلال المعاينة تبين أن الجثة لسمسار 63 سنة موظف سابق بالمعاش والجثة الثانية لخادمة 38 سنة، ووجد حول رقبتي الجثتين الملقاتين داخل غرفة النوم آثار خنق.
التحريات التي أجرتها الأجهزة الأمنية في ذلك الوقت كشفت أن السمسار كان مسئولا عن تأجير ثلاث شقق من العقار ملاكها يقيمون بالاسكندرية وأوكلوا له تأجيرها والمجنى عليها الثانية كانت تعمل خادمة لدى سكان العمارة وقالت الفتاة التي اكتشفت الجثتين أنها كانت قد حضرت لتنظيف إحدى الشقق الخالية حسب اتفاقها مع السمسار المجنى عليه تمهيدًا لتأجيرها إلا أنها فوجئت بباب الشقة مفتوحًا وعندما طرقت الباب لم يرد عليها أحد ودخلت لتفاجأ بهما ملقيان على سرير غرفة النوم بكامل ملابسهما فصرخت وتجمع الجيران.
انتهت التحقيقات الى ان الجاني كان مستأجر للشقة وطلب من السمسار فتاة لقضاء ليلة حمراء معها فأحضر له المجني عليها الثانية ونشأت بينهما علاقة آثمة الا انه بعد عدة مرات طالبته بأجرها فاختلف وتشاجر معها في وجود السمسار الذي تشاجر معه ايضا عندما علم بنيته في مغادرة الشقة دون أن يعطيهما الأموال المتفق عليها فقام بقتل السمسار وعندما بدأت الخادمة في الصراخ خنقها حتى فارقت الحياة وغادر الشقة مسرعا الا أن الاجهزة الامنية كشفته من خلال "بطاقة شخصية" تركها في سيارة كانت مستأجرة أيضا بجراج العمارة.
شاهد عيان على أشهر جريمة قتل
وقال محمد وجدي شاهد عيان على واقعة القتل الأشهر في تاريخ العمارة، إن الجريمة لم تحدث عام 1996 بل حدثت 2009 أو 2010 .
وأضاف لصدى البلد أن زوج الخادمة جاء العمارة ليبحث عنها وطلع الشقة مع أفراد الشقة ،ووجدوا عندما كسروا الشقة مصطفى السمسار مقتول وجالس على كرسي ومتغطي بملاية ووجدوا الخادمة مقتولة ونايمة بين السريرين.
وتابع مؤجر الشقة هو منفذ الجريمة وبات يوم في المكان بعد الواقعة وخرج في الصباح، وقامت المباحث بتحريات وبعد 48ساعة فتحوا عربية السمسار وبحثوا بها ووجدوا بها بطاقات الناس الذين يؤجر لهم الشقق.
وأوضح أن المباحث عرفت هوية القاتل وأنه من الشرقية ،وتم محاكمته بشكل سريع ونُفِذ فيه حكم الإعدام . وأكد أن الحديث عن وجود أشباح لا أصل له لأنه في العمارة منذ 260عام ، ولم يرى شيئاً رغم أن عمله يتطلب السهر أحياناً.
سر اختفاء اللافتة
أما اختفاء اللافتة فهو أمر يرويه الكثيرين ممن يسكنون العمارة ولا يعرفون مكانها لكن الحاج على صابر حارس العقار منذ ما يقرب من 35عام أكد أن اللافتة في حوزته وأنها نزعت من مكانها للترميم وسوف تتم إعادتها في شهر أكتوبر القادم .
وأضاف على لصدى البلد أن هناك شائعات عن العقار بسبب خلاف بعض الملاك مع إدارة الشركة بسبب الإيجارات وأن شائعات الأشباح نوع من العقاب.
ولفت أن المخرج خالد الحجر يقيم في شقته ويستقبل زوار وينفي وجود أي أشباح في المكان لأن وجودهم سيدفع الحجر لتركه على الفور.
فنانين عاشوا في الإيموبيليا
عاش نجيب الريحانيفي الطابق الثالث شقة رقم 321 والتي أغلقتها ابنته منذ رحيله، كما أقنع الريحاني محمد عبد الوهاب أن يترك العباسية ليسكنفي الشقة المجاورة لشقته والتي الذي ظل بها عبد الوهاب حتى آخر الثمانينيات عندما انتقل للزمالك.
وفى الطابق الثامن كان يسكنأنور وجديوزوجتهليلى مرادفي الشقة التي أشهرت بها شركة الإنتاج الخاصة بهم، وبجوارها شقة الفنانة اليهودية كاميليا والتي كان يحبها الملك فاروق وكان يزورها متخفياً في تلك الشقة ويسهر عندها حتى الصباح حتى توفت في حادثة مأساوية سقوط طائرة ظن الجميع أن الحادثة مدبرة.
وفى الطابق الثالث شقة 311 كان يسكن المطرب الشهيرعبد العزيز محمودوما زالت الشقة تحمل يافطة أفلام عبد العزيز محمود وتملكها ابنته.
وكان الفنان محمد فوزي في الطابق السابع مع زوجته هداية الملقبة بملكة جمال المعادي ويملكها الآن ابنه الدكتور منير بعد وفاة والدته السيدة هداية.
عاش بها أيضاً محمود المليجى مع زوجته الفنانةعلوية جميلوممن سكنوا العمارة أيضاً المخرج محمود ذو الفقار، والمخرج هنرى بركات، والمخرجكمال الشيخوالفنانة أسمهان والفنان أحمد سالم والمنتجة آسيا داغر حيث كانت شركة إنتاجها، وأخيراً توفيق الحكيمالذي تركها حينما ازدحمت بسكانها.
وصف العمارة
المبنىله جناحان يحتوى الأول على ١٣ طابقاً والثانى على ١١ طابقاً، وتطل على حديقة أصبحت مهملة الآن وتحتوى على ٣٧٠ شقة، كما أنها أول عمارة بها جراج تحت الأرض يسع نحو مائة سيارة، و تحوى 27 مصعداً منها ما هو للخدم وما هو للأثاث وما هو لقاطنى العمارة، ومن ما يميز العمارة أنها كانت تسبق الزمن فى فكرة إنشائها، حيث يتم وضع النفايات لكل شقة في مواسير ضخمة تصل إلى أسفل العمارة، وفيها يتم حرقها ومن خلال هذا الحرق يتم تزويد كافة الشقق بوسائل التدفئة عبر مجموعة من المواسير الضخمة ولكن انتهى هذا النظام الآن.
صاحب عمارة الإيموبيليا
مالك العمارة هو أحمد عبود باشا، وتكلف بناؤها نحو مليون و200 ألف جنيه تميزت بمساحتها الواسعة .
وقد ظلت العمارة مملوكة لعبود باشا حتى عام 1961 حين أمم جمال عبد الناصر أملاكه ومن بينها عمارة إيموبيليا فأصيب بذبحة صدرية وأوصى طبيبه بسفره للخارج فغادر مصر ومعه 5 ملايين جنيه وكمية من المجوهرات التي لم يصل لها التأميم وبقى في الخارج حتى موته وآلت ملكية العمارة لشركة الشمس للإسكان والتعمير حيث تقوم الشركة بإدارة إيرادات العمارة وتحصيل الإيجارات ورفع الدعاوى القضائية على البعض لاسترداد الشقق التي توفى أصحابها وبالتالي تعود ملكيتها مرة أخرى لشركة الشمس مالكة العمارة حالياً.