"الكُتبخانة" أو "دار الكتب المصرية" هي إحدى أهم المؤسسات الثقافية والعلمية في مصر، والتي تُعتبر ثروة فكرية وحضارية يفتخر بها المصريون، فهذه المؤسسة تحتوي على مجموعة كبيرة من الكتب والمخطوطات النادرة التي تُشكل إرثًا ثقافيًا وعلميًا عريقًا.
كان للجاحظ، في موسوعته "البيان والتبيين"، نظرة بليغة عن أهمية الكتب، حيث وصفها بأنها "نعم الذخر والعقدة"، و"نعم الأنيس ساعة الوحدة"، و"نعم القرين والدخيل والوزير والنزيل"، وأنها "مؤنس لا ينام إلا بنومك، ولا ينطق إلا بما تهوى".
علي باشا مبارك وانشاء مؤسسة دار الكتب
هذه النظرة الثاقبة للجاحظ كانت حاضرة لدى علي باشا مبارك، رائد التعليم في مصر الحديثة، والذي أسهم في إنشاء هذه المؤسسة الثقافية الهامة، فقد اجتمعت رغبة الخديو إسماعيل في إنشاء مكتبة عمومية على غرار المكتبة الوطنية في باريس، مع رؤية علي باشا مبارك لأهمية جمع الكتب ونوادر المخطوطات.
وقد تجسدت هذه الرغبة في قرار الأمر العالي رقم (66) الصادر عن الخديو إسماعيل في 20 ذي الحجة عام 1286هـ الموافق 23 مارس 1870م، والذي أسس بموجبه "الكتبخانة الخديوية المصرية". وفي مثل هذا اليوم، 29 يوليو 1870م، وُضع قانون دار الكتب الأول ولائحة نظامها، وبدأت بذلك صفحة جديدة من صفحات تاريخ الفكر المصري.
من الكتبخانة لدار الكتب
على مدى أكثر من قرن ونصف من الزمان، تغير اسم ومكان هذه المؤسسة الثقافية عدة مرات، إلا أن جوهرها ظل ثابتًا كأحد أهم المراكز الثقافية والعلمية في مصر. فمن "الكتبخانة الخديوي" إلى "دار الكتب السلطانية" إلى "دار الكتب الملكية" إلى "دار الكتب المصرية" إلى "دار الكتب والوثائق القومية" إلى "الهيئة المصرية العامة للكتاب" وأخيرًا "الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية" منذ 1993م وحتى الآن. وكذلك تغير مقرها من قصر الأمير مصطفى فاضل بحي السيدة زينب إلى منطقة باب الخلق بوسط البلد وأخيرًا إلى كورنيش النيل.
هذه المؤسسة الثقافية الرائدة تُعتبر بحق إحدى أهم ثروات مصر الفكرية والعلمية، والتي تشكل إرثًا ثقافيًا وحضاريًا يفتخر به المصريون أمام سائر الأمم.