بدأت رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني زيارة تستغرق خمسة أيام إلى بكين، مما يمثل جهدا دبلوماسيا كبيرا "لإعادة إطلاق" علاقات إيطاليا مع الصين.
ووفقا لصحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، تأتي هذه الزيارة في أعقاب قرار ميلوني المثير للجدل العام الماضي بالانسحاب من مبادرة الحزام والطريق الصينية، وهو مشروع عالمي رائد للبنية التحتية.
وخلال زيارتها، التقت ميلوني برئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ وأكدت التزامها ببدء مرحلة جديدة في التعاون الثنائي.
ويتضمن جدول أعمالها مناقشات حول تعزيز التعاون الصناعي ومعالجة الاختلالات التجارية التي ابتليت بها العلاقات الإيطالية الصينية لفترة طويلة.
أعلنت ميلوني: "نهدف إلى إظهار إرادتنا لبدء فصل جديد وتعزيز تعاوننا الثنائي". كما سلطت الضوء على ضرورة جعل العلاقة التجارية "أكثر عدالة وإفادة للجميع"، مشددة على الحاجة إلى وصول أفضل إلى السوق الصينية وتعزيز حماية الملكية الفكرية الإيطالية.
وفي إطار زيارتها، وقعت ميلوني ولي على "خطة عمل" مدتها ثلاث سنوات لتعزيز التعاون الصناعي واتفاق يركز على سلامة الأغذية.
ومن المقرر أيضًا أن تلتقي ميلوني بالرئيس شي جين بينغ، بهدف ترسيخ هذه الاتفاقيات وتحقيق الاستقرار في العلاقات الدبلوماسية.
وتحظى زيارة ميلوني بالملاحظة بشكل خاص نظراً لانتقاداتها السابقة لمشاركة إيطاليا في مبادرة الحزام والطريق. ووصفت قرار سلفها جوزيبي كونتي الانضمام إلى المبادرة بأنه "خطأ".
كان الانسحاب الرسمي من مبادرة الحزام والطريق في ديسمبر 2023 بمثابة تحول كبير في السياسة، مما يعكس محور ميلوني الاستراتيجي بعيدا عن خطط البنية التحتية العالمية الطموحة لبكين.
وعلى الرغم من هذا الانسحاب، لا تزال العديد من الشركات الإيطالية تشعر بالقلق بشأن الانتقام الصيني المحتمل. ومع ذلك، سعت روما إلى التخفيف من التداعيات من خلال التأكيد على التزامها بالحفاظ على علاقات "متبادلة المنفعة" مع الصين.
سلط جوليانو نوسي من كلية الإدارة بجامعة بوليتكنيكو دي ميلانو الضوء على الأهمية الاقتصادية لزيارة ميلوني. وأضاف أن "هذه الزيارة حاسمة بالنسبة لإيطاليا لأنها تعترف بالوضع الخاص للصين وتهدف إلى تعزيز الحوار الاستراتيجي".
وأشار ميشيل جيراسي، المسؤول الحكومي الإيطالي السابق الذي دعم مشاركة إيطاليا الأولية في مبادرة الحزام والطريق، إلى أن بكين من المرجح أن تكون حريصة على تجاوز التوترات الأخيرة.
وعلق قائلاً: "من المحتمل أن تفضل الصين التقليل من أهمية الخروج من مبادرة الحزام والطريق والتركيز على استقرار العلاقة".
وأرجعت صحيفة جلوبال تايمز، وهي صحيفة تابعة للحزب الشيوعي الصيني، انسحاب إيطاليا من مبادرة الحزام والطريق إلى الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة وغيرها من القوى الغربية، وليس إلى الافتقار إلى الرغبة في التعاون مع الصين. وتحرص بكين على استغلال انقسامات الحكومات الأوروبية مع الولايات المتحدة لتعزيز مصالحها في مختلف القضايا العالمية.
ويعكس موقف ميلوني الحذر تجاه الصين مخاوفها الأوسع نطاقا بشأن الممارسات التجارية غير العادلة والمخاطر المحتملة الناجمة عن الاعتماد المفرط على الشركات الصينية.
وكانت ميلوني قد انتقدت في السابق سجل الصين في مجال حقوق الإنسان وقضايا الأمن القومي المتعلقة بالاستثمارات الصينية في إيطاليا.