قالت دار الإفتاء المصرية، إن أداء الصلاة في جماعة من شعار الإسلام، ومن شيم الصالحين الكرام؛ فقد أعلى الشرع الشريف من شأنها، ورغّب فيها؛ فقال تعالى: ﴿وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ [البقرة: 43] أي: في جماعتهم، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «صَلَاةُ الجَمَاعَةُ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» متفق عليه، وقال: «مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ وَلَا بَدْوٍ لَا تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلَاةُ إِلَّا قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ، فَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ؛ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ» رواه أبو داود والنسائي، قال السائب بن حبيش -أحد رواة الحديث-: يعني بالجماعةِ الجماعةَ في الصلاة.
وأضافت دار الإفتاء في إجابتها على سؤال: هل يجوز للمرأة أن تؤمَّ غيرها من النساء في الصلاة؟ أن هذه النصوص وغيرها تدل على أنه لا فرق في استحباب الجماعة بين المرأة والرجل، فصلاة المرأة في جماعة مع غيرها من النساء وإمامتها لهن مشروعة مستحبة، فالتعبير بأفعل التفضيل في قوله صلى الله عليه وآله وسلم-: «صَلَاةُ الجَمَاعَةُ أفضل..» إلى آخر الحديث- يقتضي ندبيَّة الجماعة، والحديث مطلق، لم يقيده النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذَكَر أو أنثى، فدلَّ ذلك أن النساء متساويات مع الرجال في تحصيل فضيلة الجماعة، وإقامة الصلاة جماعة من قِبَلهن وحدهن كما يقيمها الرجال وحدهم.
وأشارت إلى أن جواز إمامة المرأة غيرها من النساء هو المنقول عن ابن عباس رضي الله عنهما -راجع: "السنن الكبرى" للبيهقي (3/ 187، ط. دار الكتب العلمية)-، وذكر ابن حزم عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يأمر جارية له تَؤُم نساءه في ليالي رمضان -انظر: "المحلى" لابن حزم (3/ 128، ط. دار الكتب العلمية)-، وهو مذهب عطاء والثوري والأوزاعي وإسحاق وأبي ثور -راجع: "المجموع" للنووي (4/ 94، ط. مكتبة الإرشاد)، و"المغني" لابن قدامة (2/ 17، ط. دار إحياء التراث العربي)-، وهو ما نصَّ عليه فقهاء الشافعية والحنابلة، وهو ما نفتي به.
وقد ورد ذلك من فعل أمهات المؤمنين؛ فعن ريطةَ الحنفيَّة رضي الله عنها قالت: أمَّتْنَا عائشةُ فقامت بينهن في الصلاة المكتوبة. رواه البيهقي في "الكبرى".
وعن حجيرة رضي الله عنها قالت: "أمَّتنا أمُّ سلمةَ في صلاة العصر، فقامت بيننا" رواه البيهقي في "السنن الكبرى". فلو لم تكن صلاتهن في جماعة مشروعةً لما وقع ذلك من أمهات المؤمنين؛ لقربهن من النبي ومعرفتهن بسنته صلى الله عليه وآله وسلم.
وعن أمِّ ورقةَ رضي الله عنها: "أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يزورها في بيتها، وجعل لها مؤذِّنًا يؤذِّن لها، وأمرها أن تَؤُمَّ أهلَ دارها" رواه أبو داود والحاكم والبيهقي في "السنن لكبرى".