استقبلت دار الإفتاء المصرية، سؤالا يقول: لدي طفل عمره سنة ونصف، وعند قيام زوجتي للصلاة تختلس النظر إليه من خلال الالتفات اليسير بالرأس، أو بالعين في الصلاة؛ لمتابعته حتى لا يؤذي نفسه. فما الحكم في ذلك؟ وهل ذلك يبطل الصلاة؟
وقالت دار الإفتاء، إن الخشوع وتجنب كل ما يمنع منه أمر مستحب في الصلاة. فإذا كانت المرأة تصلي، واحتاجت أن تتابع ابنها الصغير بالنظر؛ خشية الضرر عليه، أو بالالتفات اليسير بوجهها دون التحول عن جهة القبلة؛ فلا حرج عليها، ولا يؤثر هذا في صحة صلاتها، ما دام لم يصل الالتفات إلى حد استدبار القبلة.
وأوضحت، أنه يستحب للمسلم أن يخشع في صلاته، وأن يجتنب كل ما يلهيه عن هذا الخشوع، أو يمنعه منه؛ كالنظر في غير موضع السجود، وتحويل وجهه يمنة ويسرة، وما شابه ذلك؛ قال الإمام النووي في "المجموع" (3/ 314، ط. دار الفكر): [أجمع العلماء على استحباب الخشوع والخضوع في الصلاة، وغض البصر عما يلهي، وكراهة الالتفات في الصلاة، وتقريب نظره، وقصره على ما بين يديه] اه.
وذكرت أن الأصل أن يولي المصلي وجهه نحو القبلة، ولا يلتفت يمنة ويسرة، فإن كان الالتفات لحاجة جاز من غير كراهة؛ لما أخرجه أبو داود في "سننه" عن سهل ابن الحنظلية قال: ثوب بالصلاة -يعني صلاة الصبح-، فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي وهو يلتفت إلى الشعب، قال أبو داود: وكان أرسل فارسا إلى الشعب من الليل يحرس.
وإذا كان مع المرأة ابنها الصغير، وأرادت أن تتابعه بعينها، أو أن تلتفت إليه بين الحين والحين التفاتا يسيرا من غير أن تتحول عن جهة القبلة؛ فالفقهاء متفقون على جوازه -في هذه الحالة وما شابهها-؛ للحاجة.
قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (1/ 215، ط. دار الكتب العلمية) في بيان ما يستحب في الصلاة وما يكره: [ولا يلتفت يمنة ولا يسرة.. وحد الالتفات المكروه أن يحول وجهه عن القبلة، وأما النظر بمؤخر العين يمنة أو يسرة من غير تحويل الوجه فليس بمكروه؛ لما روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم "كان يلاحظ أصحابه بمؤخر عينيه"؛ ولأن هذا مما لا يمكن التحرز عنه] اه.
وقال العلامة الحطاب المالكي في "مواهب الجليل" (1/ 548، ط. دار الفكر) نقلا عن صاحب "الطراز": [والالتفات على ضربين: مباح ومكروه، فما كان للحاجة فمباح.. وأما الالتفات لغير ضرورة فمكروه] اه.
ثم قال نقلا عن البراذعي (1/ 548-549): [ولا يلتفت المصلي، فإن فعل لم يقطع ذلك صلاته، وإن كان بجميع جسده. قال الحسن: إلا أن يستدبر القبلة. قال أبو الحسن الصغير قوله: "وإن كان بجميع جسده"، زاد في الأمهات: ورجلاه إلى القبلة] اه.
وبناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فإذا كانت المرأة تصلي، واحتاجت أن تتابع ابنها الصغير بالنظر، أو بالالتفات اليسير بوجهها دون التحول عن جهة القبلة؛ فإنه لا يؤثر في صحة الصلاة، ولا حرج فيه شرعا ما لم يصل الالتفات إلى حد استدبار القبلة.