قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

عبد السلام فاروق يكتب: أمريكا على صفيح ساخن!

عبد السلام فاروق
عبد السلام فاروق
×

توقعت فيمن توقعوا أن ينسحب بايدن من السباق الرئاسي ، وقد حدث.. الآن وقد اختفي بايدن من المشهد المستقبلي للسياسة الأمريكية، فهل هناك من تداعيات عاجلة لهذا الانسحاب الذي لم يكن مفاجئاً لكثيرين؟ وهل يؤدي لاشتعال المنافسة بين ترامب والمرشح الديمقراطي بعد أن تغيرت معطيات المعادلة؟


لقد أظهرت المناظرة السابقة بين ترامب وبايدن أن الانتخابات ستكون فى جيب ترامب الأصغر، وأن نجاحه مضمون؛ خاصةً بعد محاولة الاغتيال التي تعرض لها. أما الآن وبعد اختفاء بايدن من المشهد ، فكيف ستكون الانتخابات الأمريكية القادمة، وهل تتغير قواعد اللعبة الانتخابية؟


مشهد استثنائي


رغم أن مسألة انسحاب بايدن كانت متوقعة ولها أسبابها وتبريراتها، إلا أنها تمثل مشهداً جديداً تماماً على تاريخ السباق الرئاسي الأمريكي عموماً؛ فللمرة الأولي ينسحب رئيس سابق من انتخابات التجديد ما دام يمتلك الفرصة مجدداً للفوز، غير أن الضغوط التي تعرض لها بايدن على مدار الأسابيع التي تلت مناظرته مع ترامب أفضت إلى هذا المشهد الاستثنائي.


بدأ الأمر على استحياء فى أول الأمر استجابة للغضب الشعبي لجمهور الديمقراطيين أمام الصورة الضعيفة التي بدي عليها بايدن مقابل ترامب. هجوم إعلامي شديد أعقبته مناداة بعض النواب الديمقراطيين لبايدن حتي ينسحب، ولم يزده هذا الضغط إلا إصراراً على الاستمرار!


ثم توالت أصوات النواب الديمقراطيين ليصل عددهم إلى نحو ثلاثين نائباً ديمقراطياً يريدون لبايدن أن ينسحب من السباق. أكثر من هذا أن قادة الحزب من النواب السابقين واللاحقين بات لهم نفس الرأي، وفي مقدمتهم "نانسي بيلوسي" زعيمة الأغلبية الديمقراطية فى الكونجرس سابقاً، وهي مَن هي فى خبرتها السياسية. حتي "جاك شومر" صديق بايدن وزعيم الأغلبية الديمقراطية فى مجلس الشيوخ دعا بايدن لإعادة التفكير فى مسألة استمراره فى الترشح أمام ترامب. وهكذا كان رأي "حكيم جيفريز" زعيم الأقلية الديمقراطية فى الكونجرس!
البعض يري أن كل هذه الضغوط مهما كانت مؤثرة إلا أن الأثر الأكبر جاء من الدائرة الضيقة من مستشاري الرئيس الأمريكي، وهي منحصرة فى عائلته والمقربين منه، وربما كان طبيب الأعصاب الخاص بالرئيس له دور في تعزيز هذا الرأي، وقد ذكرت الصحف الأمريكية أن الطبيب المتخصص فى علاج حالات الشلل الرعاش قد زار بايدن أكثر من ثماني مرات خلال عام واحد!


الضربة القاصمة جاءت لبايدن من المانحين والداعمين لحملة الحزب الديمقراطي الذين هدد بعضهم بحجب دعمهم الذي يصل لنحو خمس حجم حملة الدعم، والبالغ 90 مليون دولار فى حالة استمرار ترشح بايدن، وهو ما مثل ضغطاً أكبر على بايدن ليصل في نهاية الأمر لقرار الانسحاب.


ما الذي تغير؟


رد الفعل المبدئي لترامب من خلال الرسائل النصية التي سجلها على صفحته الإليكترونية تشير لمدي العصبية التي أصابته جراء قرار بايدن، وقد كان ترامب يمني نفسه باستمرار المنافسة بينه وبين بايدن؛ لأن كل حساباته السياسية قائمة على هذا الأساس.


ثم جاءت تصريحات نواب الحزب الديمقراطي فى مجلس النواب الأمريكي بغرفتيه الذين رحبوا جميعهم بقرار بايدن، وأكدوا أنه بفعلته هذه رجح مصلحة أمريكا والحزب على مصلحته الخاصة، وأن ما فعله سيحسب له لا عليه فى تاريخه السياسي.


حتي الإعلام الأمريكي سرعان ما توجهت دفته نحو المشهد الجديد فى الانتخابات الأمريكية، وجاءت افتتاحيات الصحف الأمريكية داعمة للحزب الديمقراطي فى مواجهة عودة ترامب، رغم أنها ظلت على مدي عدة أسابيع لا حديث لها إلا عن حالة بايدن الصحية وعدم أهليته للاستمرار فى حكم أمريكا أو الترشح لولاية ثانية. بل إن حملات الدعم الانتخابي نجحت فى جمع ما يزيد عن 30 مليون دولار لصالح الحزب الديمقراطي خلال ست ساعات أعقبت إعلان بايدن انسحابه!


معني هذا أن المعادلة تغيرت بالكامل، وأن الكفة عادت للتوازن، وباتت الانتخابات تجري على صفيح ساخن ملتهب، وأن كل كروت الضغط التي بني عليها ترامب حملته الانتخابية فى مواجهة بايدن والحزب الديمقراطي قد غدت عديمة الأثر. لا سيما وأن بايدن لم يترك السباق فحسب بل ودعم ترشيح نائبته "كامالا هاريس" لتصبح مرشحة الحزب الديمقراطي بدلاً منه.


مرشحة الأقليات


تتمتع "كامالا هاريس" بمزايا كبيرة، منها أنها ستضمن أصوات النساء والأقليات فى أمريكا وهما يمثلان كتلة انتخابية ضخمة، ثم إنها متحدثة لبقة وسياسية محنكة؛ لهذا لن تكون لقمة سائغة فى فم ترامب. هذا بخلاف ثقة أغلب النواب الديمقراطيين فى أدائها السياسي، إلا أن طريقها ليس مفروشاً كله بالورود..


ثمة أشياء قد تقف حجر عثرة فى طريق ترشحها وفوزها برئاسة أكبر دولة فى العالم. أولها أن قطاع كبير من الأمريكيين، خاصةً المحافظين والعنصريين وهم كثير، يرفضون أن تقودهم امرأة. ثم أن ترامب تقف خلفه كتلة انتخابية هائلة، أولها اللوبي الصهيوني الذي يدعم ترامب بكل قوة، وها هو نتنياهو ذاهب لأمريكا خلال أيام لإلقاء خطابه فى الكونجرس، ولاشك أنه سوف يلتقي الجالية اليهودية هناك ليحفزهم على انتخاب ترامب. ثم هناك منظمات أمريكية ذات توجهات عنصرية تدعم الأمريكي الأبيض ضد الأقليات، وهي منظمات يصل عددها لحوالي 190 منظمة كلهم يقفون خلف حملة ترامب. ولو صحت الادعاءات القديمة بأن روسيا تدخلت لإنجاح حملة ترامب في 2016 فإن التدخل الروسي هذا العام سيكون أقوي وأشد!


"كامالا هاريس" ذات أصول نصفها آسيوي هندي ونصفها جامايكي. وهي تتبني سياسة مشجعة لهجرة النازحين، وهو ما لا يعجب محافظي الولايات الحدودية وعلى رأسها تكساس. ولها آراء ليبرالية مثيرة للجدل، وسوف يستغلها الجمهوريون لصالحهم حال ترشحها.


أزمة نائب الرئيس!


هناك مشكلة أخري قد تواجه كامالا هاريس، وهي أن تحسن اختيار نائب لها بإمكانه إحداث توازن من حيث الدعم الانتخابي، إذ أنها تحتاج لنائب يستميل كتلة الوسط، ويكون قادراً على اجتذاب كتلة الممتنعين والاحتجاجيين؛ هؤلاء الذين قد تتوقف على أصواتهم نتائج الانتخابات. وهؤلاء يرفضون ترامب، لكنهم مازالوا مترددين تجاه التصويت للحزب الديمقراطي.


أما ترامب فقد استطاع استمالة جزء كبير من رافضيه باختيار نائب له مثير للجدل والعجب. هذا النائب هو "جيمس دافيد فانس"، وهو شاب فى بداية الأربعينيات من عمره، وهو يمثل حلم للشباب الأمريكي البسيط، لأن "فانس" منحدر من أصول فقيرة وله أسرة مفككة انفصل فيها الأب عن الأم التي أدمنت المخدرات والكحوليات، فقامت جدته برعايته حتي وصل لأعلي المناصب، والتحق بجامعة "ييل" التي لا يلتحق بها سوي صفوة أبناء قادة المجتمع الأمريكي، وقد جمع "فانس" مذكراته فى كتاب حقق مبيعات تجاوزت المليون نسخة!


هكذا أجاد ترامب اختيار نائب له بإمكانه جمع أصوات الشباب، وهم يمثلون كتلة حرجة فى المعادلة الانتخابية. بينما ما تزال كامالا هاريس لم تحسم اختيار نائب لها، بل هي نفسها غير متأكدة من موقفها فى الترشح.
أغلب الظن أن الولايات المتأرجحة، وهي نحو سبع ولايات :"متشجن، وجورجيا، وأريزونا، ونيفادا، وبنسلفانيا، وويسكنسون، وساوث كارولاينا". تلك الولايات سيكون فى يدها حسم انتخابات الرئاسة الأمريكية القادمة وترجيح كفة الحزب الديمقراطي أو الجمهوري على أساس مواقف كل من الحزبين تجاه القضايا الأمريكية الأساسية، ولاشك أن غزة وما يجري فيها من تدمير بات يمثل قضية من أهم القضايا المؤثرة اليوم فى الشارع الأمريكي واختياراته فى الانتخابات التي ستنعقد فى أوائل نوفمبر القادم.