لم يكن قرار رفع أسعار البنزين والسولار الذي أعلنت عنه لجنة تسعير المنتجات البترولية صباح اليوم الخميس 25 يوليو 2024 مفاجئًا للمواطنين، إذ أعلنت الحكومة خطواتها في هذا الصدد منذ عدة أشهر، ما أعطى المواطنين الفرصة للتكيف مع هذه التغييرات.
تقليص خسائر الاقتصاد المصري
واجهت مصر، كغيرها من دول العالم، أزمات عالمية مثل جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية وأزمة التضخم العالمية، التي تسببت في زيادة أسعار جميع السلع. واختارت الحكومة المصرية، في مواجهة هذه الأزمات، محاولة تحمل الأعباء بدلاً من تحميلها للمواطنين، مما أدى إلى زيادة المخصصات الموجهة للدعم.
تعديل أسعار الوقود خطوة ضرورية لسد الفجوة التمويلية وتخفيف الضغط على الموازنة العامة. حيث تقوم الدولة بتوفير 400 مليون جنيه شهريًا لدعم السولار و90 مليون جنيه للبنزين، مع تخصيص 147 مليار جنيه لدعم المواد البترولية في موازنة هذا العام، وهو ما يمثل زيادة غير مسبوقة. بالإضافة إلى ذلك، رصدت الدولة 635 مليار جنيه للحماية الاجتماعية وزيادة المرتبات والدعم لمساعدة المواطنين على مواجهة تداعيات القرارات الاقتصادية، في ظل ارتفاع أسعار الطاقة عالميًا وزيادة الطلب.
وتكاليف دعم الوقود في مصر مرتفعة بسبب ارتفاع أسعار النفط العالمية، حيث يصل سعر لتر السولار إلى 20 جنيهًا ويباع بـ10 جنيهات، مما يعني أن تكلفته ضعف ثمن بيعه. وتستهلك مصر حوالي 16-18 مليار لتر سنويًا، مما يؤدي إلى دعم بنحو 60 مليار جنيه.
واستثمرت الدولة أيضًا في توصيل الغاز الطبيعي للمنازل، حيث تم توصيل الغاز إلى أكثر من 6 ملايين وحدة ليصل الإجمالي إلى 14.2 مليون وحدة، ودخل الغاز الطبيعي إلى 81 منطقة جديدة، منها 33 منطقة في الصعيد. وفي إطار مشروع "حياة كريمة"، تم توصيل الغاز إلى 374 قرية كمرحلة أولى.
وأي إصلاح اقتصادي يبدأ بترشيد الإنفاق، حيث تؤدي زيادة المصروفات إلى خسائر كبيرة في موازنات الدول وزيادة ديونها. لذا، بدأت الحكومة بترشيد الدعم منذ بدء تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي في مرحلته الأولى (2015-2016)، مع التأكيد على أن الدعم يجب أن يصل لمستحقيه فقط، وهم محدودو الدخل.
كما أدت الضغوط الجيوسياسية والتوترات الإقليمية إلى زيادة الطلب العالمي على الوقود وارتفاع أسعار البترول والطاقة، مما أثر على دعم الطاقة في الموازنة العامة. فقد ارتفع دعم المواد البترولية إلى 147 مليار جنيه في العام المالي 2024-2025، مقارنة بـ18 مليار جنيه في العام المالي 2018-2019، بزيادة تصل إلى 8 أضعاف. كما أن استهلاك السولار في مصر يبلغ 45 مليون لتر يوميًا، ما يكلف الدولة نحو 400 مليون جنيه شهريًا.
أسباب زيادة أسعار الوقود
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي، الدكتور وليد جاب الله،إن الزيادة العالمية في أسعار الطاقة وارتفاع الطلب عليها أديا إلى ضغوط كبيرة على الموازنة العامة، التي خصصت نحو 147 مليار جنيه لدعم المواد البترولية وحدها.
وأضاف أن مخصصات برامج الحماية الاجتماعية وزيادة المرتبات والدعم تجاوزت 635 مليار جنيه في الموازنة الحالية 2024-2025. وأكد أن رفع أسعار الوقود كان متوقعًا نظرًا للأحداث العالمية والإقليمية وتأثيرها على أسعار النفط وأسعار الصرف، مما زاد من تكلفة المنتجات البترولية على الموازنة العامة.
ومن جانب آخر، قال المحلل الاقتصادي، إسلام الأمين، بشان ارتفاع أسعار مجموعة واسعة من منتجات الوقود، وزيادة أسعار البنزين بنسبة تصل إلى 15%، إن زيادة منتجات الوقود كانت متوقعة خاصة أنه بعد أربعة أيام سيقوم صندوق النقد الدولي بإجراء مراجعة لبرنامج قروض موسع للحكومة بقيمة ثمانية مليارات دولار.
وأضاف الأمين في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن دعم الحكومة للمواد البترولية قد إزداد ولم ينخفض هذا العام، وفق البيان المالي للموازنة الجديدة للعام 2024-2025 حيث استهدفت الحكومة زيادة دعم المواد البترولية إلى 154.5 مليار جنيه، مقارنة بـ 119.3 مليار جنيه بموازنة السنة المالية 2023- 2024، مشيراً إلى أن الأسعار العالمية للوقود هي التى شهدت ارتفاعًا أكبر وأسرع.
وأشار إلى أن سعر الوقود في مصر يعتمد على عدة عوامل، أهمها:
- الأسعار العالمية للوقود
- سعر صرف الدولار
- احتياجات الأسواق
- تكلفة الشحن والنقل.
واختتم الأمين بأنه على الحكومة مراعاة حماية فئة محدودي ومتوسطي الدخل من الزيادات في أسعار السولار، نظرًا لتأثيره المباشر على تكلفة النقل والشحن وبالتالي على الأسعار العامة للسلع، مما يوثر على الدخل الحقيقي للمواطن المصرى، وتتطلب هذه الإجراءات سياسات متوازية تهدف إلى تنفيذ مراجعة شاملة لسياسة الدعم الحالية لضمان توجيه الدعم للأسر الأكثر احتياجًا، مع زيادة طفيفة في أسعار البنزين لتعويض جزء من تكلفة الدعم وتخفيف الضغط على ميزانية الدولة.
ومن المتوقع أن تتحمل الموازنة العامة للسنة المالية الحالية أعباء إضافية بسبب ارتفاع متوسط سعر برميل النفط إلى حوالي 85 دولارًا، إضافة إلى تطبيق نظام سعر صرف مرن للجنيه المصري أمام العملات الأجنبية.