وجود مولد لأحد أولياء الله الصالحين أو حلقة تحطيب ومرماح فى قنا أو غيرها من المحافظات، يؤكد أن بجوارها بائع أو أكثر للعصى بأنواعها وأشكالها المختلفة، والتى تطورت من خيزران إلى بلاستيك، وإن كانت الأخيرة لا يُعتد بها على أنها عصا، خاصة أن العصى ارتبطت بالفتوات التى كانت تنتشر فى مصر منتصف القرن الماضى، فضلاً عن ارتباطها بصفات عديدة فى المجتمع الصعيدى كالقوة والرجولة والشهامة، وإن كانت الآية القرآنية " قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى" التى لخصت حوار سيدنا موسى مع رب العزة سبحانه وتعالى حول أهمية واستخدامات العصا.
قبل عقود قليلة من الآن، كانت العصى تجارة رائجة مطلوبة ليس عليها محاذير، لكن فى الفترة الأخيرة تحولت إلى تجارة غير محبوبة وشبه ممنوعة دون قرارات رسمية، كونها قد تكون سبباً فى إزهاق أرواح أبرياء دون وجه حق، لاستخدامها فى المشاجرات بقرى الصعيد والمناطق الشعبية فى محافظات وجه بحرى، ما جعل وجودها يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالموالد والمناسبات الشعبية التى تنتشر فيها الكثير من المنتجات الشعبية والتراثية.
أنواع عديدة
تتنوع أنواع العصا، كما تتغير أسماء بعضها من مكان لآخر، حسب نوع الاستخدام المخصص لكل عصا، فهناك عصى مخصصة لركوب الخيل وأخرى لحلقات التحطيب، وعصا مخصصة لكبار السن، تعينهم فى المشى وتخفف عنهم الكثير من المتاعب الناتجة عن آلام المفاصل، فيما يعتبرها البعض نوعاً من الديكور المكمل للجلباب الصعيدى، فضلاً عن استخدام البعض لها خلال المساء لمواجهة أى حيوانات مفترسة أو ضالة، خاصة فى الطرقات والمناطق الجبلية والمظلمة.
قال أحمد الجارد، باحث تاريخى، إن العصا زينة الرجال فى المجتمع الصعيدى، فدائماً يحمل الرجال من أهل الصعيد العصا للتعبير عن الرجولة والقوة، خاصة أنها ارتبط فى السنوات السابقة بالفتوات الذين كانت العصا أداتهم فى حسم النزاعات لصالحهم، كما أن العديد من كتب التراث أفردت لها مساحات كبيرة للحديث عن استخداماتها وأنواعها.
وأضاف الجارد، بأن العصا، لها عدة أنواع، لكل نوع منها شكل وسمك وطول مختلف عن الآخر، من أبرزها : عصا التحطيب، والتى يستخدمها أهالى الصعيد فى اللعب داخل حلقات التحطيب ومنتشرة بشكل كبير فى الحفلات والمناسبات السعيدة، والعصا المعووجة، يستخدمها كبار السن للاتكاء عليها والاستعانة بها فى السير بالطرقات، وعصا الزقلة، وهى نوع ضخم عن الشوم وتستخدم فى المشاجرات، وعصا الزانة، وهى خاصة بالخيالة يستخدمونها فى المرماح للسيطرة على الحصان خلال سباق الخيل توازن للحصان.
وتابع الباحث التاريخى، عصا الشومة، يستخدمها الفتوات فى المشاجرات، وكانت منتشرة فى الجمالية ووجه بحرى، وعصا خيزران مجلد، لها شكل جمالى مميز، مكسوة بجلد الأغنام والماشية، لحماية مستخدمها من العرق والتمكين فى الإمساك بها، والعصا العمانى، عصا صغيرة وتعد أصغر أنواع العصا ومنها نوع آخر مثنى، وعصا الجدر، نوع مزخرف بسيط ورفيع يستخدمه الشباب، أما عصا السلمة، فهى نوع خاص بقبائل العبابدة.
وقال رفعت عبدالناصر" بائع عصى"، منذ سنوات بعيدة وأنا أبيع العصى بأنواعها المختلفة، وأبحث عن موالد أولياء الله الصالحين فى القرى والمناطق الشعبية، لبيع ما لدى من عصى، حيث يتزايد الإقبال عليها من قبل أصحاب الخيول لاستخدامها فى " المرماح" أو " التحطيب"، بالإضافة لكبار السن الذين يبحثون عن عصا تعينهم على السير فى الشوارع والطرقات.
وأضاف عبدالناصر، أسعار العصى تغيرت كثيراً عن السنوات السابقة، فأسعارها حالياً تبدأ من 30 إلى 350 حسب نوع العصا، وبعضها يزيد عن ذلك، لارتباط معظمها بالاستيراد، فأنواع كثيرة منها تستورد من دول آسيوية، لذلك يزيد سعرها مع أى زيادة فى العملات الأجنبية أمام الجنيه المصرى.