كل مرحلة من مراحل عمرنا لها طريقة تفكير مختلفة ونظرة مختلفة للواقع من حولنا وللحياة بشكل عام. الظروف المحيطة بنا تشكل جزءًا كبيرًا من ردات أفعالنا. تجاربنا التي تكسبنا خبرات نستطيع من خلالها إيجاد طرق وحلول لمشكلات عديدة قد نواجهها. تختلف تلك الظروف والتجارب في كل مرحلة عمرية ومن شخص لآخر، فبالتالي نختلف كبشر في طرق تفاعلنا وفي تصرفاتنا.
في طفولتنا البريئة، كنا لا نفكر إلا في اللعب واللهو، وأكبر همنا كان ضياع لعبتنا التي تسعدنا. في مراهقتنا كانت تؤرقنا فكرة عدم المشاركة مع الكبار في إبداء الآراء. في شبابنا الأول، كنا نسعى لتحقيق أهدافنا وأحلامنا بطيش، حتى لو كانت بدون تخطيط أو دراسة. في شبابنا الناضج اليوم، بدأنا في فهم الحياة وإدراك أننا لا يمكننا تحقيق كل ما نريده ولا يمكننا تغيير العالم أو إصلاحه، ولكن على الأقل يمكننا تغيير واقعنا ومحيطنا وأنفسنا للأفضل.
نظرتنا للحياة تختلف بمرور الوقت. أدركنا اليوم أن تطوير نسختنا لا يعني أبدًا أن نسختنا القديمة يجب أن تُلغى أو تُمحى، فلولاها ما كنا لنتطور. لولا ضعف الأمس ما كنا لنقوى اليوم، ولولا فشل الأمس ما كنا لننجح اليوم. كل مرحلة من عمرنا لها دافع يدفعنا لإصلاح عيوبنا وتعديل أنفسنا.
حتى مقاييس النجاح تختلف في كل مرحلة عمرية. في الماضي، كان نجاحنا هو مجرد تحقيق ما نريد فقط، أما اليوم، فنجاحنا هو تحقيق السعادة والنفع من وراء تحقيق ما نريد. وقد يختلف مفهوم النجاح من شخص لآخر في نفس المرحلة العمرية بناء على ظروف كل إنسان وتجاربه الخاصة. قد يكون نجاح شخص فشلًا بالنسبة لآخر والعكس صحيح، حسب نظرة وفكر كل إنسان وحسب تفسيره لمفهوم النجاح.
علينا أن نتأمل في ذاتنا ونقارن أنفسنا بأنفسنا في كل مرحلة عمرية نعيشها، بدلًا من أن نقارن أنفسنا بغيرنا. علينا أن نسعى دائمًا في تطوير نسختنا القديمة إلى نسخ جديدة. التحديث والتطوير لا يعنيان التغيير الجذري أو الشامل، وإنما يعنيان التعديل التدريجي. الثقة بالنفس سلاح قوي يجب أن يحارب به الإنسان كل العراقيل التي من شأنها أن تضعفه، تفشله، تخيفه. علينا أن نؤمن أن لكل إنسان في هذه الحياة رسالة، ولكل مرحلة عمرية من مراحل كل إنسان حياة مختلفة.