حري بالذكر أن إنجازات الجمهورية الجديدة في عهد السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي يصعب حصرها، رغم التحديات التي تملأ الأرض ويئنُّ منها المجتمع الدولي؛ إلا إنّ هناك قيادة تصنع ما يعجز عنه كثيرون من قيادات الدول المتقدمة، ويكمن السر وراء ذلك في المقدرة على صنع واتخاذ القرار الذي يعد حجر زاوية النهضة ببلادنا الحبيبة التي تحمل حضارة تمثل عزتها ومكانتها وقيمها وتصف بوضوح ما ينبغي أن تكون عليه في مستقبلها وما يليق بها بين مصاف الدول.
وحضارتنا المصرية تنال الاهتمام من قبل قيادتنا السياسية؛ فهناك العمل المتواصل الذي يُسهم في الحفاظ عليها والإضافة لها؛ فقد جاءت التوجيهات الرئاسية نحو تطوير المناطق الأثرية ونقل بعضها؛ بغية الحفاظ عليها، ومن مظاهر هذه الحفاوة وهذا الاهتمام نقل المومياوات الملكية من المتحف المصري القديم بميدان التحرير إلى المتحف القومي للحضارة المصرية بمنطقة الفسطاط، في موكب مهيب شهده العالم وتغنى به، وهذا الموكب يعبر بوضوح على عظمة ملوك مصر والصورة المستحقة التي ظهرت بها، كما يدل على امتداد الحضارة وتمددها بالجمهورية الجديدة، ووضوح الرؤية نحو التطوير والنهضة والازدهار بالبلاد بما يتواكب مع تاريخ الحضارة المصرية.
ومصر من الدول التي احتضنت العديد من الحضارات؛ فقد كانت مهدًا للحضارة الفرعونية، وحاضنة للحضارة الإغريقية والرومانية ومنارة للحضارة القبطية، وحامية للحضارة الإسلامية، وفي مجملها تشكل ريادة في ابتكاراتها وعمائرها وفنونها وفكرها وعلمها؛ حيث أذهلت العالم بأسره، ومن ثم أضحى تعضيد الثقافة نحو الحضارات المصرية المبهرة أمرًا مهمًا يؤكد في نفوس أبناء الأمة المصرية غور حضارتهم ورسوخها وتجذرها في تاريخ الأمم.
ويكمن الدور الثقافي في العمل على تنمية ماهية الحضارة الجديدة ودورها في زيادة الرصيد والموروث الحضاري، ويتم ذلك من خلال الخطط الاستراتيجية التي تتبناها وزارة الثقافة بالتعاون مع مؤسسات الدولة المعنية بما يسهم في التطوير ويؤدي إلى الحفاظ على المقدرات ويسمح للعالم بأسره أن يطالع الموروث الحضاري، ويعي مدى عمق وأصالة الحضارة المصرية؛ بالإضافة إلى اللمسات التقنية والمعمارية التي تحيط وتحفظ الأثار المعبرة عن جذور حضارة الجمهورية الجديدة.
والرؤية المستقبلية لحضارتنا العظيمة ترتبط بصورة وثيقة بماهية التجديد الثقافي الذي يحمل بين طياته الحفاظ على التراث، بل والعمل على إحياء مكوناته؛ فقد شارك في التطوير الحضاري جنود مجهولون من مؤسسات الدولة الرسمية وغير الرسمية، واعيين تمامًا أهمية الحدث الذي لن تنقطع الأنظار عنه، ولن تنقطع سعي الأقدام إليه، ولن تتركه المخيلات بالنقد والتحليل والتعمق في تفاصيله المبهرة التي لا يضاهيها موروث آخر في العالم بأسره.
وتظهر مفردات ثقافتنا العريقة وما تزخر به من موروثات أثرية وسياحية تؤكد مدى أهميتها وحرص قيادتنا الرشيدة في تعظيم الحضارة بهدف تحقيق المكاسب المعنوية وتوعية شعوب العالم بأهمية الحضارة المصرية؛ بالإضافة إلى الجانب الاقتصادي؛ إذ تعد مصر قبلة السياحة العالمية للمهتمين بالحضارات وما تتضمنه من ملامح متفردة في المنطقة والعالم على السواء.
فمن المؤكد أن قوة ورسوخ وشموخ الأوطان تبدأ من ثقافتها وتاريخها وما به من مجريات أحداث، وتلك رسالة واضحة الدلالة والمعنى لكل من تسول له نفسه المساس بمقدرات البلد صاحبة الثقافة والتاريخ والمجد على مر العصور؛ حيث إنها تساعد في ترسيخ قيم الانتماء والمواطنة في نفوس أبنائها، ومن ثم نؤكد أن ثقافتنا تشير بوضوح إلى الربط بين حضارتنا القديمة والمتجددة، وما تحمله من قيمة تراثية تعبر عن وجدانيات الشعب المصري؛ فهي ذات دلالة على تحضره عبر القرون، وتحمل تاريخًا يبعث بالفخر تعبر عنه موروثاته الثقافية من قطع فنية وأثرية، تعد قيمة تاريخية يتوجب صيانتها من قبل الدولة بكامل مؤسساتها؛ حيث إن نتاج الماضي حافزًا ومعززًا لتطلعات المستقبل المشرق.