من المرجح أن يؤدي القصف الإسرائيلي على مدينة الحديدة الساحلية اليمنية إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن بدلاً من ردع عمليات ميليشيات الحوثي، بحسب خبراء يمنيين ودوليين تحدثوا لنيويورك تايمز.
يسلط الهجوم، الذي أدى إلى اشتعال النار في ميناء حيوي، الضوء على الوضع الهش في بلد يعاني بالفعل من واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
الانتقام من هجوم الطائرات بدون طيار
استهدفت الغارات الجوية الإسرائيلية يوم السبت مدينة الحديدة الساحلية المطلة على البحر الأحمر ردا على هجوم بطائرة بدون طيار للحوثيين على تل أبيب أدى إلى مقتل شخص وإصابة عدد آخر.
صرح الأدميرال دانييل هاجاري، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أن الضربات تهدف إلى وقف هجمات الحوثيين من خلال ضرب أهداف "ذات الاستخدام المزدوج"، بما في ذلك البنية التحتية للطاقة. وأدى الهجوم إلى مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 87 آخرين، بحسب وزارة الصحة التي يسيطر عليها الحوثيون في صنعاء.
يقول باحثون يمنيون ومسؤولون أمريكيون سابقون إن الضربات الإسرائيلية لن تؤثر بشكل كبير على قدرات الحوثيين، ولكنها ستؤدي إلى تفاقم معاناة المدنيين. وأشار آدم كليمنتس، الملحق العسكري الأمريكي المتقاعد في اليمن، إلى أن التأثير الأساسي للضربة سيكون على المواطن اليمني العادي وليس على قدرة الحوثيين على شن الهجمات. يعد ميناء الحديدة حاسما لاستيراد الغذاء والوقود والمساعدات إلى شمال اليمن، الذي يسكنه أكثر من 20 مليون شخص.
رواية الحوثي وتجنيده
شدد هشام العميسي، المحلل السياسي اليمني، على أن الضربات لن تردع الحوثيين، الذين صاغوا خطابهم تاريخياً حول معارضة إسرائيل والولايات المتحدة. وأشار إلى أن الهجوم قد يعزز تجنيد الحوثيين من خلال التحقق من صحة خطابهم في الدفاع عن العرب والمسلمين ضد الأعداء الأجانب.
العواقب الاقتصادية والإنسانية
يعد ميناء الحديدة مصدرًا رئيسيًا للإيرادات الضريبية للحوثيين ولكنه أيضًا شريان حياة لسكان شمال اليمن. وحذر محمد الباشا، خبير شؤون الشرق الأوسط في مجموعة نافانتي، من نقص حاد في الوقود ومعاناة إضافية بسبب الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية للطاقة. سيؤدي تدمير محطة توليد الكهرباء في حرارة الصيف، حيث تتجاوز درجات الحرارة في كثير من الأحيان 100 درجة فهرنهايت، إلى تفاقم محنة السكان المحليين.
السياق التاريخي والأهمية الاستراتيجية
أشار فارع المسلمي، وهو زميل أبحاث يمني في تشاتام هاوس، إلى أن الضربات الإسرائيلية لن تؤثر بشكل كبير على قدرات الحوثيين الباليستية أو الطائرات بدون طيار ولكنها قد تثير المزيد من الهجمات على إسرائيل وحلفائها في الخليج العربي.
تحديات المساعدات الإنسانية
تواجه إعادة توجيه المساعدات من الحديدة إلى ميناء عدن الجنوبي، كما اقترح المسؤولون الإسرائيليون، تحديات لوجستية وسياسية كبيرة. وتخضع عدن لسيطرة جماعة انفصالية مسلحة، مما يعقد التدفق الحر للمساعدات. واصلت المنظمات الإنسانية إرسال المساعدات عبر الحديدة على الرغم من تحويلات الحوثيين، مشيرين إلى الاحتياجات الماسة للسكان اليمنيين.
من المرجح أن يكون للضربات الإسرائيلية على الحديدة، رغم أنها تهدف إلى كبح هجمات الحوثيين، تأثير عسكري محدود وتداعيات إنسانية كبيرة. ويرى الخبراء أن مثل هذه الإجراءات ستؤدي إلى تفاقم الوضع السيئ بالفعل للمدنيين اليمنيين، مما يسلط الضوء على التفاعل المعقد بين الاستراتيجية العسكرية والاحتياجات الإنسانية في المنطقة.