قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

كريمة أبو العينين تكتب: تجميل أم !!

كريمة أبو العينين
كريمة أبو العينين
×

من اللافت للنظر وبصورة تحمل علامات استفهام وربما تعجّب أيضًا، الزى الذى يرتديه عمال هيئة نظافة وتجميل العاصمة "عمال النظافة"، ففى القديم كانوا يرتدون الزى المناسب لطبيعة عملهم ويحمل لونا يقترب من الزيتى بدرجة قادرًا على عدم إظهار سلبيات عملهم من حمل المخلفات، وتنظيف الشوارع وإعادة رونقها إليها.. هذا الزى تحوّل بقدرة قادر إلى مهرجان من الألوان حسب كل مرحلة فقد مرّ بالمرحلة الخضراء، فالزرقاء ؛ والآن وصل إلى المرحلة الحمراء، والمعروف أنها تمثل مرحلة ما يرتديه المحكوم عليه بالإعدام .

ولا أدرى بالضبط ما سر الربط الغريب بين الرداءين ومن يرتدونمها، قد يكون السبب فى بهجة اللون وانعكاسه على من يرتديه ليهوّن عليه يومه وحياته ، وقد يكون راجعًا إلى أنه لون رداء الفريق الأكثر شعبية فى البلاد .

وبغض النظر عن لون وخامة الرداء فهناك معضلة أخرى تسىء إلى وجه القاهرة ولا تجمّله؛ وهو تحول هؤلاء العمال الى اثنين لا ثالث لهما .. أولهما إضافة صفة جديدة الى عملهم الاصلى وهى التسول الذى اصبح سمة غالبة لهذه الوظيفة والعاملين بها . فالعامل ولا نحمل له ضغينة ولا تنمرًا، فقط نحن نرصد واقعًا قد يكون له دوافع كثيرة ، على رأسها بالطبع ارتفاع الاسعار وما أفرزته من تداعيات خطيرة على مستوى المعيشة فى ظل الأجور التى لاتستطيع مماشاة القفزة السريعة الواثبة فى الأسعار.

العامل أصبح شغله الشاغل ولن نعمم بالطبع فالتعميم خطيئة، أصبح يستدر عطف الناس بطرق عدة وأصبح يؤدى عمله بطريقة لفت انتباه المارين والجالسين إلى أنه يعانى ويطلب مقابل معاناته بطرق الاستعطاف الإنسانى وتتجلى صور جذب العمال للمارين والراكبين فى الأعياد والمناسبات.. مظهر لا توجد كلمات تصفه خاصة عندما يسألك صديق أجنبى دعوته لزيارة بلادك التى تفخر بأنها من أقدم البلدان وأعرقها حضارة وتاريخاً، حينما يسألك عن تفسير ما يقوم به هؤلاء العمال ولماذا تحمل معالم وجوههم كل معانى الحزن والألم؟ ولاتجد الرد جاهزًا وتتحايل على الضيف وتقول له ما لا يقنعه ولكنك تخجل من قول الحقيقة.. المظهر الثانى الذى أصبح عليه حال عمال هيئة تجميل ونظافة القاهرة هو قضاء جل وقت عملهم فى الإنفاق بين تائم ومتسول ، كل ما عليك أن تفعله للتأكد مما أقوله أن تتوجّه إلى أنفاق المشاة وغيرها ممن شيدتها الدولة لمساعدة المواطنين على التنقل من نقطة لأخرى بأمن وأمان ؛ وهناك ستجدهم إما يغطون فى نوم عميق وإما ينظرون إلى المارة نظرات استجداء وطلب، وأنا أراهم يوميًا فى نفق بنزينة فى منطقة المعادى ولا أدرى كيف أتصرف ولا أصنع !!

هذه الشريحة بغض النظر عن ظروفها وعن عملها إلا أنها تعكس مفهوم التراخى فى الأداء الوظيفى وربما تكون لها مبرراتها ولكنها تؤكد أن ملف العمالة فى بلادنا بحاجة إلى استراتيجية هادفة وتوعية ممنهجة تنهى فترات من تخبط مفاهيم أفسدت العملية التنموية برمتها وشدت خطواتها إلى الوراء من بين هذه المفاهيم (على أد فلوسهم) وأيضًا نظرة عدم الرضا الطبقي واتساع مساحة التطلّع إلى ما فى يد غيرك بل والشعور بأنك لك حق فيه ، والأدهى الشعور بالحقد على ما يملك وبأنك إذا أخذت منه لن يضيره فهو يملك الكثير والكثير.. وحتى تختفى هذه المشاهد وتتبنى الحكومة منظومة هادفة للارتقاء بأوضاع العاملين نطمح فقط الآن فى تغيير اللون الأحمر فربما تعطى لهم الدنيا فرصة جديدة للعيش بثوب الأحياء وليس المحكوم عليهم بالإعدام !!!!