قال الدكتور عبد المنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن الأزمات العالمية الجيوسياسية والتحديات الداخلية أثرت على ارتفاع معدلات التضخم، ليحقق معدلات غير مسبوقة تجاوزت 40%، مما دفع البنك المركزي المصري إلى رفع سعر الفائدة لعدة مرات لامتصاص الضغوط التضخمية وخفض توقعات التضخم للمستوى المستهدف والبالغ 7% (2±) نقطة مئوية ، ومع السماح لسعر الصرف أن يتحدد وفقاً لآليات السوق في 6 مارس 2024 ، تم رفع أسعار الفائدة الأساسية بواقع 600 نقطة أساس ليصل سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي إلى 27.25%، 28.25% و27.75%، على الترتيب، كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 600 نقطة أساس ليصل إلى 27.75%.
البنك المركزي المصري
وأضاف الدكتور عبد المنعم السيد، في تصريحات خاصة لـ"صدى البلد" أن معدل التضخم بدأ التراجع التدريجي ليصل في يونيو إلى 27.5%، وتحسن أوضاع الاقتصاد الكلي مع ارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، والتحسن الملحوظ في بيئة التمويل الخارجي خاصة في ظل الفرص الاستثمارية الواعدة في مصر من خلال برنامج الطروحات الحكومية، فلا زال من المبكر التخلي عن سياسات النقدية التشددية والاتجاه نحو خفض معدل العائد، فالتضخم لا يزال أعلى بكثير من النطاق المستهدف، فضلا عن استمرار التوترات الجيوسياسية والأحوال الجوية السيئة.
وتابع: من ناحية أخرى، مازالت البنوك المركزية العالمية حذرة جدا تجاه خفض معدلات العائد، ففي ظل تعافي الاقتصاد العالمي بشكل أسرع من المتوقع، بعد المعاناة من الركود على مدار الثلاث أعوام الماضية هناك توجهات عالمية بالاتجاه نحو الخفض التدريجي الحذر لأسعار الفائدة، مع تباين معدلات الخفض بين البنوك المركزية.
وأوضح الدكتور عبد المنعم السيد، أنه بالنسبة للبنك المركزي الأوروبي؛ شهد الربع الأول من عام 2024 تعافيا بطيئا، ووفقا لآخر البيانات انخفض معدل التضخم السنوي الرئيسي، من 2.6% في مايو إلى 2.5% في يونيو ومع ذلك، ظل التضخم الأساسي، الذي يستثني الطاقة والغذاء، ثابتا عند 2.9%. كما حافظ تضخم الخدمات على ارتفاعه عند 4.1% على أساس سنوي، ومن ثم من المتوقع أن يحافظ البنك المركزي الأوروبي (ECB) على أسعار الفائدة وتوجيهاتها دون تغيير في اجتماع اليوم 18 يوليو، استنادا إلى استمرار ضغوط الأسعار المحلية، وأسعار الخدمات الثابت، ونمو الأجور الثابتة، وسوق العمل المرن، ولا تزال الرؤية ضبابية والمستقبل محفوفا بعدم اليقين، ويحذر عدة أعضاء من تخفيض أسعار الفائدة بسرعة كبيرة مؤكدين ضرورة العمل على موازنة مخاطر التضخم الصعودية، أما في المملكة المتحدة؛ فقد عانت إنجلترا ارتفاع سعر الفائدة البنكي إلى أعلى مستوى له منذ 16 عامًا عند 5.25٪ في أغسطس من العام الماضي من أدنى مستوى تاريخي عند 0.1٪ في ديسمبر 2021، ثم استقر معدل التضخم عند الهدف الذي حدده بنك إنجلترا والبالغ 2.0% خلال الـ 12 شهرًا حتى يونيو 2024، ومن ثم فمن المتوقع أن يعلن بنك إنجلترا في الأول من أغسطس خفض سعر الفائدة من 5.25% إلى 5%، وبالنظر إلى تداعيات هذا القرار؛ فمن المتوقع خفض أسعار الفائدة بالنسبة للرهن العقاري مما يقلل الأعباء على المقترضين، وكذلك من الممكن أن تؤدي هذه الخطوة إلى خفض أسعار الفائدة المقدمة للمدخرين، على ألا تقل عن 2.0%، مما يوفر عائدًا "حقيقيًا" أعلى من معدل التضخم.
أما بالنسبة لسياسة الفيدرالي الأمريكي؛ فعلى الرغم من اتجاه التضخم إلى المسار الهبوطي، إلا أنه لم يصل لهدفه البالغ 2%، ويتعرض الفيدرالي لاستمرار الضغوط الناجمة عن تحقيق البطالة لأعلى معدلاتها منذ أواخر عام 2021 وتوجهها نحو الارتفاع، من ناحية أخرى هناك تخوفات من أن يؤدي المزيد من التباطؤ في الطلب إلى ارتفاع معدلات البطالة.