ماذا يفعل من يدعو ولا يستجاب له؟، سؤال نرصد جوابه من خلال بيان فضل الدعاء وأوقات الإجابة ومن هم الذين لا يستجاب منهم، حيث الدعاء عبادة عظيمة أمر بها الحق سبحانه وتعالى وحذر من الغفلة والاستكبار عنها.
ماذا يفعل من يدعو ولا يستجاب له؟
الدعاء من الأمور العظيمة التي بشر فيها العباد بالإجابة، قال تعالى “وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ”، وجاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هناك ثلاث لا ترد دعوتهم، فعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام، ويَفتَحُ لها أبواب السماء ويقول الرب: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين".
وورد عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أْجُرني في مصيبتي وأَخْلِف لي خيراً منها إلا آجره الله في مصيبته وأخلف له خيراً منها". قالت: فلما توفي أبو سلمة قلت كما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخلف لي خيراً منه".
ورد عن السلف الصالح، إن هناك أمرا يجعل دعاءك يصعد إلى السماء وبدونه يظل الدعاء موقوفا بين الأرض والسماء.
يقول الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن المناجاة سببٌ لاستجابة الدعاء، وقد كان رسول الله ﷺ يناجى ربه ليلاً ونهاراً، فيعلمنا كأمة كيف نعبد ربنا، وكيف نناجيه سبحانه، والمناجاة هي لحظات الصفاء التي يأنس فيها العبد بربه، فتسمو الروح ويشرق القلب وتترقق الأحاسيس والمشاعر، وتشعر النفس بلذة لو علمها الملوك –كما جاء عن أحد الصالحين- لقاتلونا عليها، إلا أن للمناجاة أركاناً غفل عنها كثيرٌ من الناس فحرموا أنفسهم خيراً كثيراً.
وأوضح «جمعة» عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، أن الدعاء يظل موقوفًا بين السماء والأرض ولا يصعد، إذا لم يقوم الشخص بالصلاة على النبي –صلى الله عليه وسلم-، مستشهدًا بما قال الفاروق عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه : إِنَّ الدُّعَاءَ مَوْقُوفٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لاَ يَصْعَدُ مِنْهُ شَىْءٌ حَتَّى تُصَلِّىَ عَلَى نَبِيِّكَ -صلى الله عليه وسلم-.
الحكمة من تأخر إجابة الدعاء
ويوضح الشيخ محمد متولي الشعراوي وزير الأوقاف الأسبق، إنه قد لا يجاب الدعاء مع كثرته، ويسبب ذلك حزناً، لكنه في حقيقته لمصلحة الإنسان، فلو أجيب فيما يطلب لكان الشر والخير معاً سبباً في هلاكه وليس في فرحه وسعادته فقط.
وقال الشعراوي في بيان قوله تعالى:"ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ"، موضحاً أنه طالما بتدعي مرة بالشر ومرة بالخير، فلو أجابك الله الدعاء في الشر ودعاء الخير، لعجل إليك الشر كما تبتغي الخير وبالتالي لقضي إليك أجلك، مؤكداً: "من مصلحتك على نفسك أو بأي وباء ألا يجاب، لأن الحق سبحانه وتعالى ليس موظفاً عندك وإلا أصبحت أنت الإله، أنت تدعوه وتظن أنك تطلب الخير، لكن الله يعلم ويجيب بما يعلم فقد يكون شراً لك وهو عند الله كذلك فلا تجاب".
وتابع: "افهم أن لله تعالى حكمة في الإجابة؛ لأنه سبحانه وتعالى مُنزَّه عن أن يكون موظفاً عند الخلق، ومَن يدعُهُ بشيء يجبه عليه، بل لا بد من مشيئته سبحانه في تقرير لون الإجابة؛ لأنه لو كان الأمر عكس ذلك لانتقلت الألوهية للعبد".
أوقات استجابة الدعاء
وكشف مجمع البحوث الإسلامية، عن أوقات الدعاء المستجابة كما بينها أهل العلم، حيث أشار إلى أنهم قالوا إن من أوقات استجابة الدعاء، الدعاء في "جوف الليل، الساعة الأخيرة من الليل، ليلة القدر، دبر الصلوات المكتوبات، بين الأذان والإقامة، ساعة من كل ليلة، ساعة من يوم الجمعة وهي آخر ساعة بعد العصر، عند النداء للصلوات المكتوبة، إذا نام على طهارة ثم استيقظ من الليل ودعا، الدعاء في شهر رمضان، في السجود، بعد الصلوات المفروضة، عند السفر، بعد ختم القرآن، عند الإفطار من الصوم، عند نزول المطر".
ودعاء العبد مستجاب ولا مفرّ من ذلك، فقد قال الله تعالى في كتابه: {ادعوني استجب لكم}؛ لذلك لا يعني تأخر العطاء مع الإلحاح بالدعاء وعدم الاستجابة اليأس؛ فإن الله - سبحانه وتعالى- يحب أن يسمع صوت عباده وهو يدعونه.
وكذلك يستجيب الله سبحانه وتعالى حسب ما يراه خيرًا للعبد في حياته الدنيا والآخرة وفي الوقت المناسب، لذلك قد تكون الاستجابة في الوقت الذي دعا به العبد، وقد يؤخرها الله سبحانه وتعالى إلى وقت آخر، وقد يدفع بها مصيبة عن صاحبها ويعوضه بدلًا عنها، وقد يدخرها للعبد إلى يوم القيامة وهذا أفضلها.
ومن علامات استجابة الدعاء الشعور بصفاء القلب ونقائه وصفائه، والبكاء والشعور بالسكون والهدوء والقشعريرة وأن ما كان به العبد من هموم قد زالت، لذلك لا بد من الاستمرار بالدعاء وعدم اليأس، وجعله السلاح الذي نتقوى به على جميع ظروف الحياة، وبذلك نتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بعمل الصالحات بجميع أنواعها، وننال الأجر والثواب ونفوز بالجنة بإذن الله تعالى.
أسباب استجابة الدعاء
إن أسباب استجابة الدعاء كثيرة ومتنوعة ومنها:
- عبادة الله - سبحانه وتعالى- والقيام بالواجبات من صلاة وصوم والإكثار من صلاة النوافل.
- الدعاء بما هو خير وعدم الدعاء بقطع الأرحام أو الإثم أو القطيعة.
- الاستغفار والتوبة من الذنوب.
- حضور القلب بالدعاء والتضرع والخشية من الله واستشعار عظمته.
- الدعاء بأسمائه الحسنى وصفاته وعدم الشرك به.
- العمل الصالح وبر الوالدين.
- الابتعاد عن المحرمات.
- الإلحاح بالدعاء من الله - سبحانه وتعالى-.
- استقبال القبلة ورفع اليدين أثناء الدعاء.
- الدعاء للمؤمنين بخير الدنيا والآخرة، فمن دعا لغيره بالخير له مثل ما دعا.
- الإكثار من قول لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.