قال المستشار عبد الحكيم محسن الشربيني رئيس الدائرة الرابعة بمحكمة جنايات أسيوط إن النفوس جُبلت على حب المال، وقال الله تعالى" وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا"، وقال" وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ" ولا حرج في ذلك، إذا اكتسب المال من الحلال، لكنه يكون مذمومًا مدحورًا، إذا حمل صاحبه على اكتسابه من الحرام، إذ يستلزم ذلك إتيان الفواحش ما ظهر منها وما بطن وارتكاب أبشع الكبائر وأعظمها عند الله تعالى، خاصة وقد أصبحنا في زمان لا يبالي الكثير من الناس بالحرام وسوء عواقبه، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال:" لَيَأْتِيَنَّ علَى النَّاسِ زَمانٌ، لا يُبالِي المَرْءُ بما أخَذَ المالَ، أمِنْ حَلالٍ أمْ مِن حَرامٍ" وقد يتأخر الرزق عن بعض الناس بحكمة يعلمها الله مقدر الأرزاق ومقسمها، فيحمله ذلك على أن يطلبه بمعصية الله، وقد حذر نبينا صلى الله عليه وسلم من ذلك، وقال:" لا يستبطئن أحد منكم رزقه فأن جبريل عليه السلام ألقى في روعي أن أحدا منكم لن يخرج من الدنيا حتى يستكمل رزقه، فاتقوا الله أيها الناس، وأجملوا في الطلب، فإن استبطأ أحد منكم رزقه، فلا يطلبه بمعصية الله، فإن الله لا ينال فضله بمعصيته".
تتبعت خطوات الشيطان
واستكمل : والسعي للكسب الحرام، هو تتبع لخطوات الشيطان، وقد حثنا الشرع الحنيف على السعي لاكتساب المال من الحلال فقال تعالى:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ"، ولا يكاد حب المال الحرام أن يغرس في القلوب، حتى تضحى كأصل الجحيم ويستحيل ذلك الحب للمال فيها، إلى شجرة الزقوم التي تزرع وتنمو بين حناياه، والتي قال الله عز وجل فيها "أنها طعام الأثيم كالمهل يغلي في البطون كغلي الحميم"، ولقد كرم الله الإنسان وجعل النفس معصومة وجعل قـ.ـتل النفس التي حرم إلا بالحق، كبيرة من أكبر الكبائر، فقال تعالى:" وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ"، وقال جل شأنه :" مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا".
وتابع : يعظم الجرم ويشتد التحريم إذا كان الشخص يأمن صاحبه ويثق فيه فيخدعه ويقـ.ـتله غيلة من أجل الاستيلاء على ماله بغير الحق، ولما كان قـ.ـتل الغيلة، هو نوع من أنواع الحرابة، وفيه من الفساد والإفساد في الأرض، وزعزعة للأمن والاستقرار في ربوع المجتمع، ولذلك فلا عفو فيه ولو كان المقـ.ـتول كافرًا، والقـ.ـاتل مسلمًا، لأنه حد من حدود الله، والقـ.ـتل هنا حق لله، وليس لولي الـ.ـدم، وعلى هذا يقـ.ـتل القـ.ـاتل حدّا لا قودًا، وذلك دفعًا للفساد في الأرض.
السعي للحصول على المال الحرام
وتابع :لكنك استهلت بتعاليم دينك الحنيف، وضربت بكافة القيم الإنسانية والأخلاقية عرض الحائط ورغم أنك شاب في ريعان الشباب تبلغ من العمر 26 عامًا من الله عليك بنعمة الصحة والمقدرة على العمل، تملك من الحرف ما يمكنك من الكسب الحلال، حيث تعمل كهربائي سيارات، وأثرت على نفسك إلا أن تسلك طريق الكسب الحرام، حرصا منك على المكسب السريع الكثير دون كد أو تعب أو عناء فأودى بك ذلك إلى السعي للحصول على المال من أي جهة وبأي طريق ولو كان ذلك بطريق اتيانك أعظم الكبائر، بأن تستبيح لنفسك الاستيلاء على أموال الغير بغير الحق، بل ولو كانت وسيلتك، إلى ذلك قـ.ـتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأضحت غايتك تلك هي منتهي الغايات وهدفك المنشود.
تحقيق غايتك الخبيثة
واستكمل : سيطرت عليك تلك الرغبة الجامحة وغشت عقلك وأعمت بصيرتك واستقرت بين حناياك وضلوعك وتابعت خطوات الشيطان وكره إليك السعي للكسب الحلال، وحبب إليك ارتكاب أعظم الكبائر وزينها لك، وقد صادف ذلك هوى نفسك التي أضحت في ظلام قاتم كاحل، واتخذت إلهك هواك فأضلك، وختم الله على قلبك، وأضحى أشد قسوة، وأقصر ظلمة وسوادا من الحجارة ورحت تفكر في أماكن لا يتخللها تعجب، وهدوء نفس لا يعتريه اضطرابًا مترويا غير محتاجا تقلب الأمر على كافة جوانبه حتى هداك تفكيرك الشيطاني إلى اتخاذ إزهاق روح إنسان بغير الحق وسيلة لتحقيق غايتك الخبيثة بالاستيلاء على مال قتـ.ـيلك بغير الحق لتنفقها في سبيل المعاصي، وتعاطيك للمواد المخدرة والمسكرة متناسيًا أن الكسب الحرام لا يسمن ولا يغني من جوع، بل يستحيل نفسك إلى جهنم، فلا تشبع وتقول لها هل امتلأت فتقول لك هل من مزيد ، ورسمت خطتك الشيطانية بأن تتوجه إلى موقف سيارات البداري بمعرفتك بمركز البداري الذي كان يعمل فيه والدك وتستدرج أحد قائدي السيارات موهما آياه بأنك تريد أن يقوم بتوصيلك إلى وجهتك، وهو منزلك الكائن بمنطقة البيسري دائرة قسم أول أسيوط، وهو المكان الذي حددته بعد طول تفكير وتدبر بأن تستدرج ضحيتك إليه لتزهق روحها من أجل الاستيلاء على ما عساه أن يكون بحوزته من مال والاستيلاء أيضا على سيارته.
اختيار فريستك
وتابع: قد بيت النية، وعقدت العزم على إتيان جريمتك تلك، واعدت لذلك سلاح أبيض ماسورة حديد، احتفظت بها بمنزلك انف البيان، وحددت يوم 8-6-2022م لارتكابها، حيث يكون المنزل الذي تقيم به خاليًا إلا منك وتوجهت إلى مركز البداري متبعًا هواك طاغيًا باغيًا وحال وصولك إلى موقف البداري بعد المغرب تقريبًا وجدت المجني عليه ناصر عبد الرحمن أحمد عطية قائد السيارة رقم "ي ل د" 7528 والتي يتخذها وسيلة للرزق الطيب الحلال، واقفا بسيارتها فوقع عليه اختيارك ليكون فريستك التي صممت وأصررت إصرارا على قتـ.ـلها وسرقة السيارة التي يقودها وطلبت منه أن يقوم بتوصيلك إلى منزلك الكائن بشارع المحمدي، منطقة البشري، دائرة قسم أول أسيوط، مقابل مبلغ نقدي قدره 250 جنيه، وقبل ذلك وحال قيامه بتوصيلك تجاذبت معه أطراف الحديث مظهر له ودا متهالكا، ضامرا له بغضا مهلكا حتى إذا ما اطمئن المجني عليه جانبك دعوته وعرضت عليه أن تستضيفه بمنزلك لتأتي جريمتك التي خططت لها، وقبل دعوتك المجني عليه، وذهب معك وهو لا يعلم ما تدمره نفسك الخبيثة له من شر وزلفتما إلى الدور الأرضي من منزلك حيث كان كما خططت لا يوجد به سواك.
أنهلت عليه ضربا
وتابع: وأخذت تسامر المجني عليه وتحادثه طوال ما يقرب من 3 ساعات حتى إذا ما ظفرت به وهو جالس على كرسي بمسكنك أحضرت السلاح الأبيض الماسورة الحديد الذي أعدته سلفا وباغته بان أنهلت عليه بالضرب موجها ضرباتك لموقع مقـ.تل بجسمه وهو أن وجهة إليه 3 ضربات برأسه وجبهته وسقط غارقا في دمـ.ـائه فقمت بمنتهى الاستهانة بكافة القيم التي فطر الله الناس عليها بالقاءه في بئر الصرف الصحي بالمنزل ثم أغلقت فتحتها بعد ذلك بالاسمنت قاصدا إزهاق روحه فأحدثت به الإصابات الثابتة بتقرير الصفة التشريحية التي أحدثت قصور بعظام الفك السفلي وعظام حجاج العين اليسرى ونزيف أسفل المخ وقد عجل حدوث اسفكسيا الغرق وانسداد المسالك الهوائية مما أدى إلى هبوط حاد بالدورة الدموية والتي أودت بحياته .
إلقاء الجثة ببئر صرف صحي
واستكمل رئيس المحكمة : بعد أن تيقنت من بلوغك قصدك من إزهاق روح المجني عليه أبيت إلا أن تتم خطتك الشيطانية واتخذت من الجريمة شرعة ومنهاجا، فقمت بالاستيلاء على المبلغ النقدي الذي كان يوجد بحافظة نقوده وقدره 100 جنيه. وكذا هاتفه الخلوي ثم أخذت مفتاح سيارته، واستوليت عليها، وقمت بتغيير لونها حتى لا يتعرف عليها أحد، ولما كنت بفعلتك تلك قد تعديت حدود قـ.ـتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، إلى القـ.ـتل الغيلة، لسرقة مال قـ.تيلك واتيت وذلك بذلك فعلا امرأ وشيئا نكرا فاسدا مفسدا في الأرض فحق فيك قول الله عز وجل " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم "ولما أتيته من جرم إنما ينم عن انتكاس في الفطرة الإنسانية وتأثر الجريمة في نفسك التي أضحت كالشجرة الخبيثة، وأضحى أنه لا شك أن الخير بأن تجتث من فوق الأرض فلا يكون لها قرار، أو كبذرة فاسدة وجب وأدها وتطهير المجتمع منها لتكون عبرة لكل من تسول له نفسه الاستهانة والعبث بأرواح الناس من أجل الاستيلاء على أموالهم بغير الحق وزعزعة أمنهم واستقرارهم وقد آن الأوان لأن يجفف زوجته وأبناءه دموعهم لقـ.تل عائلهم غيلة وغدرا وسرقة ماله، ولتطمئن نفوسا روعة وقلوبا فطرت من هول تلك الجريمة ولما كان وسيظل القضاء المصري هو ظل الله في الأرض و يد الله التي يضرب بها الظالمين وميزان العدل الذي يعيد بها الحقوق إلى أهلها ويقتص لكل من يعتدي على حقه وبه تتحقق عدالة الله في أرضه قد وقر واستقر في يقين المحكمة أنك يوم 8 / 6 / 2022 م بدائرة قسم أول أسيوط محافظة أسيوط، قـ.ـتلت المجني عليه ناصر عبد الرحمن أحمد عطية عمدا مع سبق الإصرار اثر نيتا مبيته وعزما معقود على سرقة مال المجني عليه لمرورك بضائقة مالية وخططت لجريمتك ونفذتها بان استدرجته إلى مسكنك وما أن ظفرت به حتى رقت عليه بثلاث ضربات بواسطة أداء ماسورة حديد أصابت رأسه وسقط مغشيا عليه ثم ألقيته في بئر الصرف الصحي وأطبقت عليه بغطاء اسمنتي حيث عثر عليه، فغرق لافظا أنفاسه الأخيرة وقد ارتبطت بتلك الجناية جنحه أخرى وهي سرقة المجني عليه بذات الزمان والمكان .
الاعـ.ـدام شنـ.ـقا
وتابع :حيث قمت بسرقة هاتفه المحمول ومبلغ مالي100 جنيه وسيارته كما انك أحرزت جوهرا مخدرا " حشيش " وكان ذلك بقصد التعاطي في غير الأحوال المصرح بها قانونا وأحرزت ماسورة حديد وحيث قد استطلعت المحكمة رأي فضيلة مفتي الديار المصرية بشان الواقعة الذي دين بها المتهم فأفاد أنها ليس بها شبه تضرع القصاص عنه وان جزاءه الإعـ.ـدام قصاص لقـ.تله المجني عليه عمدا جزاءا وفاقا لذلك وبعد مطالعة الأوراق وسماع المرافعة والمداولة قانون والاطلاع على المواد 304، فقرة 2 و 313 و 381 من قانون الإجراءات الجنائية والمواد 32 ، 230 ، 231 ، 234 فقرة 2 ، 317 أولا ورابعا من قانون العقوبات والمواد 1 ، 2 ، 37 فقرة 1 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 122 لسنة 1989 والبند 56 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة 1997 و المادتين 1 فقرة 1 و 25 مكرر فقرة 1 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل ، حكمت المحكمة حضوريا وبإجماع آراء أعضائها، بمعاقبة سعد محمد سعد محمود بالإعـ.ـدام شنـ.ـقا جزاءا وفاقا بما نسب إليه، وألزمته المصاريف الجنائية. وإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة .
صدر الحكم برئاسة المستشار عبد الحكيم محسن الشربيني رئيس المحكمة وعضوية المستشارين عصام عبد الشكور و حسن سعيد داود وأمانة سر زكريا حافظ و لؤي بهي الدين و محمد علاء.
تعود وقائع القضية رقم 19449 لسنة 2022 جنايات أول أسيوط إلى ورود بلاغا إلى قسم شرطة أول أسيوط بالاشتباه في سيارة ملاكي تقف بمنطقة سيد دائرة قسم أول أسيوط وبالانتقال والفحص تبين إنها سيارة مبلغ بغياب مالكها بمحضر رقم 3361 لسنة 2022 إداري مركز البداري ويدعى " ناصر . ع . أ " وبفحص الكاميرات بالمنطقة تبين قيام المتهم " سعد . م . س " بترك السيارة في المنطقة .
وبتقنين الإجراءات تمكن ضباط مباحث قسم شرطة أول أسيوط من ضبط المتهم وبمواجهته اعترف تفصيلا باستدراج المجني عليه وإنهاء حياته وسرقت سيارته وتغيير لونها حتى لا يتمكن احد من معرفتها .
اعترافات المتهم
وقال المتهم في اعترافاته أمام مصطفى الشريف وكيل نيابة قسم أول أسيوط انه كان يمر بضائقة مالية وتسبب تعاطيه للمواد المخدرة في تركه مهنته في كهرباء السيارات وظل يفكر في سرقت سيارة للعمل عليها حتى تكون مصدرا لجمع المال وذهب إلى مدينة أبوتيج ومنها استقل المعدية لعبور نهر النيل متجها إلى البداري الذي كان والده يعمل بها كهربائي سيارات وذهب إلى موقف سيارات البداري والتقى بالمجني عليه وطلب منه أن يوصله إلى مدينة أسيوط مقابل 250 جنيها ووافق المجني عليها واستقل معه السيارة في طريقهما إلى مدينة أسيوط .
وأضاف المتهم في اعترافاته انه فور وصولهما إلى منزله طلب من المجني عليه الدخول إلى منزله لتناول كوب شاي كرم الضيافة حتى يحضر له المبلغ المتفق عليه ودخل المجني عليه المنزل وجلس يتناول كوب الشاي حتى أن باغته المتهم وانهال على رأسه ضربا بماسورة حديدية حتى أن فارق الحياة وقام المتهم بلف جثته في كوفرته وإلقاءه في بئر صرف صحي بالمنزل ووضع طبقة اسمنتيه على البئر وقام بقيادة السيارة الخاصة بالمجني عليه وتركها بأحد الشوارع بمنطقة سيد بحي غرب أسيوط وبعد مرور أسبوع على الواقعة قام المتهم بالذهاب إلى سيارة المجني عليه وقيادتها حتى أن قام بركنها في جراج وعاد إلى منزله ليفكر في تغيير معالم السيارة حتى لا يتعرف عليها احد ويفتضح أمره حتى أن استقر على تغيير لون السيارة .