في وقت سخونة الأحداث، ربما ترتكب جرائم لا يستوعبها الجميع في حينها، ولكن بعد أن تهدأ وتيرة الأحداث تبدأ تفاصيل تلك الجرائم تتكشف، وأن يتم العثور على 8 من النساء مقطعين داخل أكياس، وبالقرب من قسم الشرطة، وتوقيت الوفيات مرتبطة بأحداث مظاهرات عارمة كانت تجتاح البلاد، فإن ذلك جرائم تهز المجتمع بأكمله.
وبحسب تقرير لهيئة الإذاعة االبريطانية BBC، فإن الشرططة الكينية هي المشتبه به الأول في تلك الجريمة، والتى تزامنت مع انتفاضة العشب الكيني ضد الضرائب التى حاولت الحكومة تمريرها، ولكن مع سخونة الأحداث، اضطر الرئيس لوقفها بهدف التصدي لمحاولات زعزعة الحكم من تحت رجليه، وهنا نرصد تفاصيل تلك الجريمة.
الشرطة متهمة
وبحسب ما جاء في تقرير الـBBC، فقد اتهمت الشرطة الكينية بإطلاق النار على العشرات من المتظاهرين المناهضين للحكومة، وقال القائم بأعمال المفتش العام للشرطة الكينية إنه تم نقل ضباط من مركز للشرطة بالقرب من مكب نفايات تم العثور فيه على أجزاء جثة مقطعة.
ويقول دوغلاس كانجا كيروتشو، إنه تم انتشال ثماني جثث لنساء حتى الآن من موقع الحادث في العاصمة نيروبي.، فيما أعلنت هيئة مراقبة الشرطة الكينية في وقت سابق أنها تحقق فيما إذا كان هناك تورط للشرطة في الوفيات المروعة، والتي تأتي وسط مزاعم عن انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان من قبل الضباط خلال الاحتجاجات المناهضة للحكومة الأخيرة.
ويضيف كيروشو أن ضباطا من مركز شرطة كوار تم نقلهم لضمان إجراء "تحقيقات عادلة وغير متحيزة" في الوفيات "البشعة"، فيما يقوم المحققون بتمشيط الموقع في حي موكورو منذ يوم الجمعة، عندما تم العثور على جثث ست نساء في أكياس عائمة في بحر من القمامة، كما تم، السبت، العثور على خمس حقائب أخرى تحتوي على أجزاء من جثث.
أعمارهن ما بين 18 و30 عاما
وتشير التقارير الأولية إلى أن الجثث كانت في مراحل متفاوتة من التحلل، وأن أعمار المتوفين تتراوح بين 18 و30 عاماً، فيما يقول الضباط إن بعض الأكياس تحتوي على أرجل وجذوع مقطوعة، مشيرين إلى أن الوفيات قد تكون مرتبطة بأنشطة أتباع الطوائف أو القتلة المتسلسلين، ولكن هيئة الرقابة المستقلة على الشرطة قالت إن "الادعاءات واسعة النطاق حول تورط الشرطة في اعتقالات غير قانونية [و] عمليات اختطاف" تعني أنها تجري تحقيقًا أوليًا لتحديد ما إذا كان هناك أي صلة بالشرطة.
واتهمت جماعات حقوق الإنسان الشرطة بإطلاق النار على عشرات الأشخاص الذين كانوا يتظاهرون ضد خطط زيادة الضرائب في وقت سابق من هذا الشهر، مما أدى إلى مقتل بعضهم، واتُّهمت الشرطة أيضًا باختطاف أو اعتقال مئات الأشخاص تعسفيًا خلال الاحتجاجات.
وفي ردها على الجثث التي عثر عليها في موكورو، قالت هيئة الرقابة المستقلة على الشرطة: "كانت الجثث ملفوفة في أكياس ومثبتة بحبال من النايلون، تحمل علامات واضحة على التعذيب والتشويه"، وأشارت الهيئة أيضًا إلى أن موقع مكب النفايات كان على بعد أقل من 100 متر من مركز شرطة كواري.
وعلى النقيض من تقرير الشرطة، قالت هيئة الرقابة المستقلة على الشرطة إنه تم العثور على تسع جثث مقطعة الأوصال في مكب موكورو - سبع إناث واثنان من الذكور، وقال كيروشو إن الشرطة تعمل على الانتهاء من تحقيقاتها في الوفيات "خلال 21 يوم، ويتم الاحتفاظ بالجثث في دار الجنازة في نيروبي، في انتظار إجراء فحوص ما بعد الوفاة، وقد تم نقل أكياس الجثث من مكب النفايات على مدار عدة أيام.
غضب عارم من الجرائم المكتشفة
وذكرت وسائل إعلام محلية أن الشرطة نشرت مدفعي مياه في مكان الحادث، السبت، بعد أن هدد المتظاهرون الغاضبون بفتح الأكياس المليئة بالبقايا البشرية، وحث ضباط من إدارة التحقيقات الجنائية الناس على الهدوء ومنحهم مساحة للتحقيق في الاكتشافات، متهمين المتظاهرين بعرقلة تحقيقاتهم.
وقد أدى هذا الاكتشاف المروع إلى الضغط على الرئيس ويليام روتو، الذي تعهد بمعاقبة المسؤولين عن عمليات القتل، وقال في منشور على موقع "إكس" (تويتر سابقًا): "نحن دولة ديمقراطية تسترشد بسيادة القانون، وسوف يحاسب أولئك المتورطون في عمليات القتل الغامضة في نيروبي وأي جزء آخر من البلاد".
سوابق سابقة
وتعد هذه القضية أحدث حادثة مثيرة للقلق من نوعها في كينيا، ففي العام الماضي، أصيبت البلاد بالرعب بعد اكتشاف رفات مئات الأشخاص المرتبطين بطائفة يوم القيامة في مدينة ماليندي الساحلية على المحيط الهندي.
وبدأت محاكمة بول نثينج ماكنزي في مومباسا في وقت سابق من هذا الأسبوع بتهمة الإرهاب والقتل فيما يتصل بوفاة أكثر من 440 من أتباعه، وينفي ماكنزي هذه الاتهامات، فيما يُزعم أنه شجع الرجال والنساء والأطفال على تجويع أنفسهم من أجل "لقاء يسوع"، في واحدة من أسوأ المجازر المرتبطة بالطائفة في العالم.
انتفاضة الضرائب
وتعيش كينيا أزمة كبرى منذ نهاية شهر يونيو الماضي، وذلك عندما انطلقت كرة النار باحتجاجات دامية خرجت عن سيطرة كافة الأطراف، سواء الحكومة صاحبة الخطوة الأولى في شرارة الغضب بمحاولة تمرير قانون ضرائب مثير للجدل، أو المعارضة التي دعت للتظاهرات، ولكن الغضب الشعبي فاق تحركاتها، وأصحبت المواجهات في الشارع دامية، وأصبح القتلى بالعشرات، وأصبحت البلاد على صفيح ساخن لا يعلم أحد إلى أين قد تؤول الأمور.
وخلال الأحداث التى أطلق عليها «انتفاضة الضرائب»، أطلقت الشرطة الكينية الغاز المسيل للدموع في العاصمة نيروبي ومدينة مومباسا الساحلية لتفريق الاحتجاجات المناهضة للحكومة، وفي وسط المدينتين، فيما ظلت العديد من الشركات مغلقة، كما خرج المتظاهرون إلى شوارع مدن أخرى، بما في ذلك كيسومو، وتقول جماعات حقوق الإنسان إن 39 شخصا قتلوا على أيدي قوات الأمن منذ بدء الاحتجاجات ضد مشروع قانون للضرائب مثير للجدل قبل بداية الأزمة بأسبوعين.