شهدت الضواحي الجنوبية الشرقية لمدينة خان يونس بقطاع غزة، مساء الثلاثاء الماضي، ساعات هدوء غير معتادة، وتوقف أزيز الطائرات بدون طيار، ولم تحدث انفجارات لساعات، وأخذ الأطفال يلعبون، ومن بينهم ريتا أبو حماد البالغة من العمر ثماني سنوات، خارج مدرسة تحولت إلى منزل، بينما انخرط الكبار والمراهقون في الأنشطة اليومية.
الغارة الجوية المدمرة
وفجأة سقط صاروخ. قالت ريما أبو حماد، والدة ريتا: "كان صوت الصراخ والرماد والدم هو الشيء الوحيد الذي يمكنك سماعه ورؤيته وشمه".
وفي يأس، بحثت ريما عن ابنتها وسط المذبحة. "كانت هناك جثث كثيرة، بما في ذلك أطفال ونساء ورجال، بعضها مقطع إلى أشلاء، وبعضها محترق حيا.. وكان الشارع بركة من الدماء.. ولكن لم يكن هناك أي أثر لطفلي".
الإصابات الجماعية في المناطق الإنسانية
كانت تلك الغارة الجوية على عبسان، التي زعم جيش الاحتلال الإسرائيلي أنها استهدفت أحد نشطاء حماس، جزءا من أسبوع من العنف المكثف، ويوم أمس السبت، قتلت غارة جوية إسرائيلية أخرى ما لا يقل عن 90 فلسطينيا في منطقة إنسانية وفقا لتصنيف الاحتلال، مستهدفة القائد العسكري لحركة حماس محمد ضيف. ووصلت حصيلة الشهداء إلى أكثر من 38500 شخص في قطاع غزة منذ بدء الغزو الإسرائيلي قبل تسعة أشهر.
تفاقم الأزمة الإنسانية
ويؤدي العنف إلى تفاقم الأزمة الإنسانية الأليمة بالفعل. ووصف مسؤول كبير في الأمم المتحدة الوضع بأنه "رؤية يومية للرعب" مع نقص الأدوية والغذاء والمياه، وتعاني المستشفيات، مثل مستشفى ناصر في خان يونس، من ضغوط شديدة.
وقال الدكتور محمد صقر، رئيس قسم التمريض في مستشفى ناصر: "لقد قمنا بمعالجة المصابين على أرضية منطقة الاستقبال أو في الممرات".
قصص شخصية عن البقاء والخسارة
في أعقاب الغارة الجوية في عبسان، بحثت ريما أبو حماد وعائلتها في المستشفيات بحثًا عن ريتا، وتم العثور عليها في النهاية حية لكنها مصابة بجروح خطيرة. "شعرت بسعادة غامرة وحزن شديد في نفس الوقت.
قالت ريما، مما يعكس المشاعر المعقدة التي يشعر بها الكثيرون في غزة: "لقد كنت سعيدًا لأنني لم أفقدها، فهي لا تزال على قيد الحياة معي".
يواجه السكان خيارات مستحيلة
وفي الشجاعية، المعقل السابق لحماس، لا يزال الوضع سيئا، ويرفض العديد من السكان، مثل محمد أبو أحمد، المغادرة رغم الخطر.. وقال: "لن أغادر لأننا مررنا بالكثير بالفعل"، مشيراً إلى الصعوبات في نقل والدته المعاقة.
وفر آخرون، مثل فتحي السمري، إلى مناطق أكثر أمانًا، ولكن على مضض.. وأوضح أن "باقي أفراد الأسرة رفضوا المغادرة للحفاظ على ممتلكاتنا لأنهم يخشون عدم السماح لهم بالعودة مرة أخرى".
لا نريد سوى وقف الحرب
إن سكان غزة منهكون بسبب العنف الذي لا هوادة فيه. وأعرب خالد أبو عنزة، الذي نجا من الغارة الجوية في عبسان، عن شعور يشاركه فيه الكثيرون: “هذا يكفي، لم تعد لدينا طاقة.. نحن متعبون.. لا نريد أي شيء، فقط وقف الحرب”.