يحتفي المسلمون بذكرى يوم عاشوراء بعد غدا الإثنين ، وهو اليوم العاشر من شهر محرم، ذلك اليوم الذي كتب الله تعالى فيه النجاة لنبيه موسى عليه السلام ومن آمن معه من فرعون، وفي السطور التالية نستعرض كيف نجى الله نبيه موسى وقومه من فرعون.
كيف نجى الله موسى؟
عرف فرعون بالتجبر والتكبر في الأرض، حتى إنه ادعى الألوهية بين قومه فقال: "أنا ربكم الأعلى"، وكفر بوجود الله سبحانه وتعالى وقضى حياته بالتنكيل ببني إسرائيل، وخلال الموضوع التالي نستعرض كيف نجى الله موسى وقومه؟.. فقد بعث الله له نبيه موسى وأخيه هارون ليكون معجزة يتحدى بها ذلك المتجبر، فجمع النبي موسى قومه للخروج، فتبعهم فرعون وجنوده، فجاء الوحي في ذلك اليوم العظيم للنبي موسى عليه الصلاة والسلام أن يضرب البحر بعصاه. قال الله تعالى: "فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم".
انقسم البحر قسمين؛ قسما عن اليمين وقسما عن الشمال، كل واحد منهما كأنه جبل مائي عظيم، وأصبح بينهما طريق يابس وأرض ممهدة. فلما رأى فرعون هذه الآية العظيمة والمعجزة الخالدة لسيدنا موسى عليه الصلاة والسلام لم يتعظ، ولم يعتبر، بل إنه لج في طغيانه، ومضى بجنوده يلحق سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام وقومه، لكن الله سبحانه وتعالى تدارك سيدنا موسى عليه السلام بلطفه، وعذب فرعون ومن كان معه من الطغاة، فأغرقه الله عز وجل في ذلك البحر، وجعله آية تتلى على مر الزمان والدهور.
ونجى الله - سبحانه وتعالى- موسى -عليه السلام- ومن آمن معه من بني إسرائيل. قال الله تعالى:( ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين) . هذا هو العذاب الذي عاقب الله به قوم فرعون الذين تجبروا وتكبروا، ولم يتعظوا بما جاء به سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام.
فلم يكن فرعون ليؤمن بالله سبحانه وتعالى ربا، ولا بسيدنا موسى عليه الصلاة والسلام نبيا ورسولا، بل كان يقول لقومه: “ما علمت لكم من إله غيري". فطغى وتجبر وكفر، لكن الله سبحانه وتعالى بالمرصاد لكل من يتجبر ويتكبر، ومن خصائصه سبحانه وتعالى أنه يقصم ظهور الجبابرة. وهذا درس عظيم ينبغي أن يتعظ به كل الناس، فلا يجوز للإنسان أن يتكبر أو يتجبر في الأرض، أو يطغى على الناس أو يظن نفسه أنه بلغ رتبة لا يستطيع أحد أن يقف في وجهه أو أن يقول له: لا.
كان مع موسى - كما تقول الروايات - ستمئة ألف من المؤمنين، وكان مع فرعون مليون وستمئة ألف ممن لم يؤمن بسيدنا موسى عليه السلام، بل كانوا جندا مجندة لفرعون، يدافعون عن الباطل، ويناصرون الكبرياء والجبروت. فكانت إرادة الله سبحانه وتعالى أن يأمر البحر بالالتطام على فرعون وجنوده، فالتطمت عليه أمواج البحر، فأغرقه الله سبحانه وتعالى والذين معه وأنجى سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام.
تدارك فرعون الأمر في اللحظات الأخيرة حينما أشرف على الغرق، فقال: "آمنت أنه لا إله إلا الذي أمنت به بنو إسرائيل"، فأجابه الله سبحانه وتعالى بقوله:"آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين"، ويقول سبحانه:"وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون".
دروس وعبر من يوم عاشوراء
التواضع من خلق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فمن تواضع لله رفعه، ومن تكبر وضعه. وهذا سنة من سنن الله سبحانه وتعالى في هذا الكون، فليتعظ الإنسان مما حصل مع فرعون المتكبر، المتجبر. والذي حصل مع سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام حينما دخل البحر الأحمر وأمره الله سبحانه وتعالى أن يضرب البحر، كانت هذه معجزة خالدة لسيدنا موسى عليه السلام.
في أي سنة فرض صيام عاشوراء؟
اختلف في شأن صيام عاشوراء إلا أنه في الثابت أنه يعود إلى السنة الثانية للهجرة، حيث كان صيام ذلك اليوم، واجبا على كل مسلم، وعندما فرض الله صيام رمضان ترك يوم عاشوراء، فمن شاء صامه، ومن شاء لم يصمه.
فقد روي عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "كانت قريش تصوم عاشوراء في الجاهلية وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يصومه فلما هاجر إلى المدينة صامه وأمر بصيامه فلما فرض شهر رمضان قال من شاء صامه ومن شاء تركه"، وأيضا روي عن الرسول - صلى الله عليه وسلم- أنه عندما هاجر إلى المدينة المنورة، وتبين له أن اليهود يصومون ذلك اليوم فرحا بنجاة موسى عليه السلام، قال عليه الصلاة والسلام: "أنا أحق بموسى منكم فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصومه".
حكم صيام عاشوراء
بين مركز الأزهر العالمي للفتوى الإليكترونية حكم صيام عاشوراء، قائلا إن النبى محمد صلى الله عليه وسلم، سن لنا صيام يوم عاشوراء، لما فيه من تكفير للسيئات، وزيادة فى الحسنات، فعن أبى قتادة رضى الله عنه عن سيدنا رسول الله ﷺ قال: "صوم عاشوراء يكفر السنة الماضية".
وأشار إلى أنه يستحب صيام يوم التاسع من محرم مع عاشوراء، لقول النبى: “فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع"، لافتا إلى أن صيام يوم عاشوراء على ثلاث مراتب، الأولى إفراد يوم عاشوراء بالصوم، والثانية صيامه وصيام يوم قبله أو يوم بعده، والثالثة صيامه وصيام يوم قبله ويوم بعده.