عجبًا لتلك الأيام التي تتبدل فيها الأحوال فيها بين ليلة وضحاها ، ففي مثل هذا التوقيت في يونيو 2013 م ، كانت أوروبا كلها ضد الدولة المصرية وما يحدث بها من تغير وحراك شعبي شريف ، ولكن يشاء القدير أنه في نفس التوقيت وبعد قرابة عقد كامل وفى نفس الذكرى ينعقد المؤتمر المصري الاوروبى ، تلك القمة الاقتصادية رفيعة المستوى والتي تأتى بعد مائة يوم من توقيع الشراكة الشاملة بين الاتحاد الاوروبى والدولة المصرية .
ليس هذا فحسب ، بل أن تلك القمة ترتقي بمستوى العلاقات الثنائية بين الاتحاد الاوروبى والدولة المصرية إلى مستوى أرفع ، حيث إن العلاقات الاقتصادية والإستراتيجية بين الطرفين واسعة وشاملة ، منها وثيقة أولوية الشراكة 2021 – 2027 م والتي اتفق الجانبين فيها على معالجة اجتماعية واقتصادية للآثار السلبية الناجمة عن كوفيد 19 وعلى تكامل اقتصادي أكبر ، كما يوجد برنامج الاتحاد الاوروبى للتنمية الريفية وهو موجه لثلاث محافظات ، ألا وهما الفيوم ومطروح والمنيا بالتعاون مع مكتب العمل الايطالي ، كما أن هناك تمويل مالي من البنك الاوروبى لإعادة الاعمار والتنمية يشمل تطوير الصعيد وخاصة ملف المياه وكثير من الملفات التنموية .
لا تأتى رغبة الاتحاد الاوروبى في التعاون والشراكة مع مصر من فراغ ، ولكن يأتي ذلك نتيجة عدة أسباب، منها الخاص بطيب العلاقات السياسية وتوطيد العلاقات بين الطرفين واشتراك الرؤى السياسية بين الجانبين حيال قضايا المنطقة وتعويل الاتحاد الاوروبى على مصر في تهدئة الأوضاع الملتهبة خاصة في القضية الفلسطينية ، وإنفاذ المساعدات الاغاثية لقطاع غزة وتنسيق تلك المساعدات القادمة من كافة البلدان العربية والغربية ، كما أن الاتحاد يرى الدولة المصرية دولة مفتاحيه قادرة على الربط بين ثلاث قارات ، وحلقة وصل هامة وبوابة لإفريقيا وصمام أمان لساحل المتوسط ودولة محورية في الوطن العربي والشرق الأوسط.
أمّا ما يخص المقومات الداخلية للاستثمار في مصر فحدث ولا حرج ! فمن أهم تلك المقومات والتي ينظر لها المستثمر الغربي ، هي البنية التحتية والتي حظت باهتمام كبير من الدولة المصرية ، فبدون بنية تحتية قوية في الدولة ، لن يُنظر لها كواحدة من وجهات الاستثمار على الإطلاق .
يأتي في المقام الثاني شيئان ؛ ألا وهما ، الرؤية ومُناخ وفرص الاستثمار ، فمصر تمتلك رؤية قوية وهى رؤية 2030 ورؤية حيال الفرص الاستثمارية المتاحة والمرغوب في الاستثمار فيها وهى نقطة هامة جدًا ، لأنها تتميز بالانتقائية حفاظا على موارد الدولة المصرية وتلبى رغبة المستثمر الهادف في الاستثمار في مجال معين مثل الاقتصاد الأخضر ، والهيدروجين الأخضر.
إن الاستثمار الناجح لا يضمن فقط الربح وتوفير فرص العمل بل يضمن الدعم السياسي في كافة القضايا وتحسن العلاقات الاقتصادية وتوطيد أواصر التعاون.
فالظلام لابد أن ينقشع يومًا ما بالعمل والصبر حتمًا سينقشع بفضل إرادة قوية تمتلكها الدولة المصرية.