قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

نجاة عبد الرحمن تكتب: أبطال مجهولون

×

وَسَط لهيب النيران الجميع يتخذ موقع المشاهدة دون تقديم أدنى مبادرة في محاولات الإطفاء، ماعدا أبطال غير معروفين لا يظهرون عبر الفضائيات و لا يتصدرون التريند و لم تتحدث عنهم السوشيال ميديا، و لا يعرفون اللايف لحصد اللايكات لجمع الأموال، لانهم بلا صوت، كل مهمتهم اقتحام الحريق و العمل على إنقاذ الأرواح و إخماد الحريق في ثواني معدودة، دون انتظار كلمة شكر أو مكافأة من أحد.

إنهم رجال الحماية المدنية الأبطال الحقيقيون و الجنود المجهولين في كل محنة و كارثة، تجدهم في حالة نشوب حرائق و انهيار المنازل يتسابقون لإنقاذ الضحايا، تجدهم في أى موقع حريق يقتحمون النيران بثبات، و إنقاذ المواطنين من حوادث الطرق.

في الحقيقة قطاع الحماية المدنية يعد أصعب قطاع بوزارة الداخلية، رجاله يعملون طوال ال24 ساعة عكس بعض القطاعات الأخري المتصلة بالعمل مع الجمهور، بخلاف طبيعة عمل هذا القطاع الذي يقوم أساس مهمته على إطفاء الحرائق و التعامل المباشر مع لهيب النيران التي من النادر لا تترك بصماتها على من يتواجد داخلها، و بالرغم من ذلك نجد أبطال في سن الشباب يتسابقون لإلقاء أنفسهم وَسَط لهيب و ألسنة النيران من أجل حماية المواطنين و إنقاذ العالقين بها.

ما دفعني لكتابة هذا المقال هو إحتكاكِ خلال هذا الأسبوع و التعامل مع أبطاله من أجل إجراءات الحماية المدنية لمؤسسة إيزيس للخدمات الاجتماعية لدعم وتدريب و تأهيل و تعليم و توظيف ذوي القدرات الخاصة، التابعة لوزارة التضامن الإجتماعي وجدت مبادرات رائعة من اللواء هيثم شحاته مدير الحماية المدنية بالقليوبية و الرائد مدحت بوحدة إطفاء شبرا الخيمة و الرائد مصطفى، قاموا بتقديم الدعم لأولادنا من ذوي القدرات الخاصة و علمت من أهالي شبرا الخيمة انهم يقدمون الدعم للجمعيات الخيرية و التبرع بأدوات و مستلزمات الحماية من الحرائق كمساهمة من ذلك القطاع لدعم المجتمع بخلاف شنط رمضان و ملابس و ألعاب للأطفال توزع عليهم بالمجان في الأعياد و المناسبات.

فضلا عن دورات التثقيف و التدريب التي تعقد للمواطنين للتوعية بكيفية التعامل مع الحرائق بطرق علمية دون حدوث خسائر في الأرواح، وكذلك عمليات إخلاء المبنى في حالة الانهيار.


لعلنا جميعا نذكر أول زلزال عاصرناه نحن جيل الثمانينيات، كان زلزال 13 أكتوبر عام 1992، كان أول زلزال نتعايش معه و نحن أطفالا كان الجنود المجهولين و الدينامو في ذلك الزلزال هم رجال الحماية المدنية أو رجال المطافيء، كانوا ينتشرون كخلايا النحل في كل ربوع مصر لإنقاذ الأرواح من تحت الأنقاض.

و فى موجة الحرائق التي شهدتها مصر فى 28 يناير عام 2011 ضمن أحداث الربيع العبري كان الجنود المجهولين في إطفائها هم أبطال ذلك القطاع الذي لم يعبأ بما تعرضت له وزارة الداخلية بالكامل و ظل أبطاله يمارسون عملهم الإنساني للحفاظ على الأرواح البشرية و الممتلكات العامة و الخاصة رغم ما تعرضوا له.

و بالرغم من ذلك مرتباتهم ليست كبيرة بالقدر الذي يتخيله البعض، فهم في النهاية موظفين ضمن الكادر الوظيفي للدولة يخضعوا لنظام المرتبات الحكومية.

كل صباح يودع البطل أسرته سواء بإجراء مكالمة تليفونية إذا كان نبطشى لمدة 48 ساعة أو عند خروجه من منزله بعد عطله يوما واحدا بعد أسبوع عمل شاق متواصل قبل خروجه في مهمة نيرانية لا يعلم إذا كان سيعاود سالما أم من الممكن أن يذهب ضحية شهيدا وَسَط النيران، تاركا وصيته لأسرته في مكتبه مدون بها الاقساط و الديون المستحقة عليه المطالب بسدادها و لم يمهله القدر سدادها.

يتلقى أبطال الحماية المدنية تدريبات عدة على أعلى مستوى عالمي لكيفية التعامل مع جميع أنواع الحرائق و مراحلها، بتقنيات متطورة طبقا للتطور التكنولوجي.

يتكون فريق إخماد الحرائق البسيط من أربعة اثنان يقتحمون النيران و أخر يقوم بتوصيل خرطوم المياه و أخر يقوم بتوصيل خرطوم مياة لسيارة الإطفاء من أقرب صنبور مياة لضمان استمرار احتفاظ السيارة بكميات مياه وافرة.
بينما الحرائق الكبرى تستلزم فريق عمل متكامل متعدد الأدوات .

يتحلى رجال الحماية المدنية بالثبات الانفعالي، الجرأة والشجاعة، الصبر و القوة و القدرة على المواجهة و الصمود و الثقة بالنفس، العمل الإنساني، و تقديم العون و المساعدة و التضحية، القدرة على تقديم الإسعافات الأولية للضحايا، فهو قطاع إنساني لأبعد الحدود.

تخيل عزيزي القاريء نفسك وجدت حريقا ضخما و الجميع يشاهدون و يلتقطون صور سيلفي مع الحريق غير عابئين بصراخات الضحايا فما هو الحال إذا لم يتحرك أبطال الحماية المدنية لنجدتهم مغامرين بأنفسهم لإنقاذ آخرين.
كنّا سنجد الحرائق أنتقلت من مبنى لأخر و تفحمت جثامين الضحايا و الوضع أصبح كارثة إنسانية تقشعر لها الأبدان.

لم يقف دور رجال الحماية المدنية عند ذلك الحد بل لعلنا نتذكر جميعا فيلم بين السماء و الأرض للفنانة الراحلة هند رستم عندما ظل أبطاله عالقين داخل الأسانسير و أستعرض الفيلم الدور البطولي لرجال المطافيء لإنقاذهم.

في النهاية رجال المطافيء يغامرون بأجسادهم في كل دقيقة مع كل ثانية تنشب فيها حرائق في ظل موجات الحر التي تشهدها البلاد نتيجة التغيرات المناخية و التي تزداد معها معدلات الحرائق ليقتحموا بأجسادهم طوفان من النيران على مدار اليوم، عيونهم لا تعرف معنى النوم أجسادهم لا تعرف الراحة أرواحهم لا تعرف الرفاهية و برودة التكييف.

كان الله فى عونهم و عون جميع الأبطال و حفظ مصر و أهلها من كل شر.