اجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال ورد اليها عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك مضمونة: "ماذا يُقال في سجود الشكر لله تعالى وفي سجود السهو؟".
لترد دار الإفتاء موضحة: انه إذا سجد الإنسان شكرًا لله تعالى استحبَّ له أن يقول ما يقوله في سجود التلاوة، فيقول كما في حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ» رواه أبو داود، وزاد الحاكم: ﴿فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾.
ويُستحبُّ أن يقول أيضًا كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «اللَّهُمَّ اكْتُبْ لِي بِهَا عِنْدَكَ أَجْرًا، وَضَعْ عَنِّي بِهَا وِزْرًا، وَاجْعَلْهَا لِي عِنْدَكَ ذُخْرًا، وَتَقَبَّلْهَا مِنِّي كَمَا تَقَبَّلْتَهَا مِنْ عَبْدِكَ دَاوُدَ» رواه الترمذي. كما يُستحب له أن يقول ما يقوله في سجود الصلاة مع الإكثار من حمد الله وشكره.
وقال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن أكثر العلماء ذهبوا إلى استحباب سجود الشكر عند تجدد نعمة أو اندفاع نقمة، فيسن سجود الشكر عند تجدد النعم كمن بشر بهداية أحد، أو إسلامه، أو بنصر المسلمين، أو بشر بمولود ونحو ذلك.
وأضاف «جمعة» خلال فيديو مسجل له عبر صفحته الرسمية أنه يجوز للمسلم أن يسجد سجدة للشكر بعد انتهاء الصلاة، وقد فعل ذلك بعض الصالحين، منوها بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يفعل ذلك، ورغم هذا فإنها ليست بدعة.
وأشار إلى أن علي بن الحسين زين العابدين ما ذكر نعمة الله عليه إلا سجد، ولا قرأ آية من كتاب الله عز وجل فيها سجود إلا سجد، ولا دفع الله تعالى عنه سوء يخشاه أو كيد كائد إلا سجد، ولا فرغ من صلاة مفروضة إلا سجد، ولا وفق لإصلاح بين اثنين إلا سجد، وكان أثر السجود في جميع مواضع سجوده، فسمي السجاد لذلك.
هل يشترط الوضوء لسجود الشكر
أكد علي جمعة أن عدم اشتراط الوضوء لسجدة الشكر؛ هو ما ذهب إليه بعض المالكية وابن تيمية وابن القيم والشوكاني والصنعاني، وقال العلامة قاسم بن ناجي التنوخي المالكي في "شرحه على متن الرسالة لابن أبي زيد القيرواني" (1/ 221، ط. دار الكتب العلمية): [(ولا تسجد السجدة في التلاوة إلا على وضوء): ... ويقوم -يعني يتحصل- من كلام الشيخ -ابن أبي زيد القيرواني- أن سجود الشكر على القول به يفتقر إلى طهارة وهو كذلك على ظاهر المذهب، واختار بعض من لقيناه من القرويين عدم افتقاره إليها، بل يسجد بلا طهارة؛ لأنه إذا تركه حتى يتطهر أو يتوضأ أو يتيمم زال سؤال سجوده منه].
حكم سجدة الشكر
قالت دار الإفتاء: ولهذه الأحاديث وغيرها ذهب محمد وأبو يوسف من الحنفية والشافعي وأحمد إلى أن سجدة الشكر سنة، وذهبوا إلى أنها يشترط لها ما يشترط في الصلاة من الطهارة وستر العورة ونحوهما؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم فيما أخرجه الإمام مسلم: «لا تقبل صلاة بغير طهور»؛ فيدخل في عمومه السجود، ولأنه صلاة فيشترط له ذلك كالصلاة المعتادة، وبالقياس على سجود السهو؛ فإنه يشترط له ذلك.
ونقلت قول الإمام البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (1/ 446، ط. دار الكتب العلمية): [وهي -أي سجدة التلاوة وسجدة شكر- صلاة؛ (فيعتبر لهما ما يعتبر لصلاة نافلة من الطهارة وغيرها)؛ كاجتناب النجاسة واستقبال القبلة وستر العورة والنية؛ لأنه سجود لله تعالى يقصد به التقرب إليه، له تحريم وتحليل، فكان صلاة كسجود الصلاة والسهو]. وروي عن الإمام الشعبي ما ينبئ عن أنه لا تشترط فيها الطهارة ولا استقبال القبلة، فقد ورد ذلك عنه في سجود التلاوة؛ قال الإمام ابن قدامة في "المغني" (1/ 444، ط. مكتبة القاهرة): [وعن الشعبي فيمن سمع السجدة على غير وضوء: يسجد حيث كان وجهه].