كلما سمعت عن أزمات داخل كيان الاحتلال الإسرائيلي، أو شاهدت صورا لمظاهرات صاخبة ضد رئيس الوزراء وحكومة الحرب الإسرائيلية، أو سمعت أذناك حديثا عن تعثر مفاوضات وقف إطلاق النار مع رفض حماس أي صفقة بدون وقف نهائي للحرب، فعليك الإسراع بفتح الأخبار الخاصة بغزة، حتى تشاهد منهجية التجويع التي يمارسها جيش الاحتلال للتغطية على جميع أشكال فشل حكومة المتطرف بنيامين نتنياهو.
ورغم المعاناة العامة لسكان القطاع، إلا أنه يبدو أن لتلك الشدة أو الكارثة، شدة وكارثة أعظم منها، وهذا هو حال القطاع فى تلك الأيام، فقد أكد بيان للأمم المتحدة نقلا عن خبراء مستقلين وفاة المزيد من الأطفال الفلسطينيين بسبب الجوع وسوء التغذية في قطاع غزة مؤخرا، وهو ما يشير إلى انتشار المجاعة في مختلف أنحاء القطاع.
ويرصد “صدى البلد” ما جاء فى الصحف العالمية حول تفاصيل ما يحدث بالقطاع.
الوصول لمعدلات المجاعة
بحسب تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي الصادر الشهر الماضي، فإن ما يقدر بنحو 495 ألف شخص في غزة ــ أو 22% من السكان ــ "يعانون من نقص حاد في الغذاء"، وبموجب نظام التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي ــ وهو مقياس من خمس مراحل يستخدم كمعيار مشترك لتصنيف شدة انعدام الأمن الغذائي ــ لا يمكن إعلان المجاعة إلا إذا أظهرت البيانات استيفاء عتبات معينة.
ووفقا لشبكةCNN الأمريكية، ففي بيان الأمم المتحدة الذي نشر أمس، الثلاثاء، قالت مجموعة الخبراء: "إن حملة التجويع المتعمدة والمستهدفة التي تشنها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني هي شكل من أشكال العنف الإبادي الجماعي وأدت إلى المجاعة في جميع أنحاء غزة".
وأضافوا: "إننا ندعو المجتمع الدولي إلى إعطاء الأولوية لإيصال المساعدات الإنسانية عن طريق البر بأي وسيلة ضرورية، وإنهاء الحصار الإسرائيلي، وتثبيت وقف إطلاق النار".
وقال الخبراء إن وفاة الأطفال بسبب نقص الغذاء والماء تشير إلى ضعف البنية الصحية والاجتماعية بشكل خطير، وأضافوا: "عندما يموت الطفل الأول بسبب سوء التغذية والجفاف، يصبح من غير الممكن دحض أن المجاعة قد استولت".
وأشار البيان إلى وفاة ثلاثة أطفال فلسطينيين، فايز عطايا البالغ من العمر ستة أشهر، وعبد القادر السرحي البالغ من العمر 13 عامًا، وأحمد أبو ريدة البالغ من العمر 9 سنوات، وقال إنهم ماتوا بسبب سوء التغذية وعدم القدرة على الحصول على الرعاية الصحية الكافية في أواخر مايو وأوائل يونيو.
من شمال غزة إلى المناطق الوسطى والجنوبية
وبحسب الشبكة الأمريكية، فقد أكد الخبراء أن هؤلاء الأطفال ماتوا جوعاً رغم تلقيهم العلاج وسط غزة، مشيرين إلى أن المجاعة انتشرت الآن من شمال غزة إلى المناطق الوسطى والجنوبية، فيما رفضت البعثة الإسرائيلية الدائمة لدى الأمم المتحدة في جنيف هذا البيان، زاعمة أن الخبراء "ينشرون معلومات مضللة" و"يدعمون دعاية حماس".
وفي يونيو، أفاد مركز تنسيق الطوارئ الإسرائيلي بتدهور الوضع الإنساني في أعقاب إطلاق إسرائيل عملياتها العسكرية في رفح، فقد ظل معبر رفح ـ وهو الطريق الحيوي للمساعدات الإنسانية إلى غزة ـ مغلقاً منذ أوائل مايو.
إزالة الرصيف الأمريكي
وفي غضون ذلك، سيتم إزالة رصيف عسكري أمريكي أقيم قبالة ساحل غزة، والذي حظي بإشادة كبيرة ولكنه محفوف بالمشكلات في نهاية المطاف، بشكل دائم قريبًا، وفقًا لمسئولين أمريكيين.
واجهت عملية الرصيف المؤقت التي تبلغ تكلفتها 230 دولارًا أمريكيًا - والمقصود منها أن تكون خيارًا بديلًا لتوزيع المساعدات عن الطرق البرية - ومقرها ميناء أشدود الإسرائيلي، العديد من التحديات منذ أن بدأت عملياتها في منتصف مايو.
وفي الشهر الماضي، انقطعت شبكة الموانئ عن غزة بسبب سوء الأحوال الجوية، ولكن سيتم إعادة ربطها مرة أخيرة لتوصيل أي مساعدات متبقية من قبرص ومن رصيف عائم يرسو على بعد عدة أميال من الشاطئ، وقد تم تسليم أكثر من 19.4 مليون رطل من المساعدات عبر الرصيف إلى منطقة التجميع في غزة منذ بدء عملياتها.
بنية العمل الإنساني الأساسية بغزة دمرت
وقالت الأمم المتحدة إن العاملين في مجال المساعدات الإنسانية ما زالوا يواجهون مخاطر هائلة أثناء محاولتهم توزيع المساعدات التي تشتد الحاجة إليها في غزة، ووفقاً للتقرير نفسه، فإن أغلب البنية الأساسية التي تدعم العمل الإنساني في غزة دمرت في حرب الإبادة بحق أهل قطاع غزة.
ووصفت منظمة "أكشن إيد" الدولية بيان خبراء الأمم المتحدة بأنه "تحذير صارخ"، وفي بيان أصدرته اليوم، الأربعاء، قالت المجموعة: "إن هذه وصمة عار على ضمير الإنسانية وأزمة من صنع الإنسان يمكن منعها بالكامل، ولا يمكن للعالم أن يجلس مكتوف الأيدي ويشاهد المزيد من الأطفال يموتون بسبب نقص الغذاء: يجب السماح بدخول المزيد من المساعدات المنقذة للحياة إلى غزة على الفور".
وأضافت المجموعة: "ندعو جميع الدول إلى استخدام كل وسيلة دبلوماسية متاحة لها لتحقيق وقف إطلاق نار دائم الآن".
الأطفال أول ضحايا المجاعة
وقد أدت الحرب الإسرائيلية على غزة إلى استنزاف النظام الصحي في القطاع، مما جعل العاملين غير قادرين على علاج الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية.
وقال الأطباء لشبكةCNN في وقت سابق إنهم مضطرون إلى رفض الآباء الذين يتسولون للحصول على حليب الأطفال، وغير قادرين حتى على فرز المرضى الصغار الذين يعانون من أمراض مزمنة تتفاقم بسبب الجوع الشديد.
وبينما تواصل إسرائيل حصارها لقطاع غزة، مما يمنع منظمات الإغاثة من إدخال كميات كافية من الغذاء إلى القطاع، يقول الآباء إنهم لا يملكون خياراً سوى مشاهدة أطفالهم يموتون جوعاً.
وفي 22 يونيو، أفاد مكتب الإعلام الحكومي بأن 34 طفلاً على الأقل لقوا حتفهم بسبب سوء التغذية في غزة، وقد يكون العدد الحقيقي أعلى من ذلك، حيث أعاقت محدودية القدرة على الوصول إلى القطاع جهود وكالات الإغاثة لتقييم الأزمة هناك بشكل كامل.